يبدو أن انتعاش اقتصاد منطقة اليورو ما زال هشاً الأمر الذي يفرض على البنك المركزي الأوروبي مواصلة عملية التدعيم المالي، فقد توقعت المفوضية الأوروبية أمس أن ينمو اقتصاد المنطقة بمعدل منخفض يبلغ 1.8 في المائة في العام المقبل، محذرة من المخاطر المستقبلية التي من شأنها إضعاف انتعاش الكتلة الأوروبية. وبحسب "الألمانية"، فإنه رغم خروج منطقة اليورو من الركود منذ أكثر من عامين، إلا أنها ما زالت تسعى جاهدة لإنعاش اقتصادها، حيث تنخفض معدلات البطالة والتضخم بصورة تدريجية، في الوقت الذي وضعت فيه أزمة الهجرة في أوروبا المزيد من الضغوط على حكومات الدول المتعثرة. واعتبرت المفوضية الأوروبية لدى إصدارها لتوقعات فصل الخريف أن انخفاض أسعار النفط وضعف اليورو وخطة التحفيز النقدية التي وضعها البنك المركزي الأوروبي ساعدت على إحداث انتعاش اقتصادي مرن وواسع النطاق ولكنه انتعاش بطيء، مضيفة أن تأثير العوامل الإيجابية في تلاش ومحذرة في الوقت ذاته من التحديات الجديدة المقبلة مثل التباطؤ في الصين والأسواق الناشئة الأخرى وتراجع التجارة العالمية والتوترات الجيو سياسية المستمرة. وتوقعت المفوضية تحقيق نسبة نمو خلال العام الجاري تقدر بـ 1.6 في المائة ولكنها خفضت توقعات النمو للعام المقبل بنسبة 0.1 في المائة، ومن المنتظر أيضاً أن ينمو الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة ككل، بنسبة 1.9 في المائة هذا العام ونسبة 2 في المائة في 2016. وانخفضت مبيعات التجزئة في منطقة اليورو في أيلول (سبتمبر) للمرة الأولى خلال ستة أشهر مخالفة توقعات بزيادة طفيفة مع هبوط الإنفاق على الأغذية والمشروبات بشكل حاد خلال ذلك الشهر. وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن مبيعات التجزئة في التسع عشرة دولة الأعضاء في منطقة اليورو انخفضت 0.1 في المائة في أيلول (سبتمبر) لكنها ارتفعت 2.9 في المائة على أساس سنوي. وكان محللون اقتصاديون استطلعت آراؤهم قد توقعوا زيادة شهرية 0.2 في المائة و3.0 في المائة على أساس سنوي، ولم يطرأ تغيير يذكر على المبيعات على أساس شهري في آب (أغسطس) بينما ارتفعت 2.2 في المائة بعد التعديل على أساس سنوي. وارتفعت المعنويات في قطاع التجزئة بشكل مطرد منذ حزيران (يونيو) مع تحسن النظرة إلى المبيعات الحالية والمستقبلية، غير أن ثقة المستهلكين ضعفت على مدى تلك الفترة. واستقرت مبيعات وقود السيارات في أيلول (سبتمبر) بعدما صعدت 1.6 في المائة في آب (أغسطس)، فيما تراجعت مبيعات الأغذية والمشروبات والتبغ 0.6 في المائة بعدما زادت بالنسبة نفسها في الشهر السابق. وزادت مبيعات المنتجات غير الغذائية باستثناء وقود السيارات 0.1 في المائة بعدما هبطت 0.5 في المائة في آب (أغسطس)، واستقرت مبيعات التجزئة على أساس شهري في ألمانيا أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بينما تراجعت 0.4 في المائة في فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة، بينما زادت المبيعات 0.5 في المائة في أسبانيا فيما لم تتوافر أرقام لإيطاليا. وفي دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين زادت المبيعات 0.3 في المائة في أيلول (سبتمبر) وارتفعت 3.7 في المائة على أساس سنوي. وأظهر مسح نشرت نتائجه أمس أن نمو حجم الأعمال في منطقة اليورو ظل ضعيفا الشهر الماضي في ظل برنامج التحفيز الكبير الذي أطلقه البنك المركزي الأوروبي الذي لم يكن له تأثير واضح يذكر على النشاط الاقتصادي وضغوط الأسعار. وقالت مؤسسة ماركت المتخصصة في جمع البيانات إن المسح أشار إلى نمو اقتصادي فصلي بنحو 0.4 في المائة بما يتماشى مع التوقعات التي جاءت في استطلاع نشرت نتائجه في الشهر الماضي. وسجلت القراءة النهائية للمؤشر المجمع لمديري المشتريات في تشرين الأول (أكتوبر) 53.9 وهو مستوى أقل من التقديرات السابقة التي بلغت 54.0 لكنه أعلى من أدنى مستوى في أربعة أشهر والذي بلغ 53.6 في أيلول (سبتمبر)، والمؤشر فوق مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش منذ تموز (يوليو) 2013. ومنذ آذار (مارس) يضخ البنك المركزي الأوروبي 60 مليار يورو شهريا من خلال برنامج شراء السندات لدعم النمو وزيادة نسبة التضخم في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة ولمح البنك بأنه قد يعزز البرنامج خلال اجتماعه المقبل في كانون الأول (ديسمبر). لكن المسح أظهر أن الشركات عادت إلى خفض الأسعار الشهر الماضي بما يشكل مصدر قلق لصناع سياسات البنك المركزي الأوروبي الذين يستهدفون تحقيق معدل تضخم يقل قليلا عن 2 في المائة. واستقرت الأسعار في منطقة اليورو على أساس سنوي دون تغير يذكر في تشرين الأول (أكتوبر) بحسب ما أظهرته تقديرات أولية رسمية وهو ما يبقي الضغوط على المركزي الأوروبي لتيسير السياسة النقدية بشكل أكبر. ومن المرجح بشكل كبير أن يخفف البنك المركزي الأوروبي السياسة النقدية من جديد في الشهر المقبل ليزيد أو يمدد برنامج التحفيز ويخفض سعر الفائدة على الإيداع الذي يقل عن الصفر بالفعل.
مشاركة :