مع اقتراب النسمات الباردة لفصل الشتاء هذا العام وبدء انتشار المخيمات في الفيافي القريبة من المحافظة، تزدهر مبيعات بيوت الشعر على مختلف أنواعها وأحجامها بمحافظة النعيرية، وتجد إقبالا ملحوظا خلال هذا الموسم بما يشكل عائدا ربحيا لأصحاب هذه البيوت خاصة من النساء اللاتي يمتهن هذه الصنعة من زمن ليس بالقريب، وتعد بيوت الشعر من أكثر ما يجتذب هواة البر وأصحاب الرحلات وكذلك أصحاب الإبل والماشية في موسم الشتاء والبرد، فضلا عن رغبة البعض باقتنائها داخل منازلهم واستراحاتهم الخاصة، وذلك لما تمثله هذه البيوت من إرث تاريخي عريق مرتبط بالماضي الجميل وحياة البادية والصحراء، إلى جانب كونها أماكن فسيحة ومناسبة للجلوس وإشعال الحطب بما يختلف عن الخيام. تشير أم خالد وهي إحدى الأمهات البائعات لبيوت الشعر في سوق النعيرية منذ ما يقارب 25 عاما، أن السوق المخصص لبيع بيوت الشعر والواقع بجوار السوق الشعبي الذي يُعمل حاليا على إعادة إنشائه، قد اتسعت رقعته قليلا وازداد تنظيما عن ذي قبل، لافتة إلى أن الكثير من أصحاب بيوت الشعر يعمدون إلى نصبها في الأماكن المخصصة لهم حتى تتم مشاهدتها على الطبيعة، وأضافت: نقوم بشراء أدوات صناعة بيوت الشعر وخياطتها وتركيبها بمساعدة عمالة وافدة تم تدريبهم على هذه الأعمال، مبينة أن الوقت الذي يستغرقه صناعة البيت الواحد يمتد لقرابة ثلاثة أيام بحسب الجهد المبذول وكثافة العمل، واعتبرت أم خالد أن فتيات الأسر المحتاجة هن أولى بأعمال الخياطة من هؤلاء العمالة، غير أنه لا يتوفر في السوق أماكن مخصصة لهن، تساعد البائعات في استقبال الفتيات وتمكينهن من القيام بأعمال الخياطة، مقابل أجرة مناسبة تساعدهن على تحسين أوضاع أسرهن، متمنية أن تتم دراسة هذه الفكرة مستقبلا من الجهات المختصة وتهيئة أماكن مناسبة لتنفيذها، وأضافت: صناعة بيوت الشعر الحالية (تصميم الخيمة) تعتمد على أدوات وتجهيزات كثيرة، فبالتالي تعتبر بيوت الشعر القديمة أسهل من صناعتها بكثير، بينما لم تعد البيوت القديمة في تصميمها مغريا لأحد وأصبح الإقبال ملاحظا على بيوت الشعر ذات التصميم الحديث، ويكتظ السوق بهذا النوع من البيوت. وفي مكان آخر من السوق، تذكر أم فهد أن موسم الإقبال على شراء بيوت الشعر قد بدأ منذ هذه الأيام ويمتد أربعة أشهر قادمة، موضحة أنها باعت في موسم العام الماضي أكثر من 120 بيت شعر لزبائن من داخل المحافظة، وآخرين تقوم بنقل بيوت الشعر إليهم في دول الخليج والأردن بواسطة شاحنات أجرة، بعدما يتم الاتفاق فيما بينها وبين الزبائن من خلال الاتصال والتنسيق لاختيار المواصفات المطلوبة وخياطتها وتجهيزها، وقالت أم فهد: يعتبر النوع الألماني من أفضل الأنواع التي يطلبها الزبائن، لتماسكه وعدم نزول الماء إلى داخله وقت الأمطار، وتختلف الأسعار بحسب طول البيت وتجهيزاته من الداخل كأعمال السدو ونحوها، في حين تصل الأسعار إلى 24 ألف ريال لبيت الشعر الذي يبلغ طوله 30 مترا وعرضه 15 مترا. ومضت أم فهد تقول: تتكون بيوت الشعر التي نقوم بشراء وتجميع تجهيزاتها من (رولات صوف وطرايق وحلق وأعمدة وأطناب ومسامير) وبعض من أدوات الحدادة، ثم نستأجر عمالة للقيام بأعمال صناعته وخياطته تحت إشرافنا، بعدما صعبت علينا المهمة لتقدمنا في السن، حيث كنا فيما سبق نعمل كل ذلك بأيدينا. ويقول عامل آسيوي يدعى ميرغان إنه تعلم الخياطة عند قدومه للمملكة منذ نحو عامين على أيدي نساء السوق، مضيفا انه يجيد خياطة بيوت الشعر وكذلك الخيام واكتسب خبرة جيدة مكنته من استمرار العمل في ذلك. إلى ذلك، ذكر ناصر بن محمد أن المتعة بالجلوس في هذه البيوت يميزها كثيرا عن الخيام خاصة في وقت البرد وإيقاد النار التي تعتبر فاكهة الشتاء، وأشار إلى أنهم قاموا بشراء بيت شعر طوله 11 مترا لنصبه عند الإبل بالقرب من النعيرية، ليكون مكانا مناسبا لجلوسهم كل ليلة والنوم فيه أيضا في بعض الليالى كما يقول، وتابع: أدرك أصحاب مخيمات التأجير ما لبيوت الشعر من أهمية ورغبة لدى الكثير من الزوار والمتنزهين فعمدوا إلى شرائها وإلحاقها بمخيماتهم في مواقع التأجير المنتشرة في صحاري المحافظة. اقبال على المخيمات
مشاركة :