في 25 يونيو من عام 2009م، توفيت الممثلة الأمريكية فرح فاوست. كانت من أشهر الممثلات في السبعينات الميلادية ووضع المراهقون والشباب صورها في غرفهم، واحتلت عناوين الصحف والمجلات كثيراً، وظل اسمها شهيراً حتى نهاية عمرها. الأمريكان شعب يفتتن بالمشاهير، ولو توفي أحد متوسطي الشهرة انتشر الخبر في كل مكان، فكيف بهذه الممثلة الشهيرة جداً؟ لكن لم يكد أحد ينتبه لوفاتها، لأنه في نفس اليوم توفي أحد أشهر البشر في العالم كله وهو مايكل جاكسون، والذي شل خبر وفاته الإنترنت لبعض الزمن! تحدث هذه المصادفات الغريبة أحياناً، وهذا نستطيع أن نسأل عنه سكان ولاية إلينوي الذين يعرفون جزءًا مخيفاً من تاريخ كبرى مدنهم، وهو حريق شيكاغو العظيم عام 1871م. في إحدى الليالي في الثامن من أكتوبر تلك السنة اشتعل حريق صغير في إحدى الحظائر جنوب المدينة. المتوقع أن يهب أصحاب الحظيرة لإطفائها وينتهي الحريق في لحظات، إلا أن تلك الليلة كانت تحت وطأة رياح قوية، وهذا ما حوّل ناراً صغيرة إلى حريقٍ هائل أخذ يلتهم المدينة لمدة 31 ساعة، ورُئِيت النار من 60 كيلومتراً وقتلت 250 شخصاً، احترقت 18000 بناية، تشرد مئة ألف من الناس كانوا بالأمس آمنين في بيوتهم واليوم لا مأوى لهم. لكن رغم هذا الدمار وهذه المقتلة فلم تكن هذه أسوأ حرائق الولايات المتحدة، بل هنالك حريق آخر اشتعل في ولاية ويسكونسن في بلدة اسمها بشتيغو عاشت على التحطيب، ولكثرة الشجر قفزت النار من شجرة إلى شجرة بتسارعٍ هائل حتى صار مجرد الفرار منها على الأقدام ضرباً من المستحيل، فاحترقت المدينة بكاملها ومعها مدن أخرى مقاربة، وهذا إلى اليوم أسوأ حريق في تاريخ أمريكا، قَتَلَ 1500 شخص وحول قرى إلى رماد. فر الناس إلى النهر وقفزوا فيه ظانين أن هذا منجاهم وإذا بالنيران تصب عليهم داخل النهر وهي تتطاير في الهواء وفي كل مكان، وكان هذا الساعة العاشرة ليلاً والنار قد أضاءت سماء المدينة حتى كأنه الصبح. كان يوماً مريعاً. لكن هنا الغريب، فهذا الحريق الأخير لا يكاد يعرفه أحد، ورغم أن حريق شيكاغو أخف وطأة وأقل ضحايا إلا أنه هو الأشهر. السبب بسيط: حصل بعد حريق شيكاغو بقليل، ولهذا غطّى عليه. تحديداً حصل حريق بشتيغو بعد حريق شيكاغو بساعات.. في نفس الليلة! إنه حريق آخر منفصل ولا علاقة بينهما، لكن أتت هذه المصادفة الغريبة فاحترقت شيكاغو ومن ثم مدينة بشتيغو والتي هي على بعد 400 كلم، كلاهما في نفس اليوم والليلة!