مفوضية الانتخابات في العراق تحسم النتائج النهائية بتعديل طفيف يبقي على هيمنة التيار الصدري

  • 12/1/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم تشكل النتائج النهائية للانتخابات التشريعية في العراق أي مفاجأة، بإبقائها على ذات الترتيب بالنسبة إلى الكتل الفائزة والخاسرة، مع تعديل طفيف لم يتجاوز الخمسة مقاعد، وسط تساؤلات حول كيفية تعاطي القوى المنهزمة مع هذا الواقع. بغداد - أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية الثلاثاء عن النتائج النهائية للاستحقاق التشريعي، بعد الانتهاء من إعادة عملية العدّ والفرز اليدوي التي أسفرت عن تغير طفيف في النتائج الأولية التي وقع الإعلان عنها الشهر الماضي. وقال رئيس المفوضية القاضي جليل عدنان خلال مؤتمر صحافي “هناك تغيير في مقعد واحد في خمس محافظات هي: بغداد وبابل ونينوى وكركوك والبصرة وأربيل”. ووفق المفوضية فقد تصدّر التيار الصدري نتائج الانتخابات بواقع 73 مقعدا من أصل 329 مقعدا، وحققت كتلة تقدم السنية فوزا مهما بـ37 مقعدا، وحصل ائتلاف دولة القانون على 33 مقعدا والحزب الديمقراطي الكردستاني على 31 مقعدا. وانحصر عدد مقاعد تحالف الفتح الواجهة السياسية للميليشيات الشيعية الموالية لإيران في 17 مقعدا، باحتساب مقعدين إضافيين، وهو نفس عدد المقاعد التي حاز عليها الاتحاد الديمقراطي الكردستاني. وحصد تحالف عزم السني 14 مقعدا، وحصل كلّ من الجيل الجديد وحركة امتداد على 9 مقاعد، وإشراقة كانون على 6 مقاعد، وكانت الانتكاسة الكبرى تلك التي مني بها تحالف قوى الدولة الوطنية حيث حصل على 4 مقاعد فقط. وتضع النتائج النهائية للانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي القوى المعترضة ولاسيما الميليشيات الموالية لإيران، أمام وضع صعب بين السير قدما في خيار التصعيد أو الذهاب إلى التهدئة واتباع المسارات القانونية والسياسية. التيار الصدري يتصدّر نتائج الانتخابات بواقع 73 مقعدا من أصل 329 مقعدا، تليه في المرتبة الثانية كتلة تقدم بـ37 مقعدا وستتولى المفوضية بعد إعلانها النتائج إرسالها إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها خلال عشرة أيام كحدّ أقصى. وبعدها يدعو رئيس الجمهورية برهم صالح مجلس النواب الجديد إلى الانعقاد خلال مدة أقصاها 15 يوما برئاسة النائب الأكبر سنا. ويتم خلال الجلسة انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه. على أن تعقبها جلسة أخرى يتم خلالها انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتولى بدوره تكليف الكتلة البرلمانية الأكبر لترشيح رئيس للوزراء على أن يتم ذلك خلال مدة أقصاها شهر واحد. وتملك القوى المعترضة إمكانية اللجوء إلى القضاء للطعن في نتائج الاستحقاق، بيد أنه من المستبعد أن يقود ذلك إلى أي تغيير لاسيما وأن رئيس المجلس الأعلى للقضاء القاضي فائق زيدان، سبق وأن أكد عدم وجود أدلة قانونية تفيد بوقوع عمليات تزوير. ويرى متابعون أن القوى الخاسرة أمام خيارات أحلاها مرّ، لاسيما وأن التيار الصدري الذي فاز في الاستحقاق لا يبدو في وارد التخلي عن فرصته الذهبية في التفرد بقيادة العملية السياسية في العراق. ويشير المتابعون إلى أن هناك انقسامات حادة داخل القوى المعترضة خصوصا تلك الموالية لإيران في كيفية التعاطي مع النتائج النهائية، حيث يميل ائتلاف دولة القانون إلى الإقرار بالنتائج على أمل إبرام صفقة مع التيار الصدري، في مقابل ذلك تنحو الميليشيات الممثلة داخل تحالف الفتح إلى التصعيد. وفي أول رد فعل على النتائج توعد تحالف الفتح، بالرد على أي “استفزازات” أو “مصادمات” من قبل أي جهة على المحتجين على نتائج الانتخابات. وقال عضو تحالف الفتح محمود الحياني لشبكة رووداو العراقية، إن “النتائج التي أعلنتها المفوضية كانت متوقعة”، مشيرا إلى أن “المفوضية حاولت تغيير عدد منها، من خلال فتح بعض الصناديق، لكنها رفضت فتح كل الصناديق بالعدّ والفرز اليدوي لأن هذه النتائج ستكون مغايرة لما تم الإعلان عنه كليا وجذريا”. وشدد عضو تحالف الفتح على أن “الاحتجاجات ستتصاعد، وهو شيء بديهي في ظل إرهاصات المفوضية”، قائلا “الاحتجاجات ستحافظ على سلميتها، لكن إذا كانت هنالك مصادمات أو تعرض من قبل جهات، سيكون هنالك رد قوي من قبل الجماهير على أي استفزاز”. الرهان على الشارع يشكل سلاحا ذا حدين حيث قد ينتهي إلى صدام داخل المكون الشيعي خصوصا أن التيار الصدري يمتلك قاعدة شعبية كبيرة ويشكل الرهان على الشارع سلاحا ذا حدين حيث قد ينتهي إلى صدام داخل المكون الشيعي، خصوصا وأن التيار الصدري يمتلك قاعدة شعبية كبيرة جاهزة للنزول بإشارة من زعيمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. وقال الباحث في مركز “واشنطن إنستيتوت” حمدي مالك إن الصدر “قادر على احتلال الشارع، وليس لأحد القدرة على منافسته في هذا الميدان”. وأضاف أن الصدر “هو الشخصية المحورية في تياره، وهذا أمر مهم في العراق”، حتى لو أنه أحيانا يناقض نفسه ويبدّل مواقفه بين يوم وآخر. وأرسل الصدر الآلاف من مناصريه إلى الشارع خلال الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، لدعم المتظاهرين المطالبين بتغيير الطبقة السياسية الفاسدة، لكنه سرعان ما انقلب في موقفه ضد الحراك الاحتجاجي، وأصبح العدو رقم واحد له. ويرى محللون أن الصدر في موقع قوة وبالتالي ليس مضطرا إلى الدفع بأنصاره إلى الشارع، لمواجهة المحتجين الموالين للميليشيات، بل سيركز جهوده في المرحلة المقبلة لتشكيل تحالف سياسي يضمن من خلاله تشكيل حكومة أغلبية، لافتين إلى أن المستقلين سيكونون بمثابة “بيضة القبان” لصالح هذا الطرف أو ذاك. وقال الخبير في التيارات الشيعية في جامعة “أرهوس” في الدنمارك بن روبن دكروز إن الصدر “يحاول وضع نفسه في مركز النظام السياسي، مع أخذ مسافة منه في الوقت نفسه”، مشيرا إلى أن “موقع الصدر كرجل دين يتيح له أن يوهم بأنه أكبر من السياسة”.

مشاركة :