انتخابات الرئاسة في ليبيا.. طريق محفوفة بالمخاطر

  • 12/1/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

طرابلس - أقل من شهر يفصل الليبيين عن أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا قبل وبعد ثورة فبراير التي أطاحت بنظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بعد أكثر من أربعة عقود من الحكم الفردي، لتدخل البلاد بذلك في أول اختبار ديمقراطي وأيضا في مرحلة تبدو حاسمة ومحفوفة بالمخاطر. ومن المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول وفق خارطة طريق سياسية برعاية أممية وبدفع دولي لإنهاء عشر سنوات من الفوضى والانقسامات، لكن لا توجد أي ضمانات لهذا المسار الذي يبدو ملغوما. وبات المرشحون لسباق الرئاسة معروفون بعد أن استبعدت مفوضية الانتخابات 25 مرشحا بينهم سيف الاسلام نجل الزعيم الليبي الراحل وعلي زيدان رئيس الوزراء الليبي الأسبق ونروي أبوسهمين رئيس البرلمان الموازي سابقا، بينما حسمت محكمة في طرابلس في الطعون التي قدمتها شخصيات سياسية في ترشح رئيس الوزراء الحالي عبدالحميد الدبيبة بأن رفضت الطعون المقدمة ضدّه ليعود بذلك إلى السباق وبحظوظ تبدو وفيرة في منافسة رجل الشرق القوي خليفة حفتر وآخرين.   لكن استمرار الخلافات بين المعسكرات المتنافسة والتوترات على الأرض تلقي بظلال من الشك على إجرائها. ونظريا، يبدو أن البلاد مستعدة للخطوة الكبيرة المرتقبة إلى الأمام في انتقالها السياسي الطويل بعد عقد من الفوضى. وهذا ما يريد المجتمع الدولي تصديقه وقد دعا في مؤتمر دولي حول ليبيا عقد في باريس منتصف نوفمبر/تشرين الثاني إلى إجراء انتخابات "شاملة" و"ذات مصداقية"، وهدّد بفرض عقوبات على كل من يقف في طريق تحقيق ذلك. وتؤكد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا استعدادها لتنظيم الانتخابات الرئاسية. ونشرت القائمة الأولى للمرشحين وتقوم حاليا بتوزيع بطاقات الناخبين، ما يجعل العملية تبدو "طبيعية" إلى حد ما. لكن عمليا وعلى أرض الواقع، تظهر صور وتقارير لا سيما تلك الواردة من جنوب البلاد، وتحديدا سبها، أكبر مدن المنطقة، أن العملية الانتخابية تسير في "حقل ألغام" لا يمكن فيه التنبؤ بمصير عملية سياسية بدأت قبل عام تقريبا على أساس خارطة طريق تنص على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. أول مشاهد الحالة "المفخخة" للعملية الانتخابية في ليبيا، تمثلت في إقدام قوات المشير خليفة حفتر، أحد أبرز المرشحين للرئاسة والرجل القوي في شرق البلاد، على قطع الطريق إلى محكمة سبها (جنوب) لمنع سيف الإسلام القذافي، الطعن في قرار رفض ترشيحه الذي اتخذته مفوضية الانتخابات. وقالت الحكومة الليبية المؤقتة في بيان إنها "تتابع بقلق بالغ" هذه التوترات، من دون أن تتمكن من التدخل. وتعجز الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا عن ضبط سلوك قوات حفتر، في ظل عدم توحيد القوات العسكرية الليبية بعد. وسيطرة هذه القوات فعليا على شرق البلاد وأجزاء هامة من الجنوب. وفي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دعا وجهاء من عدة مدن خصوصا في الغرب، إلى مقاطعة الاقتراع . كما دعا عدد من المكاتب المواطنين إلى سحب بطاقاتهم الانتخابية تحت ضغط من جماعات معادية لترشيح سيف الإسلام الذي قُتل والده خلال ثورة شعبية في البلاد عام 2011. ومع بدء العد التنازلي لأول عملية انتخابية لرئيس دولة في تاريخ ليبيا منذ نيل استقلالها في خمسينات القرن الماضي، لم يتم الانتهاء من القائمة النهائية للمرشحين بسبب الطعون المتعددة المقدمة. وسُلّمت بطاقات الناخبين لنحو 2.4 مليون ليبي من أصل أكثر 2.8 مليون مسجلين. ويبلغ عدد سكان البلاد ما بين 6 إلى 7 ملايين. ويقول الباحث جلال حرشاوي المتخصص في الشؤون الليبية إن فرص إجراء الانتخابات في الموعد المحدد "قليلة جدا". كما أن العملية الانتخابية "هشة للغاية وغير مكتملة وفيها خلل ومؤسسات طرابلس تعاني من الانقسامات السياسية"، معتبرا أن "العنف والاستقطاب سيستأنفان قبل 24 ديسمبر". وكان وزير الداخلية الليبي خالد مازن أكد على أن استمرار انتهاكات عملية تأمين الانتخابات، سوف ينعكس على الالتزام بموعدها. وأشار مازن في مؤتمر صحافي الثلاثاء إلى أن الاعتداءات الحاصلة في العملية الانتخابية لم تكن "وليدة، ومورست ضغوطات على كوادرنا ومؤسساتنا، لكننا آثرنا ضبط النفس وعدم التصعيد الإعلامي". وتلخص كلوديا غازيني الخبيرة في مجموعة الأزمات الدولية إلى أن أساس كل هذه المشاكل "وجود قانون انتخابي غير واضح"، مع "تناقضات". كما تحوم شكوك حول قدرة السلطات على حماية مراكز الاقتراع. وعلى الرغم من التقدم السياسي المسجل منذ توقيع وقف إطلاق النار بين المعسكرين المتناحرين (سلطات الشرق وسلطات الغرب) في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، لا يزال الأمن غير مستقر، في ظل استمرار وجود مجموعات مسلحة ومرتزقة أجانب. ويقول حرشاوي "لا يتوهم أحد أن الأمن سيكون مضمونا في جميع مراكز الاقتراع في هذا البلد، بحجم يصل إلى ثلاثة أضعاف فرنسا". وتابع "في كل السيناريوهات، سيكون هناك تزوير ومقاطعة وحصار وترهيب للناخبين واشتباكات وأكثر السيناريوهات تفاؤلا هي تلك التي لا تكون فيها هذه المخالفات مذهلة أو ضخمة للغاية". وعلى الرغم من خطورة الوضع والمخالفات التي اتسمت بها عملية التهدئة الهشة، يواصل المجتمع الدولي المراهنة بكل شيء على الانتخابات لإنهاء فوضى سياسية وأمنية في بلاد غنية بالنفط تواجه خطر الانقسام وتفاقم التدخلات الأجنبية. وتقول كلوديا غاتزيني "من وجهة نظر تنظيمية وتقنية وقانونية، احتمال تنظيم الانتخابات منخفض للغاية، لكن تحالفا على المستوى الدولي يواصل القول إنه يجب أن تتم في 24 ديسمبر(كانون الأول)".

مشاركة :