وقبل الحديث عن هذا الواقع أود طرح أسئلة ربما تحمل شيئا من الوجاهة والعقلانية: هل انبثقت في عصرنا الحاضر رؤى جديدة تشكل أنماط الرواية المعاصرة وآفاقها؟ وهل تغيرت الأزمان التي تتحرك في داخلها أفكار الرواية ومعطياتها؟ وما هي أوجه العلاقة بين الرواية وجماهيرها العريضة؟ وبادئ ذي بدء أقول بأن واقع الحياة في تغير دائم، وبالتالي فإن مسارات الرواية واتجاهاتها الفنية تنسجم كما أرى مع تلك المتغيرات، فالواقعية كما كنا نقرأها، وأعني بها واقعية «الفرد» كما تجلت مثلا في عدة شخصيات روائية مثل شخصية «محسن» في عود الروح لتوفيق الحكيم، وشخصية «إسماعيل» في رواية قنديل أم هاشم ليحيى حقي، وشخصية «حامد» في رواية زينب لمحمد حسين هيكل، وغيرها من الشخصيات الشهيرة بشهرة تلك الروايات ذاتها.تلك الواقعية «الفردية» كما أتصور طرأ عليها الكثير من المتغيرات تبعا لما طرأ على المجتمع العربي نفسه من متغيرات بشكل يدفعني إلى القول بأن أغراض الرواية واتجاهاتها الفنية تحولت إلى أبعاد أخرى مع التطورات الاجتماعية، أعني تلك التطورات أو المتغيرات الاجتماعية والثقافية التي أدت بالضرورة إلى تعامل الروائيين مع شخصياتهم بواقعيات جديدة قد تختلف في اتجاهاتها وأبعادها الفنية من فترة إلى أخرى، بمعنى آخر فإن كتاب الرواية العربية نجحوا أيما نجاح «كما أرى» في رسم تجاربهم الواقعية بشكل جيد، وهذا معناه أن الإبداعات الروائية لا سيما تلك التي رسمها كاتبنا الكبير نجيب محفوظ بمهارة فائقة وذكاء حاد وأسلوب مميز في معظم رواياته الشهيرة استطاعت إلى حد كبير أن تهتم بواقع الإنسان ومواقفه الإنسانية التي تشكل في جوهرها تجاربه الروائية العملاقة.mhsuwaigh98@hotmail.com
مشاركة :