اكتشف العلماء جمجمة صغيرة جداً لنوع من البشر وصف بأنه "ليس له مثيل" في وقتنا الحالي، حيث انقرض قبل آلاف السنين، لكن المثير هو اكتشافه في مكان عميق جداً وضيق من الأرض لا يحوي أي ممرات، سوى ممر واحد يصعب على البشر حالياً الوصول إليه. وأطلق العلماء على البقايا المكتشفة للبشري اسم "ليتي"، وهي عبارة عن جمجمة صغيرة جداً انتشرت شظاياها في مكان غريب في أحد كهوف جنوب أفريقيا. بحسب مجلة "livescience" التي نشرت تقريراً عن الاكتشاف الجديد، فقد عثر على الجمجمة وبعض العظام في أعماق كهف النجم الصاعد "Rising Star cave system" في جنوب أفريقيا. المثير للحيرة هو كيفية وصول هذا الإنسان القديم إلى هذه المنطقة العميقة جداً والغامضة في باطن الأرض؛ حيث يصعب الوصول إلى المكان في وقتنا الحالي مع تطور المعدات وأدوات الاستكشاف. واكتشف العلماء الجمجمة الصغيرة في ممر ضيق جداً ومظلم لا يزيد عرضه على 6 بوصات (15 سنتيمتراً)؛ حيث وقع المستكشفون في حيرة؛ "كيف انتهى المطاف بهذه الجمجمة الصغيرة في مثل هذا الجزء البعيد من الكهف، هذا لغز حقيقي". ولم يتم العثور على أدوات أو قطع أثرية بجانب حفريات نظام كهف Rising Star. هناك القليل من العلامات على دخول حيوانات أخرى إلى الكهوف، بخلاف عيّنتين من صغار البابون، قد تكون إحداهما على الأقل أقدم بكثير من بقايا هومو ناليدي. عاش هذا السلف البشري في الوقت نفسه الذي عاش فيه الإنسان العاقل، جون هوكس، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة ويسكونسن ماديسون الذي يدرس الرفات، أخبر Live Science في عام 2017. قال : إن غزواتهم الواضحة في الكهف تشير إلى أنهم كانوا من أسلاف الإنسان الحديث الأكثر ذكاءً، وأنهم أتقنوا استخدام النار لإضاءة استكشافاتهم. وفقاً لمتحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي، سار H. naledi في وضع مستقيم، ويبلغ ارتفاعه حوالي 4 أقدام و9 بوصات (1.44 متر) ويزن ما بين 88 و123 رطلاً (حوالي 40 و56 كيلوجراماً). تشير الأبحاث إلى أن الجمجمة المكتشفة هي لطفل من عائلة بشرية قديمة ونادرة يطلق عليها اسم "هومو ناليدي" (Homonaledi)"، ومنح الطفل اسم "ليتي" (Leti)، وهو اختصار لكلمة "Letimela" أو بلغة "سيتسوانا" في جنوب أفريقيا أي الإنسان الأخير "Lost One".وبحسب ورقة بحثية نشرت في مجلة "PaleoAnthropolog"، يعود عمر الجمجمة إلى حوالي 335 – 241 ألف عام استناداً إلى أعمار البقايا الأخرى التي تم اكتشافها في المنطقة، حيث عثر سابقاً على بقايا عظمية في أماكن أخرى من الكهف. واعتبر العلماء أن وجود الكثير من الأفراد في هذا الكهف هو أمر غامض؛ حيث يتوجب للدخول إلى هذا الكهف المرور من خلال منزلق رأسي خطير يبلغ ارتفاعه حوالي 39 قدماً (12 متراً) أطلق عليه العلماء اسم "المزلق". الأمر الأكثر غرابة هو أن الجيولوجيين والمغامرين والباحثين لم يعثروا حتى يومنا هذا على أي مدخل بديل لهذا الكهف العميق أو ممرات أخرى قد تؤدي إلى المنطقة. وقال ماروبينج راماليبا، عضو فريق الاستكشاف الذي عثر على الجمجمة، في بيان: إن المنطقة التي تم العثور فيها على البقايا تقع في "شبكة عنكبوتية من ممرات ضيقة جداً". المثير هو أن جمجمة "ليتي" صغيرة جداً، أصغر من حجم كف الإنسان، وتشير الأسنان إلى أن الطفل مات خلال ظهور أول ضرس دائم له، والتي تظهر بين سن 4 و6 لدى الإنسان الحديث. الأمر الغامض هو أن الجمجمة وجدت في مكان ضيق جداً يصعب على البشر والحيوانات الوصول إليه، ولا يوجد أي آثار لوجود عملية قضم ناتجة عن افتراس، لكن يتوقع العلماء أن العظام قد وُضعت في الكهف كطقس جنائزي، وقالت جولييت بروفي، عالمة الأنثروبولوجيا بجامعة ولاية لويزيانا، التي قادت الدراسة على جمجمة ليتي، في البيان: "بدأنا في إعطائنا نظرة ثاقبة على جميع مراحل حياة هذا النوع الرائع".
مشاركة :