تقدم 32 نائباً من حزب نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحاكم في البلاد باستقالاتهم أمس الإثنين من كتلة الحزب في البرلمان ملوحين بتكوين كتلة نيابية جديدة في تصعيد للانقسامات التي تعصف بالحزب وهو ما يسمح لحزب النهضة الإسلامي بأن يصبح القوة الأولى في البرلمان. ويبدو أن الأزمة الداخلية للحزب تتجه نحو الانسداد في ظل عدم التوصل إلى حل توافقي بين الأجنحة المتصارعة على طريقة تسيير الحزب وصلاحيات هياكله. وبات من الواضح اهتزاز الثقة بين أطراف الحزب الذي جمع بين جانبيه خليطاً من الأطياف السياسية، يساريين ونقابيين وتقدميين ورموزاً من النظام السابق. وأصبح الصراع أكثر تركيزاً على النفوذ والسلطة داخله. وتهدف وثيقة الاستقالة للكتلة المنسحبة إلى ممارسة مزيد من الضغوط على الهيئة التأسيسية للحزب ووضعها أمام الأمر الواقع للتوصل إلى حلول سريعة من أجل تفادي الانقسام. وبحسب لوائح النظام الداخلي للبرلمان لن تصبح الاستقالة نافذة إلا بعد خمسة أيام. وسيسمح هذا الهامش من الوقت بمزيد من المناورة السياسية والبحث عن التوافقات بين المتصارعين، إذ من المتوقع أن تعقد الهيئة التأسيسية للحزب اجتماعا قبل ذلك الجمعة المقبلة. وقال النواب المنسحبون إنهم مستعدون للتراجع عن قرار الاستقالة والتعاطي مع أي مقترحات أو مستجدات تدفع نحو الصلح وتوقف التوجه الانقلابي الذي يقوده بحسب رأيهم نجل رئيس الدولة، حافظ قايد السبسي الذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب. ويعتبر النواب أن الشق الموالي لحافظ السبسي يبيت لنوايا توريثية وهو ما ينسف المبادئ التي لوح بها نداء تونس عند تأسيسه وأبرزها دعم الديمقراطية. كما يشدد النواب على شرعية الهياكل الحالية للحزب إلى حين تنظيم مؤتمر تأسيسي يفرز هياكل منتخبة. وفي حال لم يفضِ الاجتماع المزمع للحزب الجمعة إلى توافقات فإن انقسام نداء تونس يصبح على الأرجح أمراً واقعاً ما يعني تقلص الكتلة النيابية للحزب من 86 نائباً إلى 55 ما يعني تقهقر الحزب إلى المركز الثاني بعد كتلة حزب حركة النهضة الإسلامية التي تعد 69 مقعداً. وليس واضحا بعد ما هي النتائج القانونية التي سيفضي إليها المشهد السياسي الجديد داخل البرلمان إذا ما تأكدت استقالة النواب الغاضبين،بينما يعتبر المراقبون أن الإسلاميين سيكونون أكبر مستفيد من أزمة النداء وأن ما لم تأت به صناديق الاقتراع وقت الانتخابات فربما يأتي من رحم الأزمة الحالية للحزب الأغلبي. لكن حتى أمس لم يصدر تعليق رسمي واضح من حركة النهضة بشأن هذه الأزمة. كما أنه من السابق لأوانه الآن الحديث عن التأثيرات المتوقعة على عمل الحكومة أو التغييرات التي قد تطرأ على طبيعة الائتلاف الحالي باعتبار أن النواب المنسحبين أعربوا عن دعمهم لحكومة الحبيب الصيد الحالية وليس لهم نوايا للوقوف في صف المعارضة. من جهة أخرى اعتقلت قوات الأمن التونسي بمحافظة سوسة إرهابيين يشتبه في تورطهما في عدد من العمليات الإرهابية، منها عملية اغتيال رجل أمن في أغسطس/آب الماضي. ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن مصادر أمنية أمس أن عمليات المداهمة التي تواصلت إلى الفجر بعدد من المناطق في المحافظة مكنت من حجز أسلحة وكميات من المواد المتفجرة.
مشاركة :