خطيب المسجد الحرام: الماديات قضت على الروابط المجتمعية (فيديو)

  • 11/26/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تواصل – واس : أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها اليوم بالمسجد الحرام أيها المسلمون : إن مادية هذا العصر قضت على كثير من الروابط الوجدانية ، والمشتركات العاطفية ، فأصبح الناس وكأنهم قطع آلات تعمل للمصالح المادية ، وتنتج بوقود النفعية ، لقد جعلت هذه المادية المنافع ، والمصالح ، هي معاييرَ العلاقات ، فتراهم يقولون : لا صداقاتٍ دائمةً ، ولا عداواتٍ دائمة ، ولكن مصالح دائمة ، وهذا – رعاكم الله – هدم لركن عظيم من أركان الأخلاق . وأوضح أنه في هذه المادية ضعفت الروابط الاجتماعية الجميلة ، بل ضعفت رابطة الدين ، ورابطة القرابة ، ورابطة الوطن ، وصارت المصالح ، والمكاسب ، وتعظيم المنافع هي المعيار ، وهي المعتبر تحولت العلاقات إلى : زميل في العمل ، وعضو في الجمعية ، وشريك في المؤسسة ، ومساهم في الشركة ، وهكذا في علاقات مادية بحتة مؤكدا أن هذا له تأثيره الكبير في فقدان القيم الروحية ، والسكن النفسي ، والتبادل الوجداني . وأضاف قائلا معاشر الإخوة : ومن أجل مزيد من البيان ، والإيضاح هذا حديث عن الصداقة والأصدقاء في علاقاتهم ، وحقوقهم ، وصفاتهم ، ليتبين حال الفريقين ، ويتجلى منهج المسلكين . وبين الشيخ بن حميد أن الصداقة هي فطرة الاستئناس التي فطر الله الناس عليها والصداقة : معنى كريم في وجدان الأكرمين ، تناوله الحكماء بالوصف والتحليل ، وهي عنوان سلوك الإنسان ، ومقياس شخصيته حتى قيل : إذا أردت أن تعرف همة الإنسان ، ورجاحة عقله ، وبعد نظره ، وسعة أفقه ، فانظر من يصاحب ، وتأمل فيمن يصادق . وأبان أن الصداقة سامية المكانة ، غزيرة الفائدة ، تجمع بين العقل ، والدين ، والصلاح ، والكرم ، وحسن الخلق الصداقة ابتهاج في القلب ، ولذة في الروح ، وسخاء في النفس ، وعون على تخفيف أعباء الحياة الصداقة عطاء وبذل ، وإقالة للعثرات ، وصفح عن الزلات عروة وثقى ، تقوم على تماثل الطباع ، وتُشْعِر بالاستقرار في الفرد والجماعة . واردف إمام وخطيب المسجد الحرام يقول الصداقة هي جسر المحبة بين القلوب ، والعطر الفواح الذي ينتشر في الارجاء ، فيملأ القلبَ بالفرح ، والروحَ بالمحبة الصداقة إحدى مفاتيح السعادة ، فهي لا تقدر بثمن . وأفاد أن الصداقة اختيار ، وانتخاب ، واصطفاء ، لا تترك للظروف ، وأساسها الحب ، وعمادها الاحترام ، وحافظها طيب النوايا الصديق شريك في الحياة ، شريك في الأفراح ، وفي الأتراح ، وفي القوة والضعف ، وفي الرخاء والشدة ، وقد قيل : الصديق وقت الضيق ، والصديق قبل الطريق والاصدقاء : أوطان واسعة ، وأحضان دافئة الصداقة الجميلة بما تحمله من علاقات متينه ، وذكريات لطيفة من علاقات الدين ، والقربى ، والجيرة ، والزمالة ، في اختيار محضن يمليه الميل القلبي ، والود المشترك ، وخصال البر لا تحيا إلا بالتهذيب . وبين الدكتور بن حميد انه يجتمع في الصديق صدق القلب ، وصدق اللسان ، وصدق الموقف ، وصدق المشاعر ، وصدق النصح صديق كريم ، إن قَرُبَ منح ، وإن بَعُدَ مدح ، وإن ظُلِم صفح ، و إن ضويق فسح ، ومن ظفر بمثل هذا فقد أفلح إخوان الصدق خير مكاسب الدنيا ، زينة في الرخاء ، وعُدَّة في البلاء ، يتطاوعون بلا أمر ، ويتناهون بلا زجر ، لا عَتَبَ يُسوَّدُ به الوجه ، ولا عُذْرَ يُغَضُّ منه الطرف ، فهو رقيق في عتابه ، رفيق في عقابه ، غيرُ فاسق ، ولا منافق الصديق يستأنس به ، ويعتمد عليه ، ويستشار في الُملِمِّ ، وينهض في الُمهِمِّ يكتم السر ، ويستر العيب ، ويبذل في النوائت ، ويؤثر في الرغائب ، يلتمس الأعذار ، ولا يُلْجِئ إلى الاعتذار ، إذا خدمته صانك ، وإن صحبته زانك ، إذا مددت إليه يدَ الخير مدها ، وإن رأى منك حسنة عدها ، وإن رأى سيئة سدَّها ، إذا سألته أعطاك ، وإن نزلت بك نازلة واساك رِدْءٌ عند الحاجة ، ويد عند النائبة ، وأنس من الوحشة ، وزين عند العافية والصديق الثقة هو العين ، وهو الأذن ، وهو القلب ، يرُى به الغائب بصورة الحاضر . وقال فضيلته معاشر المسلمين : إذا كان ذلك كذلك فلا بد من الحرص والتحري في اختيار الصديق فا الإنسان محاسب على اختيار الصديق ، تأملوا قوله سبحانه في ندامة الظالم وفي الحديث :( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) أخرجه أحمد وابو داود . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ) رواه الترمذي بسند حسن وفي الحديث : لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ، والمرء مع من أحب ، وإذا أحب المسلم أخاه فليعلمه والمتحابون في الله يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله يقول عمر رضي الله عنه : ( عليك بإخوان الصدق ، فعش في أكنافهم ، فإنهم زينة في الرخاء ، وعُدَّةً في البلاء ) . وأضاف أنه ينبغي أن يعلم أن الكمال عزيز ، ولكل جواد كبوة ، ولكل سائر عثرة ، فلا بد من غفران الزلات ، وإقالة العثرات ، ومن استرسل في العتاب فلن يبقى له صديق وإذا كان الصفح عن الزلات من أفضل خصال الرجال فأحق الناس بالتغاضي عن هفواتهم هم أخوانك الذين عرفت فيهم المودة ، والصدق ، والنصح ، ومن ابتغى صديقا من غير عيب بقي بلا صديق ، ومعاتبة الصديق خير من فقده ، أطع صديقك ، ولِنْ له ، ولا تسمعْ فيه قول حاسد ، وغدا يأتيك نعيه فكيف تبكيه ، وقد جفوته ، وقطعت وصله. وأكد الشيخ الدكتور صالح بن حميد ولا يُصلح العلاقات ، ولا يديمها إلا التغافل ، والصفح ، والتناسي ، وسلامة الصدر ، وصفاء النفس ، والعتاب الرقيق وليحذر الصديق أن يحمل في صدره حمية الجاهلية ، فيرى أن لزاما على صديقه أن يصادق من صادق ، ويعاديَ من عادى ، بل عليه أن يدرك أن الناس يختلفون في تقديرهم لمنازل الناس ورتبهم ، وخطأهم ، وصوابهم وإذا تحملت من صديقك حر صيفه ، وبرد شتائه ، وجفاف خريفه ، وقِصَر ربيعه ، كانت كل الفصول لك ربيعاً دائما . وقال فضيلته أيها الاحبة : ومن ظن أنه يستغني عن الصديق فهو مغرور ، ومن ظن أن تحصيل الصديق أمر هين فقد جانب الصواب ، وإذا كان ذلك كذلك – عباد الله – فينبغي على الصديق أن يكون خفيفا ، فلا يكلف صاحبه ما يشق عليه ، ومن الجفاء في الصداقة التكلف ، والاحتياج إلى المداراة ، والإلجاء إلى الاعتذار ، فلُمْ صديقك سراً ، وأَثْن ِعليه علنا وجهراً ، ويبقى الود ما بقي العتاب والمؤمن مرآة أخيه إن رأى فيه ما لا يعجبه سدده وقومه ، وحاطه بحفظه في السر والعلن ، فثقوا في الأصحاب ، واطمئنوا إلى الإخوان ، واحفظوا المجالس ، ولا تسمع عن أخيك ، بل اسمع منه ، وإذا فارقته فاحفظ سره . وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله عز شأنه ذكر في كتابه مقامين تتجلى فيهما الصداقة على حقيقتها ، ويبرز أثرها ، وعظيم الحاجة إليها أما المقام الأول : فهو حين يلتفت بعض أهل الموقف يوم القيامة ليبحثوا عن معين أو نصير ، فيقول قائلهم كما ذكر الله جل وعلا وأما المقام الثاني : فهو لعموم أهل المحشر حيث قال الله عز شأنه إنها صداقة التقوى ، الصداقة الممتدة إلى ما بعد الموت ، والتي لا تنفصم عراها.   http://twasul.info/wp-content/uploads/2021/11/gRYme_p2zjm_6jhr.mp4

مشاركة :