تركيا والإمارات تطويان صفحة الخلافات

  • 11/24/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أنقرة - استقبل المسؤولون الأتراك اليوم الأربعاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بحفاوة، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول إماراتي رفيع منذ ما يزيد عن ثماني سنوات، من المتوقع أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين وقد تكلّلت بإعلان إماراتي عن إنشاء صندوق استثمار بعشرة مليارات دولار لدعم الاقتصاد التركي وتوقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة واستثمارات التكنولوجيا والموانئ. وتأتي زيارة الشيخ محمد لأنقرة بينما تواجه تركيا وضعا ماليا صعبا تفاقم في الفترة الأخيرة بعد أن هوت الليرة التركية إلى مستوى قياسيا أمام الدولار لتسجل انخفاضا بنحو 13 بالمئة من قيمتها. وفي ظل الأزمة الراهنة التي تعيشها تركيا وحالة العزلة الإقليمية، هدأ الرئيس التركي من خطاباته العدائية وتخلى عن نهجه العدائي تجاه الإمارات ودول الخليج عموما وكذلك إزاء مصر. وتكبدت أنقرة خسائر فادحة بفعل تلك السياسات التي أفقدتها شركاء اقتصاديين إقليميين ودوليين، بينما يراهن الرئيس التركي حاليا على تهدئة التوترات ومسار مصالحة مع تلك الدول للخروج من أسوأ مأزق مالي قبل انتخابات حاسمة مقررة في 2023 يخوضها أردوغان وحزبه برصيد من النكسات السياسية والاقتصادية. ويشكّل الإعلان الإماراتي نبأ سارا لتركيا حيث سجلت الليرة الثلاثاء انخفاضا غير مسبوق، إذ خسرت 13 بالمئة من قيمتها في غضون ساعات قليلة أمام الدولار ليصل سعرها إلى حوالى 13 ليرة في مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى لها. وبعد الإعلان الإماراتي تحسن سعر صرف الليرة التركية بنسبة 5 بالمئة ليصل إلى 12.2 في مقابل الدولار. وخسرت العملة الوطنية التركية أكثر من أربعين بالمئة من قيمتها منذ بداية السنة وتسجل تضخما يقارب العشرين بالمئة. وكدليل على الأهمية التي كانت توليها تركيا لزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بثت محطات التلفزة التركية مباشرة وصوله إلى القصر الرئاسي في أنقرة حيث استقبله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكن الرجلان لم يدليا بأي تصريح، إلا أنهما وقعا عدة اتفاقيات وعقود في مجالات متنوعة ووازنة اقتصاديا. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن دولة الإمارات أعلنت "تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا"، مضيفة أن الإعلان يأتي عقب المحادثات التي جرت الأربعاء بين الرئيس التركي وضيفه ولي عهد أبوظبي "لتعزيز دعم الاقتصاد التركي وتوثيق التعاون بين البلدين". وأضافت أنه "سيركز على الاستثمارات الإستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء". وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر لمحطة التلفزيون التركية "تي آر تي" إن زيارة ولي عهد أبو ظبي "تبشّر بحقبة جديدة في العلاقات بين البلدين"، مضيفا "لدينا أرضية مشتركة، ونستطيع ويجب البناء عليها"، مؤكدا "تركيا باعتبارها جارة إقليمية قريبة، هي أفضل شريك طبيعي لنا". وفي تغريدة على حسابه بتويتر قال ولي عهد أبوظبي، إنه أجرى محادثات "مثمرة" مع أردوغان حول فرص تعزيز الروابط بين تركيا ودولة الإمارات، مضيفا "نتطلع إلى فتح آفاق جديدة وواعدة للتعاون والعمل المشترك يعود بالخير على البلدين ويحقق مصالحهما المتبادلة وتطلعاتهما إلى التنمية والازدهار." وجرى توقيع مذكرات تفاهم بين الشركة القابضة المملوكة لحكومة أبوظبي وصندوق الثروة السيادي التركي ومكتب الاستثمار بالرئاسة التركية وأيضا بعض الشركات التركية. ووقعت الشركة القابضة أيضا اتفاقا للاستثمار في شركات تركية للتكنولوجيا بينما وقعت مجموعة موانئ دبي اتفاقا للتعاون في مجالي الموانئ واللوجيستيات. ووقع البنكان المركزيان التركي والإماراتي أيضا اتفاق تعاون الأربعاء. وفي وقت سابق قال مصدران إن البنكين أجريا محادثات حول اتفاق مبادلة محتمل. وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي آر تي) إن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سيزور أبوظبي في منتصف ديسمبر. لكن حتى وقت قصير مضى، كان البلدان على طرفي نقيض في ملفات عدة، بينها الملفين الليبي والسوري. وتأخذ جولة الإمارات على الجانب التركي تدخلاته في شؤون المنطقة ودعمه وتمويله للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وفروعه العربية. كما سبق لتركيا أن تدخلت في الأزمة بين قطر ودول المقاطعة السابقة: السعودية والإمارات والبحرين ومصر في انحياز للدوحة حينها قبل أن تتوصل الدول المعنية بالأزمة لمصالحة خليجية خلال قمة العلا التي استضافتها المملكة في مطلع العام وأنهت ثلاث سنوات من التوتر والخلافات. واتخذ الرئيس التركي حينها موقفا عدائيا من الإمارات وهاجم قادتها قبل أن يتراجع بعد المصالحة الخليجية عن مواقفه العدائية ضمن محاولة لتصحيح مسار العلاقات مع الشركاء الخليجيين والغربيين. ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني أديبي الذي يدير مركز الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والمتوسطي، إن اللقاء يفسح المجال "للاعبين إقليميين كبيرين يسعيان إلى تعزيز موقعهما في المنطقة" لإصلاح علاقتهما. وبدأ التوتر بين البلدين منذ سنوات بعد محاولة الانقلاب ضد الرئيس التركي في يوليو/تموز 2016 التي تمّ إحباطها. واتهم أردوغان حينها الإمارات بالمساهمة فيها في اتهام جزافي اختزل وقتها سياساته العدائية. مذكرات تفاهم وجرى أيضا بمناسبة الشيخ محمد بن زايد لتركيا، توقيع مذكرات تفاهم بين الشركة القابضة المملوكة لحكومة أبوظبي وصندوق الثروة السيادي التركي ومكتب الاستثمار بالرئاسة التركية وأيضا بعض الشركات التركية. ووقعت الشركة القابضة أيضا اتفاقا للاستثمار في شركات تركية للتكنولوجيا بينما وقعت مجموعة موانئ دبي اتفاقا للتعاون في مجالي الموانئ واللوجيستيات. وقال مسؤول تركي "المشاكل مع دولة الإمارات أصبحت الآن وراءنا. نحن ندخل فترة تقوم بشكل كامل على التعاون والمنفعة المتبادلة"، مضيفا أن استثمارات الإمارات ستكون في نهاية المطاف بمليارات الدولارات. ووقع البنكان المركزيان التركي والإماراتي أيضا اتفاق تعاون. وفي وقت سابق قال مصدران إن البنكين أجريا محادثات حول اتفاق مبادلة محتمل. وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي آر تي) إن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سيزور أبوظبي في منتصف ديسمبر/كانون الأول. وأطلقت أنقرة المنخرطة في خلافات مع بضع دول في المنطقة وأيضا مع حلفاء غربيين بشأن قضايا عدة، مساعي تطبيع مماثلة مع منافسيها الإقليميين مصر والسعودية لكن تلك القنوات لم تثمر عن تحسن علني يذكر.

مشاركة :