سجل النمو في منطقة اليورو الذي يعاني ضغط البطالة والمهدد بالانكماش المالي، تسارعا طفيفا في نهاية العام الماضي في مؤشر على ما يبدو لانتعاش ما زال هشاً، وفقاً لـ "الفرنسية". ونشر المكتب الأوروبي للإحصاءات "يوروستات" أمس التقديرات الأولية لإجمالي الناتج الداخلي في منطقة اليورو في الفصل الرابع من 2013، وبحسب معظم المحللين، فإنه سيتحسن بنسبة 0.2 في المائة في الفترة من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر) بعد +0.1 في المائة في الفصل السابق. وجاء إجمالي الناتج الداخلي في أكبر اقتصادين في منطقة اليورو أفضل مما كان متوقعا إذ بلغ +0.4 في المائة لألمانيا و+0.3 في المائة لفرنسا، وفي إيطاليا كان حجم التحسن أقل مع زيادة من 0.1 في المائة فقط. واستفاد النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو في نهاية العام الماضي من دفع بسيط في القطاع الصناعي، كما يقول المحللون في "كابيتال إيكونوميكس"، حيث نما الإنتاج الصناعي بنسبة 0.3 في المائة في الفصل الرابع، وفي المقابل، يشكل التراجع الكبير في مبيعات التجزئة إشارة أقل تشجيعا وتعكس على ما يبدو ضعف الاستهلاك الذي يمثل المحرك الآخر للنمو مع الصادرات. وأشار مكتب الإحصاءات إلى أن اقتصاد المنطقة الذي يبلغ حجمه 9.5 تريليون يورو انكمش بنسبة 0.4 في المائة في 2013 بأكمله، وتتوقع المفوضية الأوروبية نموا بنسبة 1.1 في المائة في 2014. وأظهرت بيانات أخرى من المكتب نمو فائض التجارة الخارجية للمنطقة إلى 13.9 مليار يورو في كانون الأول (ديسمبر) من 9.8 مليار يورو في الشهر نفسه من العام السابق مع زيادة الصادرات 4 في المائة على أساس سنوي وارتفاع الواردات 1 في المائة فقط، بينما بلغ الفائض التجاري في العام الماضي بأكمله 153.8 مليار يورو بارتفاع كبير من 79.7 مليار يورو في 2012 مع نمو الصادرات 1 في المائة وانخفاض الواردات 3 في المائة. واعتبرت شركة أوريل للوساطة أن أرقام إجمالي الناتج الداخلي ستؤكد بشكل عام سيناريو النهوض التدريجي للنشاط في منطقة اليورو، وإن كان المستوى الذي سبق فترة الانكماش لن يتم بلوغه بعد، مضيفة أن مستوى من النشاط لا يزال أضعف مما كان عليه قبل خمس سنوات وهو ما يعني أن القدرات الإنتاجية غير المستخدمة ما زالت مستمرة بالدرجة الأولى في سوق العمل، في حين ما زال معدل البطالة يتقلب في مستويات قياسية من نحو 12 في المائة في منطقة اليورو. وخرجت منطقة اليورو في الفصل الثاني من العام الماضي من أطول فترة انكماش في تاريخها امتدت 18 شهرا، وتبقى المنطقة متأخرة مقارنة ببريطانيا التي تعلن وضعا سليما مع نمو من 0.7 في المائة في نهاية 2013 و1.9 في المائة لمجمل العام. وبالنسبة للعام الجاري، فإن بنك إنجلترا المركزي رفع للتو توقعاته للنمو وبات يتوقع زيادة إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 3.4 في المائة، بينما زادت ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في منطقة اليورو توقعاتها للنمو بشكل طفيف لهذا العام حيث تتوقع تسجيل +1.8 في المائة مقابل +1.7 في المائة حتى الآن. وإلى هذا المناخ الغامض، تضاف مخاوف الانكماش المالي الذي يشكل عاملا خطيرا لأنه ينشئ حلقة مفرغة يصعب الخروج منها كما يشير إليه الوضع في اليابان التي تعيش هذه المشكلة منذ 15 سنة، ففي كانون الثاني (يناير) تباطأ التضخم إلى 0.7 في المائة بعد 0.8 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) و0.9 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر). وأمام أسعار تنخفض، يؤخر المستهلكون مشترياتهم وتخفض الشركات إنتاجها وتنتهي بخفض رواتب موظفيها وحتى إلغاء وظائف، والنتيجة أن الآلة الاقتصادية برمتها متضررة. وحذرت كريستين لاجارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أخيراً من مخاطر متنامية للانكماش التي يمكن أن تكون كارثية على الانتعاش، مشددة على ضرورة مكافحة هذا الوحش، لكن هذا التحليل لا يتقاسمه الجميع، فقد رفض ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي هذا السيناريو. وأشار دراجي إلى أنه لا يوجد انكماش اقتصادي في منطقة اليورو، لكنه أقر بأن تضخما ضعيفا طويل الأمد يشكل خطرا على النهوض وعلى مستوى الدين، مضيفاً أننا في حالة إنذار تتعلق بهذه المخاطر، ونحن على استعداد للتحرك.
مشاركة :