مع الانتهاء من جميع عمليات إعادة العد والفرز اليدوي للمحطات الانتخابية المطعون بنتائجها، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الخميس، أن نتيجة العد والفرز اليدوي جاءت متطابقة مع نتائج العد والفرز الإلكتروني. وفي الانتخابات "المبكرة" التي أجريت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جاءت الكتلة الصدرية في صدارة القوائم الفائزة بـ 73 مقعداً من أصل 329، يليها تحالف "تقدم" بـ 37 مقعداً، فيما حلّ ائتلاف دولة القانون في المرتبة الثالثة بـ 34 مقعداً، والحزب الوطني الكردستاني بـ 33 مقعداً، بحسب النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وخلافاً للتوقعات، تراجع مستوى التمثيل النيابي لبعض الأحزاب التقليدية والأخرى الممثِلة لفصائل الحشد الشعبي والمجموعات الشيعية المسلحة، بينما سجلت النتائج الأولية صعوداً لأحزاب ناشئة وشخصيات مستقلة بنحو 40 مقعداً، إلى جانب زيادة غير متوقعة في عدد مقاعد الكتلة الصدرية (73 مقعداً) التي زاد عدد مقاعدها بـ 18 مقعداً، وائتلاف دولة القانون (34 مقعداً) الذي حقّق زيادة بـ 9 مقاعد عن الدورة الانتخابية السابقة لعام 2018. أما تحالف قوى الدولة الوطنية برئاسة عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة المتحالف مع تحالف النصر برئاسة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي (2014-2018)، فقد سجل "التراجع الأكبر" في عدد المقاعد من بين القوائم والتحالفات الشيعية الأخرى بحصولهما معاً على 4 مقاعد، مقارنة بالدورة الانتخابية السابقة التي حصل فيها تحالف "النصر" على 21 مقعداً، وتيار الحكمة على 19 مقعداً. كما تراجع مستوى التمثيل النيابي لتحالف "الفتح" الذي يضم أجنحة سياسية لعدد من فصائل الحشد الشعبي والمجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران إلى 16 مقعداً، بينما كان قد حلّ بالمرتبة الثانية في انتخابات عام 2018 بـ 48 مقعداً. وشككت الكثير من الكتل السياسية بنزاهة العملية الانتخابية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والنتائج الأولية التي أعلنتها، فيما صدرت تهديدات باللجوء إلى خيار السلاح من عدد من الكتل السياسية التي تمتلك أجنحة عسكرية، على خلفية إعلان النتائج وخروج تظاهرات رافضة والتهديد بعدم المساس بهم، والتهديد كذلك باقتحام المنطقة الخضراء، مركز الحكم في العراق. ومنذ الإعلان عن النتائج الأولية غير الرسمية في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، رفضت الكيانات الخاسرة ضمن الإطار التنسيقي (شيعي) هذه النتائج، ودعت إلى تظاهرات واحتجاجات للمطالبة بإعادة عمليات العد والفرز يدويا لجميع المحطات الانتخابية، وهو ما ترفضه المفوضية لمخالفته قانون الانتخابات الذي ينص على إعلان نتائج الانتخابات إلكترونيا، وإعادة عمليات العد يدويا للمحطات المطعون بها. ولا يزال الإطار التنسيقي، الذي يضم معظم القوى التي تتصدر المشهد السياسي الشيعي، يصر على رفض نتائج الانتخابات، في محاولة منه لإلغائها والذهاب إلى انتخابات جديدة. منذ إعلان النتائج الأولية، كانت هناك دعوات إلى إلغاء نتائج الانتخابات الأخيرة، وتحديد مايو/ أيار المقبل موعدا لها، وهو الموعد الأساسي قبل استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي بضغوط من المحتجين والاستجابة لمطالبهم بإجراء انتخابات مبكرة حددتها حكومة مصطفى الكاظمي الانتقالية في يونيو/ حزيران الماضي، قبل تأجيلها إلى موعدها الأخير في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وترى أطراف عراقية أن تجنب احتمالات الفوضى الناجمة عن عدم التوافق على تسوية ترضي جميع القوى الشيعية، وتجنب الاقتتال، سيكون بإلغاء نتائج الانتخابات. وهو ما لا يمكن أن تقبل به القوى الفائزة، مثل الكتلة الصدرية التي تملك أكثر من ذراع عسكري، في مقابل ما تملكه القوى الأخرى في الإطار التنسيقي أو الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية. وكشفت تصريحات لقيادات في ائتلاف دولة القانون الذي يعد القوة السياسية الأهم في الإطار التنسيقي، وجود "تفاهمات" بين القوى السياسية "حول إلغاء نتائج الانتخابات وإجراء انتخابات جديدة"، وهو ما أكده الناطق باسم كتلة "الصادقون" محمود الربيعي ضمن تحالف الفتح الذي كشف أن التحالف رفع