في الأسبوع الماضي حضرت ندوة أقامها مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية، حاضر فيها كلً من الدكتور عبدالله الشايجي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت، والاستاذ أسعد مصطفى الذي يشغل الان وزيراً للدفاع في الحكومة الانتقالية ( المعارضة السوريا ) خارج سوريا .... خرجتُ من هذه الندوة بانطباعات ودروس من الثورة السورية . أولها ان الوضع في سوريا او الربيع السوري لا يختلف عن باقي دول الربيع العربي حيث ان الشعوب هي الخاسر الأكبر في النهاية وان الشعوب العربية لن تترك تحدد مصيرها بنفسها، بل ان التحالفات المحيطة والدولية بقيادة أمريكا هي التي لعبت او تلعب الدور الأكبر في تحديد مصير تلك الدول، إلا ان في سوريا قد يختلف الامر قليلا حيث ان الشعب السوري واجه منذ البداية بتحالف عالمي ضده، خلاف ما حصل في ليبيا على سبيل المثال حيث كان هناك تحالف دولي للقضاء على النظام ( القذافي ) ثم الشعب الليبي. مع بدايات الثورة السورية تدخل حزب الله اللبناني ( ايران ) للدفاع عن النظام فسرعان ما تحول الصراع الى صراع طائفي ثم أُدخِلت القاعدة ( داعش ) في اللعبة السياسية والعسكرية ، مما عقد مسارات الثورة. المهم في الامر وكما كنت اراهن عليه سابقا، ان السياسة الأمريكية كانت وما زالت هي اللاعب الأساسي في المشهد السياسي ، حيث ان أمريكا كانت تدعم كل أطراف النزاع بصورة او باخرى ، وكان سلاح المقاومة السورية لا يدخل إلا عبر الامريكان وبشروط أمريكية ، حيث وضعت خطوط حمراء بحيث لا يستخدم هذا السلاح في اسقاط النظام السوري. أربعة سنوات مضت من الاقتتال بين جميع الأطراف ذهب ضحيتها ملايين البشر من المسلمين سنة وشيعة وان كان القتلى من اهل السنة أضعاف مضاعفة في الآونة الاخيرة تدخل الدب الروسي عسكريا وان كان متواجدا وداعما للنظام السوري منذ البداية. لم ولن يُترك الدب الروسي يحقق اي تقدم ولن يستطيع حسم المعركة عسكريا لصالح النظام السوري ، ولعله سيتورط في هذه المعارك ويخرج خاسرا كالعادة. ثانيا: التدخل الإيراني حول الصراع السياسي في سوريا الى صراع طائفي مخيف ومن الدرجة الاولى، ومما قد يستدرج الجميع في الإقليم الخليجي والعربي. ثالثا: لا يمتلك اي طراف من أطراف النزاع السوري القدرة على إنهاء المعركة فكلما تقدم طرف تم دعم الطرف الاخر ، ولا يهم التحالف الدولي بقيادة أمريكا حجم المأساة والكارثة البشرية في سوريا قدر ما يخضع الجميع للسناريوهات الدولية وهي تقسيم سوريا الى دويلات عدة وان كان هذا السيناريو مستبعد الى حد كبير في هذه المرحلة. اما السيناريو الأقوى والذي تدفع فيه السياسة الامريكية هو الحل السياسي كما تريد هي وهو تحول سوريا الى دولة علمانية ( فصل الدين عن الدولة ) بحكومة انتقالية حتى إقرار الدستور العلماني . طبعا ستتقاتل جميع الأطراف حتى يتم الاتفاق على من يرأس الحكومة الانتقالية. رابعا والاسوأ في الامر: ان الشعوب العربية لا تستطيع ان تحدد مصيرها ومسار سياستها وهي في حالة فوضى وانعدام الأمن وذلك بسبب الفتاوى الشيطانية التي ادخلت الشعوب العربية بما يسمى بالخراب العربي او الربيع العربي. قال الله تعالى (( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وان أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون )) خامسا : يبدو اكثر آمناً واستقرار في الإقليم العربي هي الدول التي لم تدخل الربيع العربي وعلى رأسها دول الخليج العربي مع ما تتعرض اليه دول الخليج من قبل التحالف من دفع نحو التورط في حروب دول الربيع العربي ... فاللهم اكفينا شرهم ! نافذة على الحقيقة : على الشعوب والحكومات الخليجية توخي الحذر مما دفع او يدفع اليه دعاة الفتنة في الخروج والمظاهرات وعدم الدخول في اي مظهر من مظاهر الربيع العربي ( فوضى وانعدام الأمن والأمان ) او مقدمات الربيع العربي وهو نشر السخط العام في المجتمعات الخليجية، وعلى الحكومات والشعوب الخليجية العمل نحو الاستقرار وممارسة العدالة بشتى مجلاتها وفرض هيبة القانون والدولة ، ولنتذكر جميعا ان منع كيد الأعداء والنصر يأتي من الله تعالى وذلك في قوله تعالى ( ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) ، ثم اخيراً فليعلم الجميع ان قوة وسر بقاء دول الخليج قوية بإذن الله تعالى هو في وحدتها و تماسكها والاعتماد بعون الله على نفسها وعدم الاعتماد على التحالفات الدولية.. فهل من مدكر ؟! م. نصار العبدالجليل
مشاركة :