الظلم في الوطن غربة

  • 11/10/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قبل مدة أجرت قناة (إم بي سي) لقاء مع الصحافي البريطاني (روبرت فيسك) وهو الذي كان مقيمًا في بيروت إقامة شبه دائمة، وقال: إن هناك ظاهرة لفتت نظره في الشعوب العربية وهي: فقدانهم الشعور بالمواطنة الحقة، فهم يعيشون الشيء ونقيضه بما يشبه الانفصام، فمثلاً هم يفرطون في النظافة داخل منازلهم، بينما يبدون غير معنيين بنظافة محيطهم، وكذلك ما يتعلق بنزعتهم الدائمة إلى الهجرة – انتهى كلام مستر (فيسك). وأنا بدوري أصدقه في كل ما قاله، غير أنني في نفس الوقت أريد أن أشير إلى دراسة نشرتها الجمعية الأميركية لعلوم الجراثيم قبل أعوام، جاء فيها: أن ثلث الأميركيين لا يغسلون أيديهم بعد الخروج من المراحيض العامة، وذكرت الدراسة أن 67% فقط من الأشخاص يغسلون أيديهم رغم أن 95% منهم يؤكدون قيامهم بذلك – مما يعني أن هناك (28%) يكذبون. كما أن 54% من النساء يغسلن أيديهن بعد ملامسة كلب أو قطة مقابل 36% من الرجال، كما تغسل 86% من النساء أيديهن بعد تغيير حفاضة طفل مقابل 70% من الرجال. إشارتي هذه ليست هي من باب الدفاع عن العرب، لا أبدًا، فهم يستأهلون الضرب على رؤوسهم من هذا الباب الذي هو باب النظافة – خصوصًا أنهم يلقنون أبناءهم في المدارس كل صباح: أن النظافة من الإيمان ولكن لا حياة لمن تنادي. أما فيما يخص الهجرة، فإنني أذكر مستر (فيسك) وأضرب له مثلاً واحدًا فقط (بآيرلندا) التي هاجر (ثلاثة أرباع) سكانها إلى أميركا عبر قرون، حينما كانت آيرلندا ترزح تحت طائلة الفقر والطاعون والظلم، والآن لا أحد يهاجر منها بعد أن نهضت وأصبحت غنية وديمقراطية. كيف لي أن أمنع الهجرة في بلاد تفشت فيها البطالة والعسف و(البراميل المتفجرة)؟! ألم يسمع ذلك الصحافي البريطاني الحكمة القائلة: إن الجوع كافر، وإن الظلم في الوطن غربة؟! لا أدري هل أنا بكلامي هذا قد دافعت عن الإنسان العربي أم هجوته؟! ولكنني بكل تأكيد امتشقت سيفي على مبدأ: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. وإن نسيت فلا يمكن أن أنسى، عندما ذهبت في باريس لكي أحجز للعشاء في مطعم شهير بتصنيف (ثلاث شوك) أي من أرقى المطاعم وكانت الساعة السابعة مساءً قبل أن يفتح، وسألت عن صاحبة المطعم التي هي الطباخة في نفس الوقت، وعندما نزلت إلى المطبخ صدمت عندما شاهدتها مع كلبها الأسود الذي لا يقل حجمه عن حجم الحمار، وهو يتجول بين القدور والمواعين، جاملتها وحجزت كاذبًا فصافحتني مودعة، وعندما خرجت دلفت إلى أول صيدلية واشتريت معقمًا ومسحت بل وفركت به يدي فركًا عنيفًا.

مشاركة :