طرابلس - قدم عبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية المؤقتة الأحد، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة نهاية الشهر المقبل، عشية إغلاق باب طلبات الترشح للانتخابات. وكانت غالبية الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة قدمت أوراق ترشحها لأول انتخابات مباشرة لرئيس الدولة في تاريخ ليبيا. وقدم رئيس الحكومة الليبية أوراق ترشيحه داخل مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في العاصمة طرابلس، بحسب مشاهد بثها التلفزيون الرسمي. وخطوة الدبيبة كانت منتظرة بعدما قدم أخيرا إقرار ذمته المالية وعائلته لهيئة مكافحة الفساد (حكومية)، وهو الإجراء الذي يسبق تقديم ملف الترشح إلى مفوضية الانتخابات. وهاجم الدبيبة مجلس النواب الأسبوع الماضي واتهمه بأنه قام بإصدار قوانين انتخابية "غير توافقية"، قد تتسبب في مشكلة كبيرة للعملية الانتخابية، مشيرا إلى أنه يعتزم تقديم ترشيحه للانتخابات الرئاسية في "الوقت المناسب". وبرز الدبيبة من عالم المال والأعمال إلى عالم السياسة بتعقيداتها وحساباتها في ساحة ملتهبة تتقاذفها الأزمات والانفلاتات الأمنية منذ عشر سنوات.. ومن حضور سياسي متواضع بدأ مع تأسيسه حركة ليبيا المستقبل في العام 2011، إلى رقم صعب في المعادلة السياسية الليبية. وهو مهندس ورجل أعمال سطع نجمه ذات ربيع من العام 2021 حين انتخب رئيسا لحكومة مؤقتة ولدت من رحم توافقات هشة بإسناد أممي. وكان واضحا منذ انتخابه من قبل مجلس الحوار الليبي في فبراير 2021 إلى نيل حكومته الثقة في مارس/اذار من العام ذاته أن مهمته أشبه بمن يسير في حقل ألغام، فقد كان على عاتق المهندس البالغ من العمر اثنتان وستون عاما وهو حديث عهد بالسياسية أن يخرج البلاد الغارقة في عشر سنوات من الفوضى في فترة انتقالية لا تتجاوز عشرة أشهر. ولم يكن وجوده في عالم المال والأعمال صدفة كما حاله في السياسية، فالرجل ابن مصراتة الواقعة على مسافة نحو 200 كلم شرق العاصمة طرابلس وهي المدينة الساحلية التي كانت تاريخيا في مفترق طرق التجارة عبر الصحراء والتجارة البحرية في المتوسط. بنى الدبيبة وهو من مواليد العام 1959 والحاصل على ماجستير في الهندسة من كندا، ثروته من قطاع البناء والإنشاءات فكان أحد أنجح رجال أعمال مصراتة بفضل قدرة هائلة على الإدارة والتسيير والاستثمار وبدعم وشراكة من ابن عمه علي الدبيبة. وقد أشرف على عدد من أعمال البنى التحتية في ليبيا كالمطارات والملاعب وخطوط تمديد المياه وتولى رئاسة مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة (لدكو) وهي جهاز استثماري ضخم كانت تحت إدارة ابن عمه علي دبيبة بين 1989 و2011. تقول مصادر ليبية إنه مقرب من جماعة "الإخوان المسلمين" وتجمعه أيضا علاقات متينة مع تركيا التي لها مصالح اقتصادية في مصراتة وقد ترأس مجموعة تجارية لها فروع في أنحاء العالم بما في ذلك تركيا. وإن لم يكن وجود في عالم المال والأعمال مجرد صدفة، فإن دخوله عالم السياسية كان أقرب للصدفة فقد كان انتخابه مفاجئا وهو الذي شغل في عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عدة مسؤوليات مهمة ويقال إنه كان من دائرة المقربين منه. وأفضى حوار سياسي بين الفرقاء الليبيين، برعاية أممية في جنيف في فبراير/شباط الماضي، إلى تشكيل سلطة سياسية تنفيذية موحدة مهمتها التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي حددت على التوالي في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني. ولا تزال هناك أصوات رافضة لإقامة الانتخابات في مواعيدها المقررة، لا سيما في ظل رفض كثيرين للقوانين الانتخابية، معتبرين أنها لم تعتمد بشكل قانوني وتوافقي. ويعد المجلس الأعلى للدولة وهو بمثابة غرفة ثانية للبرلمان، أبرز الرافضين للانتخابات. واتهم المجلس الأعلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بإصدار القوانين الانتخابية بدون التشاور معه، وهو أمر نص عليه الاتفاق السياسي الذي أكد مشاركة المجلسين في صياغة هذه القوانين. وبلغ عدد المرشحين لسباق الرئاسة في ليبيا حتى الآن 24 مرشحا أبرزهم سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل وخليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي الذي تخلى عن منصبه مؤقتا لصالح نائبه وعقيلة صالح رئيس البرلمان علي زيدان رئيس الحكومة الليبية لما بعد ثورة فبراير من 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 إلى11 مارس/اذار 2014 وفتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية السابقة وعبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الذي سبق له أن تعهد وفق خارطة الطريق السياسية بعدم الترشح، لكنه تراجع عن تعهده وخاض حملة دعائية مبكرة.
مشاركة :