مطالبة بإحياء أسواق مكة القديمة لترسيخ الموروث الحضاري العربي

  • 11/11/2021
  • 19:10
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عد مهتمون بالتاريخ والآثار أسواق العرب في الجاهلية بمثابة السوق العربية المشتركة التي سبقت نشأة السوق الأوروبية المشتركة بقرن ونصف القرن، مطالبين بإحياء سوقي مجنة وذي المجاز أسوة بسوق عكاظ، من خلال إقامة مهرجانات سنوية تعيد لتلك الأسواق برقيها وصيتها.ولفتوا إلى أن الأسواق العربية كانت تمثل قبائل مختلفة من العراق ومصر وعمان واليمن ونحوهم، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام يقف في منازل العرب يشرح لهم دعوته، حيث كان لعكاظ دور فاعل في الدعوة للإسلام إذ حضر عليه الصلاة والسلام هذه السوق لدعوة الناس إلى الإسلام وتحريرهم من الوثنية والشرك. أميز أسواق العربوأوضح مدير مركز تاريخ مكة الدكتور فواز الدهاس لـ»مكة» أن التجار كانوا يأتون بتجارتهم إلى سوق عكاظ من 1 إلى 20 ذي القعدة، فيلتقي التاجر اليمني بالعراقي والنجدي بالحجازي والعماني بالشامي كما يلتقي تجار فارس والحبشة وكسرى، حيث تكون هناك تجارة متنوعة تكمل احتياجات هذه الجهات المختلفة، فيعرض فيه الأدم والبارود والسلاح والحرير والزيوت والزبيب والرماح والخيل الأصيلة. كما اختص سوق عكاظ بنظم متميزة جعلته أميز أسواق العرب فاتخذت كل قبيلة جهة منه.وتابع: «تنتقل كل الجموع التي في عكاظ إلى سوق مجنة على طريق المدينة وطريق الحاج الشامي والمصري وتستمر هناك كل أنواع البرامج المختلفة ويمكثون في سوق مجنة عند الجبل الأصفر على طريق المدينة ويستمرون فيه من 21 إلى 30 ذي القعدة، حيث يعطي فرصا للقبائل التي لم تتمكن من المجيء إلى سوق عكاظ، فإذا انتهى ذي القعدة انتقلوا جميعا إلى سوق ذي المجاز المقابل لعرفة فباعوا واشتروا من 1 إلى 8 ذي الحجة؛ لأنه قبل الإسلام كان يحرم البيع والشراء وقت الحج.مواهب لغويةوأضاف الدهاس «لم تكن هذه الأسواق العربية أسواقا تجارية وحسب بل كانت أيضا لاستعراض مواهبهم اللغوية من الخطب والأشعار وتلاقح الأفكار من العرب وغيرهم من زوارها، فكان عكاظ من أسواق العرب فيما قبل الإسلام وبعده وكانت تقام فعالياته السنوية لأغراض مختلفة أدبية تجارية سياسية اجتماعية، كما أن عكاظ أيضا يمثل منبرا للرأي والسياسية بين قبائل العرب وعقد الصلح والاتفاقيات والتحالفات كما أنه كان يمثل منتدى للشعر والبلاغة والخطابة، واستمرت هذه الأسواق حتى سنة 129هـ حيث توقفت، فتوقف سوق عكاظ بعد 5 قرون بعد نشاط تجاري وأدبي بسبب ثورة الخوارج في مكة وعلى رأسهم المختار بن عوف الأزدي الذي دمر عكاظ فخاف الناس على أرواحهم وأموالهم، كما أن من أسباب ضعف سوق عكاظ ونهايته اهتمام المسلمين وقتها بالفتوحات الإسلامية ونشر الإسلام»، لافتا إلى أن الملك فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله - اهتم بهذه السوق ووجه بتحديد موقعه ونصبت خيام ودراسته من قبل مختصين آنذاك ويعود إليه الفضل في إعادة فكرة إحيائه، ثم بذلت محافظة الطائف في 1428 هـ مجهودا بدعم فعاليات هذه السوق لإحيائها وإبراز الأمجاد العربية التي تجسدت في فعاليتها واستمر الأمر كذلك، وعندما تولى الأمير خالد الفيصل إمارة منطقة مكة المكرمة اهتم بهذه السوق ووقف بنفسه مع المختصين على موقعه وتحديد معالمه والمساهمة في وضع البرامج والفعاليات التي تصاحبه وكانت قفزة متميزة لسوق عكاظ حسب رؤية الأمير خالد الفيصل حيث أصبح مجالا للشعر والأدب والمحاضرات والندوات والأسواق الشعبية وغيرها من البرامج، فتوفقت الجهات في إحياء سوق عكاظ حتى أضحى معلما من معالم السياحة والثقافة والتقاء مثقفي العالم.