الحياء من شيم أهل الإسلام

  • 11/7/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أكد د.محمد حسن المريخي أن لكل أهل ملة خلقًا وأدبًا يتميّزون به عن سائر الملل الأخرى، مشيرًا إلى أن أهل الإسلام خلقهم الحياء. وبيّن في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد عثمان بن عفان بالخور أن الحياء هو شعور داخلي يبعث على الكفّ عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحثّ على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها، مؤكدًا أنه من أجلّ الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها، واستشهد خطيب مسجد عثمان بن عفان بأقوال بعض السلف في هذا الشأن، مشيرًا إلى قول ابن رجب رحمه الله عن الحياء بأنه (هو من خصال الإيمان بل من أعلى خصال الإيمان ودرجات الإحسان) وقول الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه: الاستحياء من الله أن يحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وأن تذكر الموت والبلى. وأوضح أن الحياء يكون من الله تعالى ومن رسوله والناس، مبينًا أن الحياء من الله تعالى يكون حين يعرف العبد ربه ويعرف عظمته وقربه منه واطلاعه عليه وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور. وأكد أن الحياء يتولد عند العبد ويستقرّ في قلبه وفؤاده حين يطالع نعمة الله عليه ويطالع تقصيره نحوها في شكرها. الهداية والنجاة وذكر أن الحياء يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يعرف حقه عليه وما قدمه له رسول الله من التسبب في الهداية والنجاة من النار فيكثر من الصلاة عليه ويجعل في نفسه تعظيمًا له صلى الله عليه وسلم وتوقيرًا فيحبّ سنته ويقدّمها على كل قول بعد قول الله تعالى، ويحترمه ويصدّقه ويتبعه احترامًا وتوقيرًا وطاعة لله تعالى وعرفانًا وجزاءً. ونوّه إلى أن الحياء زينة الإنسان رجلاً كان أو امرأة وهو أوكد للمرأة وهو خلق النبيين والمرسلين والصالحين والصحابة والأئمة والفائزين والناجين في الحديث الصحيح (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه) رواه البخاري، وقال إن الله تعالى وصف ابنة شعيب عليه السلام بأنها كانت تتحلى بهذا الخلق الكريم فقال سبحانه (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)، وقال عليه الصلاة والسلام (إن موسى كان حييًا ستيرًا لا يرى من جلده شيء استحياءً من الله فأذاه من أذاه من بني إسرائيل ....) رواه البخاري ومسلم. كما قال صلى الله عليه وسلم واصفًا عثمان بن عفان رضي الله عنه بهذا الخلق الكريم (ألا أستحيي من رجل تستحي منه الملائكة) رواه مسلم. وذكر د.المريخي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كاشفًا عن فخذه مضطجعًا في بيته فدخل عليه أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما فلم يزل على حالته فلما دخل عليه عثمان سوّى ثيابه وجلس. وشدّد على أن الحياء من الإيمان، مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه مصدر الخير وأنه إذا تحلى العبد بالحياء جاءته كل الحلى تباعًا. وقال خطيب مسجد عثمان بن عفان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يعظ أخاه في الحياء كأنه يقول له: أضعت بسببه خيرًا كثيرًا، أو فاتك خير كثير بسبب حيائك، فقال له (دعه فإن الحياء من الإيمان) وفي رواية قال (الحياء لا يأتي إلا بخير) وقال (الحياء خير كله)، رواه البخاري ومسلم، فإذا أراد الله بعبده خيرًا زينه بهذا الخلق وحلاه به. قلة الحياء وأضاف: ما أقبح الإنسان بلا حياء ولا أدب يقترف القبائح ويفعل ما شان من الرذائل والسواقط والدنايا، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) رواه البخاري. وأوضح أن ابن رجب يقول في معنى الحديث: أن من لم يستح صنع ما شاء فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر، وقال: الحديث فيه التهديد والوعيد. ونبّه الخطيب إلى أن حياة المسلمين بدأت تطرد هذا الخلق الكريم وتعمل عبثًا على تفريغ المسلمين منه. وأكد أننا في زمان، الحياء فيه عيب وسُبة وعار، متعجبًا من تصرّفات بعضنا التي كأنها تقول: لا تستحي واترك الحياء جانبًا فقد ولى زمن الحياء. واستعرض د.المريخي عددًا من صور قلة الحياء في حياتنا المعاصرة حيث قال: إننا نعاني من قلة الحياء في اللباس والهيئة، مشيرًا إلى أن الهيئة النسائية ليست إلى خير حيث تسير، ولكنها إلى شر مستطير، بسبب التشبّه بالكافرات المشركات اللائي لا يؤمنّ بالله ولا بلقائه، اللباس الواصف والمفصل والمفتح والفاتن والشفاف. وفيما يتعلق بالذكور قال د.