صنقور: حق التعبير عن الرأي يتوجب أن يكون مشفوعاً بضمانات تشريعية وعملية

  • 11/7/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحدث الشيخ محمد صنقور في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس (الجمعة)، عن «ضماناتِ حريةِ التعبيرِ عن الرأي في الشأنِ السياسي والاجتماعي»، وقال: «إنَّ مجرَّدَ التدوينِ لحقِّ التعبيرِ عن الرأي في الدستور غيرُ كافٍ للانتفاعِ من هذا الحقِّ مالم يكنْ ذلك مشفوعاً بضماناتٍ تشريعيَّةٍ وعمليَّة، فإنَّ صاحبَ الرأيِ لن يُعبِّر عن رأيِه بوضوحٍ وهو مرعوبٌ يخشى على نفسِه مِن الملاحقةِ والمساءلةِ والإدانة». وأوضح أنَّ «الإسلامَ حينَ أصَّلَ لهذا الحقِّ أرادَ للأمةِ أن تنْعمَ بآثارِه، فهذا الحقُّ هو المانعُ للاحتقانِ المُفضي لتقويضِ الأمنِ والاستقرارِ في المَآل، وهو في ذاتِ الوقتِ طريقُ التكاملِ والتدارُكِ للأخطاء، فالعصمةُ إنَّما هي للأنبياءِ، والتكاملُ والتطويرُ لا يُتاحُ دون تشاركِ العقولِ وتظافُرِها، والتنميةُ تصنعُها الشفافيةُ وتلاقحُ الأفكارِ الحرَّة، فالدولةُ الحريصةُ على الأمنِ والاستقرارِ تكونُ حريصةً على نبضِ الشارعِ وهواجسِه، وذلك لا يُتاحُ إلا بإطلاقِ الحريةِ للتعبيرِ عن الرأي، والدولةُ الحريصةُ على التطويرِ والتنميةِ والتدارُكِ للأخطاءِ تكونُ حريصةً على إلقاءِ هذه المسئوليةِ في عُهدةِ الجميعِ، ولا يتمُّ ذلك إلا بإطلاقِ الحريةِ للتعبيرِ عن الرأي». وتابع صنقور «حين تكونُ أيُّ دولةٍ جادةً في تبنِّي حقِّ الحريةِ للتعبيرِ عن الرأي فحينذاكَ ستكونُ سجونُها خاليةً من كلِّ سجناءِ الرأي، وسيكونُ هذا الحقُّ على رأسِ أولوياتِها، ذلك لأنَّه وسيلةُ التكاملِ والتنميةِ، والسبيلُ الضامنُ لبناءِ مجتمعٍ متماسكٍ وقادرٍ على تجاوزِ التحدِّيات». وقال: «من هذا المنطلقِ نجدِّدُ - حرصاً على مصلحةِ البلد - مطالبتَنا بالإفراجِ عن كلِّ سجناءِ الرأي وفي طليعتِهم سماحةُ الشيخ علي سلمان، فإنَّ ذلك لو تمَّ فإنَّه سيُسهم في التنفيسِ من حالةِ الاحتقانِ والذي يُمكن البناءُ عليه». وفي خطبته، تحدث صنقور عن «قسوة القلب»، وقال: «إن المرادُ من قَسوةِ القلبِ من ذكرِ الله تعالى فهو عدمُ خشوعِه، فالقلبُ القاسي هو القلبُ الغليظُ، فهو لغِلظتِه لا تؤثِّرُ فيه الموعظةُ، ولا ينتفعُ بالنصيحة، ولا يستشعرُ الخوفَ والحذرَ من عذابِ الله، وكذلك فإنَّ القلبَ القاسي هو الذي لا تُؤثِّر فيه المشاهدُ المُوجِبةُ بطبعِها للرقَّةِ والشَّفقةِ والرحمة، فالقلوبُ القاسيةُ هي القلوبُ المتَحجِّرة، والتي شبَّهتْها بعضُ الآياتِ بالحِجارة». وأشار إلى أن «الفرقُ بين القلبِ القاسي، والقلبِ الخاشِعِ الليِّن، هو أنَّ القلبَ القاسي كالحجرِ المتصلِّب الذي لا يتأثَّر، أما القلبُ الليِّنُ النابضِ بالحياة فهو كالجسمِ المَرِن، يتفاعلُ مع الموعظة، ويتأثرُ بالنَّصيحة، ويَرُقُّ حين يقفُ على مشهدٍ مأساوي، ويشعرُ بالرَّحمةِ والشَّفقةِ حين يقعُ نظرُه أو تخطرُ في مخيَّلته معاناةُ الضعفاءِ والمحرومين». وذكر صنقور أن «القسوةَ ليستْ على مرتِبةٍ واحدة، بل هي على مراتبَ متفاوتةٍ مِن حيثُ الشِدَّةُ والضعف، فقد يبلغُ الإنسانُ مرتِبةً من القسوة، بحيثُ يُصبحُ فيها كالحجرِ الأصمّ؛ لا يسمعُ؛ ولا يُبصرُ ولا يُشعرُ، فسواءٌ عندَهُ القتلُ والأكلُ، والماءُ والدم، بل قد يأنسُ بمشاهدِ البؤسِ ومظاهرِ الشرور أكثرُ من أنسِ الأسوياء بمشاهدِ البهجةِ والسرورِ ويغتبطُ بمقارفةِ الذنوب أكثرُ من اغتباطِ الصالحينَ بالطاعات، مثل هذا على درجةٍ متقدِّمةٍ من القسوة، ولهذا لا يُرجى فيه خيرٌ، ولا يُنتظرُ منه عودة، بل إنَّ تعاقبَ الإيام لا تزيده إلا انتكاساً وارتكاساً في المُوبِقات». وقال: «قد يُبتلى الإنسانُ بمرتِبةٍ من القَسوة، فهو لا يتَّعظ بالمواعظ، ويظلُّ سادراً غافلاً يرتكبُ بعضَ الذنوبِ ولكنَّه يتأثمُ من بعضِها، يتعدَّى فيظلمُ، ولكنَّه قد يتأثرُ فيبكي أو يستشعرُ الحزنَ حينَ يقفُ على مشهدٍ مأساوي، مثلُ هذا الإنسانِ لا زالَ في قلبِه بقيةُ حياة، فعليه أنْ يحذرَ، فإنَّ الموتَ الكليَّ للقلبِ لا يتمُّ دُفعةً واحدة، بل هو على مراحل. وإذا كان القلبُ ينعمُ بمرتبةٍ من الحياة فإنَّ هذه المرتِبة قادرةٌ على بَعثِ الحياةِ إلى المواقعِ الميِّتةِ من القلب، ولهذا فينبغي لمثلِه أن يستثمرَ ما بقيَ من حياةٍ في قلبِه، فيتخذُ كلَّ ما يصادفُه وسيلةً للتنبُّه والاتَّعاظ، فإنَّ صروفَ الأيامِ مليئةٌ بالمواعظِ والزواجرِ والمنبِّهات، وليس على العاقلِ سوى الإصغاءِ إليها بقلبه، وحينذاك سوفَ يحيى ما كان قد ماتَ منه، فالعقلاءُ الحريصونَ على حياةِ قلوبِهم لا يكونُ مثلاً موتُ الأصدقاءِ أو الأقرباءِ حدَثاً عابراً، وحين يُصابُ أحدُهم بمرضٍ بل وبخدشٍ فإنَّ حِرصَه على معالجةِ ذلك المرض أو ذلك الخَدشِ ليس بأشدَّ من حِرصِه على استثمارِ ما أصابه لإحياء ما عطَب من قلبِه ومشاعرِه، فهو يتخذُ من كلِّ مصيبة أو ملمَّةٍ بل ومِن كلٍّ عارضٍ خطيرٍ أو حقيرٍ وسيلةً للتذكُّرِ والتنبُّهِ والاتَّعاظِ، ولهذا نجدُ في المأثوراتِ عن ذوي الحكمة قولَهم: إنَّ الشيبَ نذيرُ الموتِ وسولُه، فمِثلُ هذا العارضِ الذي لا يكترثُ ولا يعبأُ به الكثيرُ من الناس يتخذُ منه العاقلُ المومنُ وسيلةً للتنبُّه والاتَّعاظ».

مشاركة :