عبدالعزيز السريع لـ الجريدة•: المسرح راكد لكنه سينهض

  • 11/19/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الكاتب عبدالعزيز السريع صاحب تجربة طويلة ومسيرة مليئة بالإنجازات، فهو قامة كبيرة في المشهد المسرحي الكويتي والتأليف للمسرح، وأيضاً يُعد من أبرز مؤسسي الحركة المسرحية في الكويت، وقد أصدر العديد من الكتب. «الجريدة» التقته بعد عودته من رحلته العلاجية، وكان الحوار كالتالي: • أطلقت على رحلتك العـــــلاجــــيـــــــة في لــــنـــــدن «رحلة الـ 100 يوم»، هذه التسمية تصلح لتكون نصاً مسرحياً أو كتاباً جديداً، هل سنرى ذلك قريباً؟ - لو كان مشروع عمل، سواء كتابا أو غيره، لكان عبارة عن حروف ملؤها التقدير والاحترام والود والمحبة لكل من اتصل بي، أو سأل عني، أو تواصل معي أثناء رحلة الـ 100 يوم في لندن. فلو كانت لوحة أنقشها من كل عواطفي تجاه هؤلاء الناس الطيبين، سواء من الكويت؛ رجالا ونساء، من مختلف فئات المجتمع، أو من خارج الكويت من الأصدقاء والزملاء من المسرحيين وسواهم. الشكر لكل هؤلاء الذين غمروني بلطفهم، ما ساعدني على تحمُّل قضاء 100 يوم في الغربة عن الكويت. تحقيق الدافع • ألا تعتقد أن فترة الغياب هذه تستحق أن توثق في إصدار؟ - مشاريع الكتب كثيرة، والعناوين مطروحة، لكن الدافع أحيانا يكون موجودا، والقدرة على تحقيقه موجودة، وأحيانا لا تكون موجودة، لا أستطيع أن أعد، لكن ما زلت مع الكتاب والقراءة. لدي برنامج يومي في الإذاعة بعنوان «خير جليس»، وعملت منه حتى الآن نحو 1500 حلقة قراءة، وما زلت أمارس هذا الشغف. • توقفت عن الكتابة المسرحية منذ فترة، هل يُعد هذا التوقف احتجاجاً على وضع ما؟ - لا أعتقد ذلك، فأنا توقفت منذ عام 1974 أو 1975، ومنذ وفاة زميلي الراحل صقر الرشود رحمه الله عام 1978، وفي المهرجان الخليجي الأول الذي عُقد في الكويت عام 1988 قمت بإعداد مسرحية الثمن لآثر ميلر، وأخرجها زميلي فؤاد الشطي رحمه الله، وهذا العمل الاستثنائي الوحيد، وما عدا ذلك لم أكتب للمسرح، كما قدمت المسرحية في مركز جابر الأحمد الثقافي حديثا. تفاعل الجمهور • دائما تقرن المسرح بتجاوب الجمهور، هل ترى أن ما يُقدم راهناً يحظى بهذا الرواج، على سبيل المثال مسرح الطفل أو مسرح المناسبات أو الارتجالي؟ - هذا موجود في كل الأزمنة حتى في وقتنا الحالي. المسرح الخفيف يقدم وجبة من الفرجة والضحك. المسرح يسد الفجوات ما بين ظهور أعمال مسرحية مؤثرة وفترة فضاء، لأن الجمهور يحتاج إلى مسرح. هذا النوع من المسرح يحافظ على الجمهور وعلى تقاليد الذهاب إليه ومشاهدة العروض المسرحية، ولا يخلو من أعمال جيدة. لا نستطيع التعميم والقول إن كل ما يقدم قليل القيمة، أو يعتمد على التهريج وغيره. المسرح الارتجالي موجود في كل زمان ومكان، حتى الآن في أوروبا موجود، وإلى جواره يوجد المسرح الأكاديمي، والمسرح النوعي موجود أيضا وله مواسم، يقدم عبر المهرجانات الخاصة، ومهرجان المسرح الأكاديمي سنوي، وهذا شيء مألوف. • لكن المسرح النوعي جمهوره أقل؟ - يلاحظ في سنوات أن هناك رواجا لنوع من المسرح، ويكون هناك إقبال عليه من الناس، وتلك حالات استثنائية ونادرة. فعلى سبيل المثال لو أن مسرح شكسبير وحده يقدم، فسوف يكون الموضوع مللاً، وأيضا حتى الآن مسرح شكسبير يُقبل عليه نخبة النخبة، لكن المسرح العام الذي يقدم كل الألوان والأنواع رائج حتى الآن في سائر دول العالم، التي يعتبر بعضها عواصم المسرح. الساحة المسرحية • كيف ترى واقع الحركة المسرحية في الكويت؟ - سأتطرق إلى المسرح المصري في فترة سابقة، حيث كان يقدم عروضه لمدة أربع أو خمس سنوات وربما أكثر. الآن المسرح خافت في جميع أنحاء العالم، إلا المسرح الذي يأتي بطابع استعراض مثل مسرح برودواي. الجمهور العام للمسرح لم يعد كالسابق، وإذا أخذ في الاعتبار وسائل الاتصال الحديثة، وسهولة مشاهدة عروض مسرحية وأفلام ومسلسلات، فذلك أيضا ساهم في ركود المسرح بشكل عام، وذلك لاختلاف المعايير والذائقة ورواد المسرح، ولكل عصر نجومه، وكُتابه، وهمومه، ومشكلاته، ومذاقه. • متى سيخرج المسرح من حالة الركود؟ وما سبل النهوض؟ - المسرح يمر بحالة من الركود، لكنه سينهض من جديد، لأن الناس ستمل العروض الذي تقدم في «يوتيوب»، ووسائل التواصل الأخرى. • وماذا عن سبل النهوض بالمسرح؟ - المسرح بشكل عام، والمسرح النوعي خاصة، يحتاج دائما إلى دعم من الحكومات والمؤسسات الخيرية، حتى تستمر المسارح، ونحن لدينا وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في قانون 24 لعام 1962 تم دعم الفرق الأربعة الأهلية، فنهضت بالمسرح، وقدمت لهم دعما معقولا في زمنها، لكن الأمر اختلف الآن، بسبب تغير أشياء كثيرة جدا، كالأجور وغيرها، كما أن التلفزيون أخذ الكثير من ممثلي المسرح وأعطاهم أجورا عالية لأن عوائده عالية، فيما عوائد المسرح محدودة، ولا يستطيع مجاراته، ففضلوا التلفزيون وهجروا المسرح. الرواج والعروض • ما رأيك في الرواج الذي يحدث بالكويت والعروض الممتدة؟ - حينما كان الأستاذ محمد النشمي يقدم عروضه في الخمسينيات، كانت العروض مشاهدة، وكان يتم عرض المشكلات المحلية بشكل مباشر، ولم تكن هناك تقنيات أو تجهيزات على مسرح مدرستي الصديق وصلاح الدين، وكانوا يعملون بكل بساطة. عبدالله المنيس وعقاب الخطيب مع محمد النشمي وعبدالرزاق النفيسي وغيرهم كانوا يشتغلون ويقدمون خمسة عروض. الأستاذ زكي طليمات استقطب مجموعة من العناصر، وتأسس المسرح العربي، وقدَّم عروضاً باللغة العربية الفصحى، ودرَّب الممثلين، وقام بتهيئتهم وتجهيزهم، وخرجت منه أسماء كبيرة مثل سعد الفرج الله يطول بعمره، وعبدالحسين عبدالرضا، وخالد النفيسي وغانم الصالح رحمهم الله، فقد كانوا تلاميذه، وقدموا عروضهم باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى مجموعة من الأعمال التي قدمها طليمات في السابق بمصر، ومن ثم قدمها بالكويت. • الفنان زكي طليمات له بصمة واضحة في تأسيس الحركة المسرحية بالكويت إلى جانب عدد من الرواد. - النهوض الحقيقي بتأثير من زكي طليمات هو إصدار القانون 24 لعام 1962، الذي سمح بتكوين جمعيات مسرحية، فتأسس المسرح العربي، ومسرح الخليج، والمسرح الشعبي، ثم المسرح الكويتي. لقد تلقوا بموجب ذلك دعماً من الحكومة، وكان على رأس وزارة الشؤون الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، حيث كان متفهماً ومُحباً للفنون، وكان الوكيل حمد الرجيب، ثم جاء إلى وزارة الشؤون أيضاً مجموعة من الوزراء الداعمين لهذا التوجه، بوجود الرجيب، وتصاعد الدعم. فرقة مسرح الخليج هي أول فرقة تأسست بموجب هذا القانون، وفي عام 1963 أعطونا معونة، بعد أن قدمنا موسما بجهودنا الذاتية، وبتمويل منهم كأشخاص قدموا لنا ثلاثة آلاف دينار في نهاية الموسم، وتمت زيادتها في الموسم الثاني إلى 6 آلاف، ومن ثم إلى ثمانية آلاف، بعد ذلك عشرة آلاف، لتتصاعد إلى 12 ألف دينار، حتى وصلت أخيرا إلى 16 ألفا في عام 1966. بعد ذلك غادر الرجيب كوكيل لـ«الشؤون»، وأصبح سفيرا للكويت بالقاهرة، ومنذ ذلك الوقت المعونة لم تتغير، ولم ترتفع دينارا واحدا، وذلك دلالة على أن المسألة مرتبطة بقناعة المسؤول. الـ 16 ألف دينار الآن لا تكفي حتى للمصاريف الإدارية، ولا لإنتاج أعمال كبيرة ومهمة. للنهوض بالمسرح نحتاج إلى مسؤول مؤمن بفكر المسرح. • كان لك تعليق على موضوع المسرح في الكويت الذي نشرته الجريدة عبر مواقع التواصل، حدثنا عن رأيك بالتفصيل. - أحيي زملائي الذين تحدثوا، فكل منهم له مكانته ووزنه، وبعضهم قال كلاما معقولا. لدينا مجموعة ضخمة من المواهب في مجالات التمثيل والإخراج والكتابة، لدينا مثلاً تغريد الداود كمؤلفة مسرحية ممتازة ومتميزة وحاصلة على جوائز، وأيضا لدينا فاطمي زيد العطار، ود. نادية القناعي، وبدر محارب. وفي التلفزيون هبة حمادة ومنى الشمري. وفي الإخراج المسرحي فيصل العميري، وهاني النصار، ونصار النصار، ويوسف الحشاش، والدكتور عبدالله العابر. وفي مجال التمثيل، هناك العديد من الممثلين والممثلات الذين يقدمون إشراقات بديعة في التلفزيون، لكن من ناحية المسرح يقدمون العروض من باب الشغف، يقدمون المسرح النوعي بمهرجان المسرح المحلي، وفي مهرجان المسرح الأكاديمي قدموا عروضا رائعة، وتم تحقيق جوائز داخل الكويت وخارجها. • ما رأيك بجهود وزير الإعلام والثقافة عبدالرحمن المطيري في تطوير الحركة الفنية بالكويت؟ - اختيار موفق لهذا الوزير الشاب، الذي يملك وعياً، ويستمع جيداً، ويرحب بأي أفكار وآراء. تحرير النص المسرحي من الإجازة شيء طيب، لكن يوجد فيه محظور، فهل الرقيب يتبعه بعد ذلك عندما يقدمون عروضهم، ويقول لهم نعم أو لا؟ الرقابة المسبقة تم توقيفها، فهل هناك ضمان أثناء تقديم العرض ألا يتوقف بعد يوم أو يومين عقب بذل فريق العمل مجهودا في التدريب والصرف المادي؟ وبعد ذلك من يقوم بتعويض الخسائر؟ نحن أوقفنا الرقابة المسبقة، لكن هناك رقابة لاحقة، فإذا لم تكن هناك رقابة لاحقة، فسيكون ذلك شيئا طيبا ويُحسب للوزير والحكومة، ويُحسب لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد أنه في عهده أزيلت الرقابة، والمتضررون يلجأون إلى القضاء، وهذا شيء ممتاز جدا، وأحييهم وأقدّر لهم ذلك، لكن لو كانت هناك رقابة لاحقة، مثلا يحتج أحد أعضاء مجلس الأمة، ويتخذ الوزير قرارا بوقف العرض، فسوف تكون هناك خسائر كبيرة، لكن لو كانت الرقابة موقوفة، مثل الأردن وغيره من البلاد العربية، فالمتضرر يلجأ إلى القضاء.

مشاركة :