الخرطوم - دعا الناشطون السودانيون المعارضون للحكم العسكري إلى تظاهرات الأحد فيما أعلن الأطباء المؤيدون للحكم المدني ارتفاع عدد القتلى المدنيين في حملة قمع التظاهرات منذ انقلاب 25 أكتوبر في السودان إلى أربعين بعد وفاة فتى السبت متأثرا بجروح خطرة أصيب بها الأربعاء. ودانت تيريز لوكين غيزيل سفيرة النرويج، إحدى دول الترويكا حول السودان، القمع "الذي لا يحتمل" ضد المعارضين في هذا البلد الذي كان يبني عليه العالم "آمالا كبيرة". وقالت "كنا نعرف أن هناك مشاكل لكن كان يمكن مناقشتها وحلها من قبل الشركاء أنفسهم". وتلتقي غيزيل بانتظام منذ الانقلاب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي يخضع لإقامة جبرية والفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة ، أعلى المؤسسات المؤقتة. وقالت إن كلا منهما يريد مثل القادة الآخرين "إعادة رسم الشراكة بين العسكريين والمدنيين" التي تشكل حجر الأساس لما بعد البشير وتحولت بسرعة "شراكة دم" بين القادة المدنيين غير القادرين على فرض أنفسهم والعسكريين الذين يعتقدون أنه لا يمكن عزلهم ومتمردين سابقين سارعوا للانضمام إلى الجيش. كان الجميع يريدون إعادة خلط الأوراق، لكن قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان هو من قام بذلك في نهاية المطاف عبر إرسال جنود لاعتقال حمدوك الذي يخضع حاليا للإقامة الجبرية. وأوردت غيزيل "فوجئنا لأننا كانت لدينا آمال كبيرة" بالنسبة للسودان الذي كان قد بدأ خفض معدلات التضخم إلى حوالي 400 بالمئة وعاد إلى الأسرة الدولية مع شطبه من "لائحة الإرهاب" الأميركية ووعد بانتخابات حرة في 2023، بحسب غيزيل. إلى درجة أن أوسلو رفعت مساعداتها ثلاثة أضعاف في 2020 ، لتبلغ 27 مليون يورو. وأوضحت الدبلوماسية أن التحويلات المالية معلقة الآن مثل مساعدات الولايات المتحدة أو البنك الدولي "لأننا نريد أولاً خطة لإنهاء الأزمة". وهذه الخطة حسب سفيرة النرويج ونظرائها الأميركي والأوروبيين في الخرطوم، تمر بعودة حمدوك إلى منصبه. لكن يبدو أن الفريق أول البرهان مصمم على ترسيخ الأمر الواقع الجديد. ففي 11 نوفمبر أعاد تعيين نفسه في منصب رئيس مجلس السيادة الذي أقال منه آخر الأعضاء المؤيدين لسلطة مدنية بالكامل. وكان عبدالفتاح البرهان قاد انقلابا في 25 أكتوبر خلال مرحلة انتقال هشة في السودان. وقد اعتقل كل المدنيين في السلطة تقريبا وأنهى الاتحاد الذي شكله المدنيون والعسكريون وأعلن حالة الطوارئ. ومنذ ذلك الحين، تنظم احتجاجات ضد الجيش تطالب بعودة السلطة المدنية، وخصوصا في العاصمة الخرطوم وتقمعها قوات الأمن. وشهد الأربعاء 17 نوفمبر سقوط أكبر عدد من القتلى بلغ 16 شخصا معظمهم في ضاحية شمال الخرطوم التي يربطها جسر بالعاصمة السودانية، حسب نقابة الأطباء المؤيدة للديمقراطية. وبذلك يرتفع عدد القتلى منذ بدء التظاهرات في 25 أكتوبر إلى أربعين معظمهم من المتظاهرين. وتؤكد الشرطة أنها لا تفتح النار على المتظاهرين وتبلغ حصيلتها وفاة واحدة فقط وثلاثين جريحا في صفوف المحتجين بسبب الغاز المسيل للدموع، في مقابل إصابة 89 شرطيا. ودعا الناشطون المطالبون بالديمقراطية على شبكات التواصل الاجتماعي السبت إلى "تظاهرة مليونية" الأحد. وفي تغريدة على تويتر، دعا تجمع المهنيين السودانيين الذي لعب دورا محوريا خلال الانتفاضة التي أدت إلى إسقاط عمر حسن البشير في ابريل 2019، إلى مجموعة من التجمعات طوال الأسبوع من بينها تظاهرة "مليونية"حاشدة الأحد وتظاهرات مماثلة الخميس. كانت مجموعات صغيرة من المحتجين تجمعت الجمعة بعد الصلاة في عدة أحياء وخصوصا في ضاحية خرطوم بحري (شمال شرق العاصمة) حيث سقط العدد الأكبر من الضحايا الأربعاء. وأقام المحتجون متاريس في الشوارع لكن قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وقال تجمع المهنيين إن قوات الأمن "داهمت منازل ومساجد". ودانت الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي حملة القمع الدامية ضد المحتجين، ودعوا قادة السودان إلى عدم "استخدام مفرط للقوة". وطالب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية بـ"محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين". وأضاف "قبل التظاهرات المقبلة، ندعو السلطات السودانية إلى ضبط النفس والسماح بالتظاهرات السلمية". من جهته، قال الاتحاد الإفريقي الذي علق عضوية السودان بعد الانقلاب، في بيان السبت إنه "يدين بأشد العبارات" العنف الذي وقع الأربعاء. وطالب موسى فكي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السلطات بـ"إعادة النظام الدستوري والانتقال الديمقراطي"، في إشارة إلى اتفاق تقاسم السلطة المبرم بين المدنيين والعسكريين في 2019. ودعت لجنة حماية الصحافيين إلى إطلاق سراح الصحافيين الذين احتجزوا أثناء تغطية التظاهرات بمن فيهم علي فرساب الذي قالت أنه تعرض للضرب كما أطلقت عليه النيران واحتجز من قبل قوات الأمن الأربعاء. وقال شريف منصور منسق برنامج لحنة حماية الصحافيين في الشرق الأوسط الجمعة إن تعرض فرساب للضرب ولإطلاق النار من قبل قوات الأمن يتعارض "مع ادعاء حكومة الانقلاب التزامها بالانتقال الديمقراطي". ويؤكد قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي قاد الانقلاب على شركائه المدنيين أنه لم يفعل سوى "تصحيح مسار الثورة". وللسودان تاريخ طويل من الانقلابات العسكرية وقد تمتع بفترات نادرة فقط من الحكم الديمقراطي منذ استقلاله عام 1956. وشكّل البرهان مجلس سيادة انتقاليا جديدا استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير (ائتلاف القوى المعارضة للعسكر)، واحتفظ بمنصبه رئيسا للمجلس. كما احتفظ الفريق أوّل محمّد حمدان دقلو، قائد قوّات الدعم السريع المتّهمة بارتكاب تجاوزات إبّان الحرب في إقليم دارفور خلال عهد البشير وأثناء الانتفاضة ضدّ البشير، بموقعه نائبا لرئيس المجلس.
مشاركة :