الصحافة من المهد إلى اللحد!

  • 11/9/2015
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

كان الأستاذ عبدالله عريف أمين العاصمة الأسبق (رحمه الله) يمازح المراجعين وأصدقاءه بقوله: إن أمانة العاصمة تخدم المواطن من المهد إلى اللحد، فإذا طلبوا منه تفسيرا لقوله أجابهم: لأن الأمانة مسؤولة عن صحة البيئة والمطاعم والمواد الغذائية والنظافة والتشجير والحدائق والمباني وهي أمور يحتاجها الإنسان من اللحظة الأولى لصرخته في الحياة وهو في مهده أما خدمته عند ولوجه لحده فعن طريق إدارة «الشرشورة» وهو الاسم الشعبي لقسم أو إدارة شؤون خدمة الموتى بأمانة العاصمة المقدسة وهذه الخدمة بدأت تضمحل من قبل الأمانة بعد أن أنشئت مؤسسات تابعة للجوامع الكبرى بأم القرى تقدم الخدمة وبمستوى راق وتوفر سيارات لنقل الموتى حتى قبورهم بل وحافلات لنقل ذويهم من المشيعين! تذكرت قول الأستاذ العريف عندما قال لي أحد الأصدقاء إن الصحافة المحلية أخذت في الآونة الأخيرة تخدم المواطنين من المهد إلى اللحد.. فإذا رزق شاب بمولود أو كهل بحفيد نشرت الصحافة خبرا عن المولود، أن حرم فلان أهدته مولودا - على حد قول الخبر! الذي يظهر فيه صورة المولود في الأيام أو الساعات الأولى من عمره ووالده يحمله بكل فخر واعتزاز على أساس أنه نجح في الإنتاج!، أما إن توفي مواطن فإن الصحافة لم تعد تكتفي بنشر خبر وفاته بل قد تصوره جثمانه وهو يلحد في قبره أو على الأقل تنشر أخبارا مصورة عن مراسم العزاء في أيامه الثلاثة، فيكون في كل عدد من أعداد بعض الصحف صفحة كاملة عن عزاء عدد من المتوفين، وقد أعجب النظام الجديد بعض الذين يحبون رؤية صورهم في الصحف فأصبحوا لا يفوتون مناسبة عزاء دون حضورها حتى أصبح نفر منهم لا تخطئهم العيد لكثرة ظهورهم في مناسبات العزاء، وقد تجد الواحد منهم يعزى أهل المتوفى وعيناه العسليتان تتجهان نحو «كاميرا» الصحافة لكي تظهر صورته جلية عند النشر وليس من المستبعد أن يؤدي انشغاله بالصورة والتصوير وهو يربت على كتف واحد من أسرة المتوفى، إلى إدخال إصبعه في عين أو أذن مستقبل العزاء إن لم يتمكن من تفادي ذلك الإصبع «المخراز»! ولما أكمل صديقي مرافعته وملاحظاته الطريفة وتأملت ما قاله وطبقته على واقع الحال وجدت أنه على حق، وأن العزاء قد يتحول مع مرور الأيام من مناسبة مواساة إلى مناسبة تباهٍ بمن قدم العزاء لهذه الأسرة أو تلك من الأسماء اللامعة الشهباء وعِش رجبا ترى عجبا!!.

مشاركة :