المريخي: قلة الحياء عند الذكور تتجلى بوضوح في التشبّه بالنساء واستعمال حوائج النساء كالأصباغ والعطور وما شابه ذلك ومخالطتهن والتطبّع بطبائع الإناث. الاختلاط في المجتمع وبيّن أن قلة الحياء تظهر كذلك في اختلاط المرأة بالرجل باسم المسميات المتعدّدة والأعذار الواهية والتعليلات الهزيلة، حيث تظهر المرأة أمام الرجل الأجنبي عليها وتخاطبه كأنها تخاطب زوجها أو أباها أو وليها وتناقشه ويناقشها، وكأن تحذيرات القرآن والسنة لم تكن ولا كأن الله تعالى لم يأمر بفصل الجنسين عن الآخر، حتى تجرأ البعض فجاء بالرجال المغنين يغنون لهم في الأعراس فأدخلوهم على النساء، حسبنا الله ونعم الوكيل. وقال: إننا نعاني من تقليد المجتمعات المنهارة التي انهدمت أسوارها وخرّ عليهم السقف من فوقهم في لباسهم وسلوكياتهم وندخل كل جحر دخلوه وكل سبب نزل به العذاب فعلوه (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار). وواصل الخطيب استعراضه لأشكال ومجالات قلة الحياء في حياتنا فقال إن قلة الحياء توجد أيضًا في النشر والكتابة، من خلال نشر الصور شبه العارية وكتابة المقالات والأخبار عن الشذوذ والفواحش، وحذّر من أن كل ذلك وغيره ينشر في ديار المسلمين وتسبب في فقدهم لأكثر أخلاقهم كالحياء والأدب التي تبنى بها النفوس وتبصر بها القلوب. وقال إن المسلمين اليوم ابتلوا بمحاربة غيرهم ممن لا دين له ولا عقيدة يقلدونهم في الفتيل والقطمير، ففي طرحهم جرأة مذمومة وتعدٍ للحدود وكشف للمغطى دون مراعاة لدين الله الذي أمر بالتأدب عامة وخاصة عند التعرّض لما حقه الستر والحياء. وأوضح أن عرض المشروعات العلميّة والأدبية لا يعطي الإنسان الحق في نشر أو عرض أو الإفصاح باسم العلم والتقدّم والتحضر. وأكد أن منهج القرآن الكريم يعدّ أكمل المناهج، وأشرفها وأرفعها وأنه لن يبلغ كمال منهجه شيء آخر. الطهارة في القرآن وضرب الخطيب مثلاً بذكر الطهارة في القرآن، موضحًا أنه لما أراد القرآن العظيم أن يبلغ ما يخصّ الطهارة بعد قضاء الوطر نجده يلمّح ويكني ولا يكشف ويصرّح كما في قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله.... ) وقدموا لأنفسكم أي مما يهيئ الحال من المقدّمات، ويقول سبحانه (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا....) وملامسة النساء هنا يعني الجماع، فلم يكشف القرآن ولم يصرّح ولم يفتح الباب على المكشوف إنما اكتفى بالكفاية والتلميح والتزام الأدب الرفيع وهو شرع منزّل لا بد من تبليغه للناس، فأين الذين يفضحون ويكشفون المغطى باسم العلم كما يزعمون أنهم من منهج القرآن وأسلوبه. وشدّد على أن العلم الحقيقي يلزم متعلمه أن يتأدب أولاً ويستحيي حتى ينال العلم. ونبّه إلى أن القول بأنه لا بد من التصريح باسم العلم خاصة في الأمور التي تتطلب الحياء غير صحيح وحجة هؤلاء واهية وهو ما يتأكد لنا من مطالعة دستورنا الإلهي الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. المقولات المغلوطة وبيّن خطورة انتشار بعض المقولات المغلوطة قائلاً: يردّد البعض مقولة خاطئة بأنه: لا حياء في الدين. وأكد أن الدين الحنيف يبرأ إلى الله تعالى من هذه المقولة لأن الإسلام دين الحياء والأدب، بل عدّ رسول الله الحياء من الإيمان وهدّد من لا أدب له ولا حياء وهو صلى الله عليه وسلم أشدّ حياءً وصحابته. وقال إن القرآن امتلأ بذكر الحياء، داعيًا إليه ومثنيًا على أهله وواصفًا عباد الله الفائزين عنده بهذا الخلق النبيل. وشدّد د.المريخي على أن قول القائل: لا حياء في الدين، كلام باطل مردود. منبهًا إلى أن البعض أجروا بناءً على هذه العبارة كلامًا كثيرًا فقالوا: لا حياء في العلم وأخذوا يشرّقون ويغربون في القول والنشر والبحث دون مراعاة للأدب معتمدين على قول باطل، وما بُني على باطل فهو باطل. وأشار إلى أنه لا يجوز التصريح والكشف عما أمر الشرع بستره والتزام الحياء عنده، تحت أي ظرف أو عذر من الأعذار، ويعدّ هذا تعديًا لحدود الله تعالى (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) إن الجرأة في هذه الأمور خطيرة وبلوى فإنها تجرئ المراهقين وتطلعهم علانية وجهارًا على ما يجب ستره والأدب عنده، ولهذا لما رأى الشباب الرقص والتفسّخ والضياع هاجوا يركضون وراء كل امرأة وأنثى كما حدث هذا في بعض دول المسلمين قريبًا. وفي ختام خطبته جدّد دعوته إلى التحلي بالحياء، مؤكدًا أن الحياء خير كله ولا يأتي إلا بخير، وأنه ما بنيت المجتمعات ولا عمرت البلدان إلا بأخلاق الإسلام.

مشاركة :