في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري دعوى لدى المحكمة الاتحادية للمطالبة بإلغاء نتائج الانتخابات. كما رفعت حركة "عصائب أهل الحق" دعوى قضائية مماثلة أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات وإجراء انتخابات جديدة. ووفقا لتصريحات رئيس تحالف الفتح هادي العامري، فإنه تم تقديم "أدلة كافية" للمحكمة الاتحادية "لإلغاء نتائج الانتخابات النيابية". ويضم تحالف فتح أجنحة سياسية لعدد من المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران، مثل "عصائب أهل الحق" ومنظمة بدر وكتائب "جند الإمام" وغيرها من الفصائل التي دخلت الانتخابات لأول مرة في انتخابات عام 2018، وحصولها على المرتبة الثانية بـ 48 مقعدا، لكنها لم تحقق سوى 16 مقعدا في النتائج الأولية ومقعدين إضافيين بعد إعادة الفرز والعد اليدوي في عدد من المحطات الانتخابية، وفق ما نشرته وسائل إعلامية لم تؤكدها مفوضية الانتخابات. وتشهد بوابات المنطقة الخضراء اعتصامات متواصلة منذ عدة أسابيع تخللتها حوادث امنية وتهديدات ومحاولات لاقتحام المنطقة الخضراء للضغط على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لإعادة العد والفرز اليدوي لجميع المحطات أو إعلان عدم شرعية نتائج الانتخابات ومقاطعة العملية السياسية بالكامل، وفي أحيان أخرى التهديد باللجوء إلى السلاح لفرض الأمر الواقع. وتواجه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة إلى العراق، التي ساهمت في مراقبة الانتخابات، اتهامات بعدم النزاهة. وتلقت المفوضية والبعثة الأممية المزيد من التهديدات التي أصدر مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بيانات إدانة رحبت بها الكتلة الصدرية التي واصلت الدفاع عن نزاهة مفوضية الانتخابات وحيادية بعثة الأمم المتحدة. وحذرت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، في إحاطتها حول الانتخابات أمام مجلس الأمن مساء الثلاثاء 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، من خطورة عدم تقبّل نتائج الانتخابات، وعدم لجوء المعترضين على نتائجها إلى الأطر القانونية وذهابهم نحو التصعيد. ورأت أن "لا دليل" على تزوير الانتخابات، مضيفة أنه "حتى الآن، وكما صرحت بذلك السلطة القضائية العراقية، لا دليل على وجود تزوير ممنهج". وأكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن ما تحدثت به بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي، حول الانتخابات العراقية، دليل على "نزاهة الاقتراع"، وهو ما أكده رئيس الكتلة الصدرية الذي أثنى على حديث المبعوثة الأممية، مستدلا بكلامها أنه "لا وجود لأدلة على تزوير الانتخابات"، ما يدعو القوى المعترضة إلى "مراجعة أنفسهم". وأصدرت معظم المجموعات الشيعية المسلحة بيانات هاجمت فيها موقف بلاسخارت من مجمل عملية الانتخابات ومن إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، حيث وصفت حركة "عصائب أهل الحق" حديثها بأنه "كذب". وتشهد مكونات الإطار التنسيقي الذي يتصدى لتنظيم الاحتجاجات والمطالبة بإعادة العد والفرز اليدوي أو إلغاء نتائج الانتخابات، خلافات داخلية ظهرت بتحفظ تحالف "النصر" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي على تهديدات بعض أطراف الإطار باللجوء إلى خيار السلاح لفرض الأمر الواقع. فيما شريكه في تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة فأطلق مبادرة تدعو إلى الحوار والتفاهم مع جميع الأطراف لوضع صيغة تفضي إلى إعادة التوازن للعملية السياسية من خلال اتفاق وطني جامع للتوصل إلى تسوية حول تشكيل الحكومة الجديدة بعيدا من إلغاء الانتخابات التي قد تقود البلاد إلى الفوضى. ومن الناحية الإجرائية، فإن الدعوات إلى إلغاء نتائج الانتخابات تفتقر إلى الإطار القانوني الذي لا يعطي صلاحية ذلك لأي سلطة تنفيذية أو قضائية باستثناء السلطة التشريعية التي يمثلها مجلس النواب المنحل، الذي هو الجهة الحصرية المختصة دستوريا وقانونيا بإلغاء نتائج الانتخابات، وحل المجلس الجديد نفسه، تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة. كما أن المحكمة الاتحادية العليا ليست مخولة بالنظر في الدعاوى القضائية الخاصة بإلغاء نتائج الانتخابات قبل عقد مجلس النواب جلسته الأولى. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :