اعتبر خبراء متخصصون في مجال الموارد البشرية والتوطين أن أبرز التحديات التي تواجه عملية التوطين في الإمارات ودول الخليج، تكمن في ما وصفوه بـسهولة ترك المواطن وظيفته بعد فترة قصيرة من التحاقه بها، والحاجة إلى تدريب الكفاءات المواطنة، مؤكدين أن هذه الظاهرة تكبد جهات العمل خسائر طائلة، لأنها تنفق عليهم الكثير لتدريبهم وتأهيلهم، ثم يتخلون عن وظائفهم من دون أسباب واقعية، مطالبين بالتركيز على مواجهة التحديات الخاصة بالتعامل مع توظيف الخريجين الجدد، من خلال تدريب شباب المواطنين على الاستقرار الوظيفي، وتأهيلهم لتسلق السلم الوظيفي وارتقاء المناصب القيادية، عبر برامج تدريبية محفزة. وتفصيلاً، قال نائب المدير التنفيذي لقطاع الخدمات المشتركة في مؤسسة دبي للإعلام، الدكتور جاسم آل علي لدينا إشباع وظيفي في القطاع الحكومي، ونحتاج إلى توفير وظائف جديدة، لاسيما أنه مستقبلاً سيكون لدينا آلاف الخريجين، وسيُطلب منا وقتها توفير وظائف مناسبة لهم. وأضاف: حينما تركز جهات العمل على تحمل عناء وتكاليف تدريب المواطنين وتأهيلهم لوظيفة ما، غالباً ما تواجهها إشكالية تكمن في عدم حرص الموظف المواطن على البقاء في وظيفته فترات طويلة، وتخليه عن العمل بسهولة، ومن دون مقدمات أو أسباب منطقية، ما يكبد المؤسسات خسائر كبيرة، داعياً إلى ضرورة البحث بعمق في أسباب هذه الظاهرة، والعمل على إيجاد حلول عملية لها، من خلال تمكين الموظف المواطن، ومنحه الثقة والتدريب للترقي وصعود السلم الوظيفي، عبر برامج تدريبية تجعله يستمتع بعمله ويحبه. وطالب آل علي بالتركيز على تدريب المواطنين على الكفاءة والمهارة الوظيفية، وفتح المجال أكثر لعمل المرأة، مشدداً على أنه لا يمكن القول بوجود بطالة بين المواطنين، قائلاً: لدينا 40 ألف شخص يبحثون عن عمل في الدولة، مقابل 700 ألف وظيفة معروضة، لكن الكثير منهم لا يقدمون عليها لرغبتهم في العمل الحكومي لتحقيق الأمن الوظيفي، ولذلك يجب تكثيف العمل على التوطين في القطاع الخاص، ليس عن طريق الإلزام، بل بتدريب المواطنين على المهارات الوظيفية وتخصيص برامج محفزة ووضع معايير ومميزات عادلة في العمل وعند التقاعد، على غرار المؤسسات الحكومية. فيما قال رئيس قسم الموارد البشرية والتوطين في شركة دولفين للطاقة، عبدالله محمد الحوسني، إن الاهتمام بالتوطين يعزز قيمة العنصر البشري للدولة، متابعاً هناك تحديات كثيرة تعترضنا في الإمارات والخليج بشأن التوطين، وعلينا أن نُعنى أكثر بهذه القضية، من خلال مبادرات كثيرة تشمل القطاعين العام والخاص. وأضاف الحوسني أن مفهوم وأهداف التوطين يختلفان من مؤسسة لأخرى، فمثلاً الجهات الحكومية تعمل وتسعى لتحقيق معدلات توطين بنسبة 100%، بينما في الشركات الدولية والخاصة الأمر يختلف، لأن التوطين ليس هدفاً رئيساً لها، بل تسعى لإيجاد الموظف المناسب المحترف، ولذا يجب التعامل مع هذا الواقع من خلال تدريب المواطنين وإمدادهم بالخبرات ونقل المعرفة الوظيفية إليهم، لتكون لهم الأولوية لدى الشركات العالمية. ودعا الحوسني إلى ضرورة التركيز على مواجهة التحديات الخاصة بالتعامل مع توظيف الخريجين الجدد، من خلال تدريبهم على الاستقرار الوظيفي، وتأهيلهم لتسلق السلم الوظيفي وارتقاء المناصب القيادية. من جانبها، أكدت المدير العام للموارد البشرية والخدمات المؤسسية لشركة بتلكو البحرينية، سهيلة النواخذة، أن نسبة التوطين في مملكة البحرين، تصل إلى 2.3% في القطاعين العام والخاص، لافتة إلى أن الجامعات الخاصة والدولية تُخرّج 4000 خريج سنوياً. وأضافت: لدينا نظام للتنقل الوظيفي من دائرة لأخرى، أو من قسم لآخر، بالإضافة إلى برامج متعددة للاستخلاف الوظيفي، مطالبة بضرورة التركيز على المخرجات، وأن تُعنى الدولة وجهات العمل بالتخطيط والتدريب والتأكيد على المواءمة بين التوطين والاستثمار في المواطن. فيما طالب مدير المبيعات الدولية بشركة كروس نولج العالمية، فريدريك فوكيوت، بـإحداث نقلة نوعية في مجال التوطين، من خلال توفير الكفاءات، وعلينا أن نقدم المعرفة والتدريب على الكفاءة الوظيفية للمواطنين في القطاعين العام والخاص، والسعي لمواجهة هذا التحدي عن طريق التطوير والتدريب والتكامل المكثف، داعياً إلى توفير الاحتياجات الوظيفية لكل مواطن، لتقليل نسبة المواطنين الذين يتركون العمل من دون أسباب. وأكد القائم بأعمال مدير الموارد البشرية في الشركة القطرية لشبكة الحزمة العريضة، الدكتور جونبي ليوان، وجود استراتيجية تهدف إلى استبدال الموظف الأجنبي بنظيره المواطن، داعياً إلى ضرورة مراعاة أن يتم التأكد أولاً من كفاءة هذا البديل وحسن تلقيه الخبرات اللازمة، على أن يتم الاستبقاء على الموظفين الأجانب الذين يهتمون بتدريب الموظفين المواطنين، وينقلون الخبرات إليهم.
مشاركة :