كريم هاشم يكتب: الـ لا نخبوية من أجل تحقيق النواقص الاجتماعية

  • 11/14/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تقرأ هذا العنوان، تجد أنك في حضرة موضوعًا هامًا، وتجد ذهنك يذهب حينها إلى “النخبة” التي اعتدنا على سماعها منذ نعومة أظافرنا، والمتمثلة بنسبة كبيرة في السياسيين، والمفكرين، ولكن هناك أيضًا نخب في كل مجال يؤثرون ويتأثرون به مثل " المحللين، والنقاد، ورجال الدين، والفنانين والرياضيين وكل من هو مؤثر على عقول الشباب والمجتمع.    ولكن مع تعاقب الأجيال ظهر في كل جيل منها "نخبة"، نتيجة عدة تغيرات جذرية في ثقافة المجتمع وتوجهاته وقيمه، إضافة إلى التغيرات السياسية والاجتماعية، والمادية، ولكن قبل تناول الفرق بين “النخبة” في كل جيل علينا أولًا أن نعرف ماهيتها، فهي بالإنجليزية: "Elite" وتعني مجموعة صغيرة من الأشخاص المسيطرين على موارد مالية ضخمة وقوة سياسية تأثيرية كبيرة بشكل عام، والأشخاص الأكثر قدرة من غيرهم.    النخبة في الفن    وفي عالم الفن أصبحت النخبة مؤشرًا دالًا وبخطورة علي تحولات المجتمع، حيث أطلق مؤخرًا لفظ “النخبة” على مجموعة من الأفراد والتي أصبحت متصدرة المشهد الفني، ويتجلى ذلك في صفوة المدعوين لحضور العروض الفنية الخاصة، والمهرجانات السينمائية، مستهدفين بحضورهم لتلك الفاعليات الصورة فقط، فيما يندرج الآن تحت مسمي “اللقطة”، مخاطبين تفاعل الجمهور مع تلك الصور عبر منصاتهم الشخصية، وهنا لا ألقي باللوم عليهم وحدهم، ولكن اللوم الأكبر على المنظومة بأكملها، الأمر الذي يثير عدة أسئلة: فهل تواجدهم هذا بهدف الدعاية الغير مباشرة أم هدف أخر؟ هل نجاح الأعمال الفنية في مصر في الوقت الحالي والمنتديات الفنية أصبح يقتصر على حضور نجوم السوشيال ميديا؟.    في الحقيقة لقد أصبح الأمر هنا مزعج للغاية، ففي أنحاء العالم، نجد “النخبة” المتصدرة للمشهد عبارة عن تركيبة من النقاد، من أجل النقد البناء، نجد المنتجين، لكي يكتشفوا النجوم، وأيضًا المخرجيين، وكل من هم في الصناعة، أما في بلدنا ومع تطور المجتمع وفقًا لظرفه الحضاري والتاريخي أصبح كل من يمتلك منصة على مواقع التواصل الاجتماعي من "النخبة"، يأتي فقط من أجل الترويج لهذه الفاعليات، ولا أفهم هل ذلك يعني أننا في مجتمعنا هذا نري أن "البلوجرز"، أكثر تأثيرًا وقيمة من النجوم الذين يقدمون الأعمال الفنية؟ أم هناك تفسير آخر؟ والذي أدي بهذه التحولات في مجتمعنا؟.    النخبوية والصراعات النفسية    وإذا أمعننا التفكير في هذا السياق نجد أن هناك طريقتان ساهمتا في نشر هذه الثقافة، الطريقة الأولي ان هؤلاء “البلوجرز”، أو “الأنفلونسرز”، يعرفون جيدًا طرق الترويج لأنفسهم وإقناع المسؤولين بقدرتهم علي الترويج لهذه الفعاليات، وهم في حقيقة الأمر يروجون لأشخاصهم ومنصاتهم، ويعوضون ما ينقصهم من مكانة اجتماعية نتيجة صراعاتهم النفسية بحثًا عن تحقيق الذات، وإرضائها بتواجدهم جوار النجوم الحقيقة، لانهم يعرفون جيدًا أن الفنانين، والمطربين، مؤثرين علي أرض الواقع في الشوارع، والمحلات، والمقاهي، عكس تواجدهم في العالم الافتراضي، فتواجدهم بجانب هؤلاء النجوم سوف يعطيهم فرص كثيرة سواء على مستوى زيادة التفاعل، ليستمرون في هذه النوعية التي يقدمونها، أو أملًا في زمالتهم داخل هذه المهنة العريقة، وبالفعل نجح الكثير منهم في طرح نفسه كممثل من وراء هذه الطريقة، ولا ننكر أن قليل منهم يستحق في مقابل الغالبية التي لا تستحق ذلك.    والطريقة الثانية تأتي على يد الرعاة أو “الأسبونسرز”، والذين يتواجدون في المهرجانات والعروض الخاصة من أجل رعاية تلك الفعاليات وتوفير الأموال أو الدعاية أو الفنادق أو غيره من أمور تتعلق بعملهم، ولكن في الفترة الحالية الرعاة أصبحوا يمتلكون منصات، تعرض محتويات كثيرة وبالتالي أصبح تواجد البلوجرز من خلال تلك المنصات أمر ترويجي لها ولهم ويصورون للعامة والمشاهدين أنهم يحضرون تلك الفعاليات.    وأصبحت هذه الأفكار هي التي تبدو على السطح عائمة أمام نظر المجتمع الذي لا يحاول أن ينفذ إلي عمق الأشياء، لنجد أنفسنا نسير في ركاب هذا الفكر المشوش المضطرب مسلمين بأن هؤلاء هم "النخبة".    وفي النهاية يسعي كلًا إلي غايته بمنتهى الفردية لتحقيق ما ينقصه، فهؤلاء “البلوجرز” يحققون أهدافهم بتواجدهم في مصاف النجوم وشعورهم بأنهم أصبحوا ندًا لهم، في حين يسعد القائمين على هذه التجمعات نتيجة شعورهم بالنجاح لتواجد هذه الشخصيات، اعتقادًا منهم أن هؤلاء هم نخبة هذا العصر، إلا أن ذلك في حقيقة الأمر أدي إلى نتيجة غاية في السلبية حيث تغيب الـ "نخبة" الحقيقية والتي توارت خلف الأضواء وانطفأ بريقها ملتزمة الصمت، أو فراش المرض، لا تجد من يكرمها على مشوارها المهني المتفاني.    ويبقى السؤال الأخطر الذي أود إثارته في نهاية حديثي إلى أي مدى سوف ينزلق مفهوم النخبة في مصر؟، وهل ستنتصر النخبة الحقيقية في تصدرها للمشهد من جديد؟

مشاركة :