واشنطن لا تسعى لحرب باردة مع بكين

  • 11/24/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هل يعي الأميركيون مدى التكلفة التي قد يتكبدونها حال انزلاقهم إلى حرب مع قوة كبرى، مسلحة نوويا، مثل الصين؟ ويقول الباحث د. سومانترا مايترا، خبير شؤون الأمن القومي في "مركز ناشونال انتريست"، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأميركية، إن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، دافع في حديث أجراه مؤخرا مع "معهد لوي" للأبحاث، عن انفراجة مع الصين. وقال سوليفان، مشيرا إلى أن أميركا تدرك أن الصين ستكون فاعلا فى النظام الدولى فى المستقبل المنظور، إنه يتعين أن تكون هناك منافسة فعالة وصحية مع الصين. وأضاف: "لا نسعى الى حرب باردة جديدة، ولا نبحث عن نزاع، إن ما نبحث عنه هو منافسة فعالة مع وجود الحواجز وإجراءات الحد من المخاطر لضمان عدم انزلاق الأمور إلى صراع. ومع القدرة أيضا على العمل مع الصين حيث من المصلحة المشتركة لدولنا ومن مصلحة العالم ذلك"، وشدد على أن التعايش ضروري، ويرى مايترا إنه محق في ذلك. وأوضح مايترا، وهو أيضا زميل غير مقيم بمركز "جيمس ج. مارتن"، وعضو مؤرخ منتخب بـ "الجمعية التاريخية الملكية" في المملكة المتحدة، أن ما لم يتم التطرق إليه في كلمة سوليفان والمحادثة اللاحقة، ولو لمرة واحدة، هو كلمة "تايوان". وبالمصادفة، وفي اليوم نفسه، تحدثت تقارير إخبارية عن زيارة أعضاء من الكونغرس الأميركي للجزيرة. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه بعد يوم واحد من حديث سوليفان، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة والحلفاء "سيتخذون إجراءات" إذا تعرضت تايوان للغزو أو إذا تم إجراء أي تغيير في الوضع الراهن بالقوة. وليس هذا أمرا مستغربا، حيث يقول مايترا إن الصين كانت محل نقاش في كل مكان ذهب إليه خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو الموضوع الذي لا يقسم مجتمع السياسة الخارجية بشكل عام فحسب، بل أيضا من يتسمون بالواقعية على نحو خاص. ويتفق الجميع على أن صعود الصين عامل مهم وأن صعود القوة الصينية الخشنة سوف يؤدي إلى بعض الانتقام في الخارج. ويضيف مايترا إن ما يبدو في نهاية المطاف نهاية المطاف، ما يبدو هو أن هناك انفصال متزايد بين هدف الولايات المتحدة وموضوع الهدف. لذلك، يبدأ كل شيء ببعض الأسئلة الرئيسية. أولا، هل الصين قوة رجعية، أم قوة الوضع الراهن؟ هل لدينا معلومات كافية لاتخاذ قرار بشأن استراتيجية كبرى؟ إن كون الصين قوة قائمة بحكم الواقع يعني أنها ذات مكانة أكثر ارتفاعا في التوازن بآسيا والمحيط الهادئ. وبالنظر إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في الصين، سوف تتوسع مصالح الصين، وكذلك قوتها العسكرية. ولكن ما دامت الصين تريد العمل وفق الإطار المحدد القائم، فلا ينبغي أن يمثل ذلك مشكلة، ما لم تبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها في استراتيجية أولية كبرى. لكن الخطر الأكبر هو تحول الولايات المتحدة من قوة الوضع الراهن إلى قوة ثورية تسعى إلى تصدير أيديولوجياتها إلى مختلف أنحاء آسيا، وهو ما سوف يعني بالتأكيد، ليس فقط تنفير الشركاء المحتملين مثل الهند، بل خلق صراع مع الصين. ويتعلق السؤال الثاني إذا بالهدف النهائي الذي تسعى إليه أميركا. وإذا كان هذا الهدف هو الأسبقية مقابل أي ثمن، فليست هناك فرصة للتعايش مهما كان دفاع سوليفان، حيث إن أي نمو، ولو ضئيل، للقوة الصينية يشكل تهديدا للتوازن الذي يحتاج إلى علاج بأي ثمن. وسوف يعني هذا تدمير القوة الصينية إذا دعت الحاجة إلى ذلك. والسؤال الثالث هو ماذا تعني الولايات المتحدة بتدمير القوة الصينية في آسيا. هل يعني ذلك العمل من أجل انهيار الحكومة الصينية والحزب الشيوعي والدفاع عن الديمقراطية أو تعزيزها؟ أم أنه يستلزم احتواء القوة الصينية وتغييرها بسلسلة من التحالفات المحيطة بالصين، من دون أي جهد لدحر القوة الصينية؟ فمن شأن الأولى أن تؤدي إلى اندلاع حرب، وخاصة فيما يتعلق بتايوان. أما الثانية، فلن يكون هناك مشكلة حال سقوط تايوان في يد الصين ما دام ذلك يعني سقوط الصين في مستنقع لمدة عشرين عام لتهدئة إقليم متمرد. والسؤال الأخير هو ما إذا كان الأميركيون يعرفون ما هي التكلفة الكاملة للانزلاق إلى حرب تخوضها قوة عظمى مع منافس نووي، وخاصة على أرض تبعد أميالا بالكاد عن بطاريات الصواريخ الساحلية الصينية. إن أغلب الأميركيين لا يدركون كيف أن حربا نووية محدودة يمكن أن تدمر الحضارة. وكمثال على ذلك، بلغ مجموع ضحايا الحرب على الإرهاب على مدى عشرين عاما، بما في ذلك هجمات 11 سبتمبر، حوالي 12 ألف قتيل وعدة آلاف من الجرحى. ولكن عدد ضحايا غرق حاملة طائرات في الساعة الأولى من معركة الاشتباك الكامل سيكون أكثر. وليست هذه نتيجة حتى نصف يوم من القتال، في مجال واحد محدد. ناهيك عن القوات الجوية والهجمات الصاروخية، أوحتى مواجهة نووية. ويتساءل مايترا في الختام، هل الأميركيون على استعداد للدخول في حرب من أجل تايوان، والمخاطرة بمثل هذه الأعداد من الضحايا؟.

مشاركة :