بئر ذي المجازوزاد بأن ذي المجاز كونه يمثل منطقة صغيرة، إذ إنه بالإمكان استغلال المنطقة المحيطة به بهدف إنعاش المخططات في تلك الناحية مثل حي الراشدية وإقامة فعاليات بصورة مختصرة لما نشهده في عكاظ والمجنة وترميم بئر ذي المجاز وما تهدم فيها من المباني التاريخية، وبذلك نحافظ على الإرث التاريخي لمنطقة الحجاز.مهرجانات مصغرةوأشار الدهاس إلى أنه لكي يكتمل عقد هذه السوق يجب أن توضع برامج مماثلة لسوق مجنة وسوق ذي المجاز يتناسب مع موقعها وإن كان بصورة أقل مما هو في عكاظ، بغرض إبراز مثل هذه المواقع التاريخية للمجتمعات وإتاحة الفرصة للمستثمرين لإحيائها ضمن ضوابط وبرامج تحت إشراف الجهة المسؤولة، فعلى غرار العناية التي حظي بها سوق عكاظ فلا يمنع بعد انتهاء فترة سوق عكاظ أن يعقد مهرجان مصغر في مجنة ومن ثم سوق ذي المجاز بمكة المكرمة، لا سيما وأن مساحة الأرض خاصة في مجنة تستوعب الأعداد الكبيرة للمشاركين، كما يمكن للمستثمرين من أصحاب الشركات في استغلال الموقع نفسه في كثير من الأنشطة الثقافية والتجارية، وأن يكون هناك نوع من التنسيق بين البرامج المنفذة فيه ونظيرتها في عكاظ لتجنب التكرار، على أن يعكس سوق مجنة ما كان عليه تاريخيا، وبذلك نحقق متنفسا لسكان مكة وجدة ومحافظاتها؛ لأنه لا يبعد عن مكة سوى 28 كلم وقريب من جدة وبذلك نكون قد استفدنا من هذه المواقع التاريخية من عدة جوانب توثيقا لأصالتها التاريخية وبالتالي إقامة البرامج الترفيهية فيها وإيجاد متنفس لأبناء المنطقة.المغمسمن جانبه أوضح محمد بن منصور الشريف أن من المغمس شعب ذي المجاز من سفح جبل كبكب، وهو الذي يقام فيه سوق ذي المجاز في الجاهلية وجاء في صحيح ابن حبان حديث (رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سوقِ ذي المَجازِ وعليه حلة حمراء وهو يقول ( يا أيُّها النَّاسُ قولوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ تُفلِحوا) وفيه بئر المجاز وهي بئر جاهلية إلى اليوم قائمة وشاهدة على تاريخها وكان الحجاج يتزودون بالماء من بئر ذي المجاز ومن بئر شعب السقيا بين مزدلفة وعرفة قريب من المأزمين قبالة شعب المبال، فإذا سوق ذي المجاز في هذا الشعب له ارتباط وثيق بالسيرة النبوية المكية وله ارتباط بشعيرة الحج حيث يقام هذا السوق في هلال ذي الحجة إلى اليوم الثامن وكانت العرب تتحرج من البيع والشراء في المشاعر المقدسة، ولذلك ينتهي هذا السوق يوم الثامن فلماء جاء الإسلام جاءت معه الرحمة والتوسعة والإباحة (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) فأصبح الناس تبيع وتشتري في منى وقد حددت موضع أسواق منى.ولفت الشريف أن للمغمس ذكر في السيرة النبوية عند ابن اسحاق وابن هشام من خلال قصة جيش إبرهة الحبشي، حيث إن طريقه من الطائف إلى مكة كان نزولا من طريق الثنية في أعلى صدر وادي عرنة ثم نزولا عند جبل المبرك وحزمه ثم سرية من جيش إبرهة إلى سهول المغمس، مضيفا «قمت بمسح هذا الطريق ووجدت أنه: طريق مرصف ومدرج من أعلى جبال الثنية إلى أسفل الوادي في أعلى صدر عرنة. وجود وانتشار النقوش الثمودية وذاك أن نبي الله صالح عليه السلام لما أهلك الله قومه أمره الله أن يلحق هو ومن آمن معه بمكة وهذا هو تفسير وجود تلك النقوش في ضواحي مكة المكرمة وجود النقوش الإسلامية العتيقة المتقدمة وجود مسجد في سفح جبل طاد جبل المبرك وحزمه وهو الموضع الذي برك فيه فيل إبرهة الحبشي كما نص على ذلك الإمام الأصمعي.

مشاركة :