يرتبط منزل الجدّة الريفي في أذهان كثيرين بالهناء وبساطة العيش ورائحة الزهور المقطوفة حديثاً والخبز الساخن وحلّة الطبيخ اللذيذ على النار... هناك، تسير عقارب الساعة ببطء، فلا يعكّرها كلّ من إشعارات الهاتف الذكي والانغماس في العمل وصولاً حتّى "الاحتراق الوظيفي". توق البعض إلى تبطيئ مسار حياته، والقرب من الطبيعة، جعلا ديكورات منزل الجدّة الريفي أو حتّى أفكاراً وملامح منه حاضرة في شقّته المدينيّة، مهما صغر حجمها، وارتفع البناء الذي يضمّها. تابعوا المزيد: خطوات تنسيق ديكورات المنزل الشتوية من المفارقات أن نزعة العودة إلى الطبيعة، والحنين إلى ملاعب الطفولة، شجّعتهما وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيّما "إنستاغرام" منها، حيث راجت في العام الفائت (2020) صور نقلت شاعريّة الريف الأوروبي، وحقوله، ومنازله، وحتّى أزيائه المطبّعة بالورود، مدفوعة بأيام الحجر المنزلي الطويلة، وبطريقة استغلالها من البعض في العودة إلى الجبال أو في الطبيخ أو في ممارسة هوايات قديمة، منها شغل الصوف والألعاب العائليّة التراثيّة. اللافت أنّه مع تعاقب الفصول، لمّا تزل النزعة قويّة؛ هذه الأخيرة تتمظهر راهناً في اهتمام سكّان المدن بكل مكوّنات منزل الجدّة، سواء الزريعة أو المشغولات اليدويّة التي تزيّن الطاولات أو الشراشف المنسوجة أو الأثاث المريح والبسط التي تفترش الأرضيّات والمدفأة التي يشغّلها الحطب وطقطته الآسرة، بخاصّة أن هناك محاكاة لها أخيراً... تُرجع مصمّمة الديكور كاترينا كردي سبب النزعة الريفيّة إلى قولبة الجائحة التفكير، الأمر الذي يجعل همّ الاستدامة يشغل بال كثيرين، أضف إلى ذلك رغبة الناس في الهروب من المدن الفخمة المدمّرة نفسيّات سكّانها بفعل الأخبار المقلقة والعمل الذي لا يتوقف والقلق من الغد غير المستقرّ إلى هواء الريف الطلق. وتتحدّث المصمّمة، سليلة لاتفيا، والمقيمة في سلطنة عُمان، لـ"سيدتي" عن عوامل تجمع بين المنازل المدينيّة، التي ترتدي حلّةً ريفيّةً، فتقول إنّ "التصميمات الداخلية المستلّة من منزل الجدّة مريحة وأنيقة في آن، مع التركيز على الاستدامة أي إعطاء الأولويّة للعناصر القديمة (فنتدج) المحمّلة بالقصص الجديرة أن تروى، بعيداً من شراء المفروشات الجاهزة من المعرض مباشرةً". وتفصّل الحديث عن مكوّنات منزل الجدّة، فتقول إن "الخامات الطبيعيّة ، وعلى رأسها الحجر والخشب، حاضرة فيه، كذا النباتات والزهور المجفّفة، مع السلال وأماكن التخزين الكثيرة". وتضيف أن "الأسلوب الريفي في المساحة محفّز على الاسترخاء والتأمّل". تابعوا المزيد: ألوان وتصاميم في الديكور الداخلي من وحي الصحراء ترتدي غرف المنزل العصري الحلّة المذكورة آنفاً، وسهلة الدمج بها عن طريق الآتي: • المواد العضويّة التي تُشعر بالقرب من الطبيعة، كالخشب المُعالج بصورة تحترم الشروط البيئيّة، في مفروشات غرفة النوم، لا سيّما السرير والخزانة والتسريحة، والبياضات القطنية، وكذا الألحفة، بعيداً من الأقمشة الصناعيّة اللمّاعة. • جعل الطبيعة الخضراء "كثيفة" الحضور في دواخل المنزل عن طريق تزيين غرفة المعيشة بأحواض الزرع، وبالزهور المقطوفة أو المجفّفة، مع "المبالغة" في توزيعها في كلّ مكان متاح. • استخدام الملاعق الخشبية المحفورة والمنقوشة، كما الصواني الخشبيّة، وألواح التقطيع، التي تثبت في مكان ظاهر للعيان في المطبخ، بعيداً من أدوات الطعام أو الأواني البلاستيكيّة أو من أي مادة صناعية أخرى، وذلك لمظهر ريفي جذّاب. • التفتيش في المتاجر عن المفروشات والإكسسوارات يدويّة الصنع، مع اختيارها معدّة من مواد، كالخشب والحجر والروطان والقطن... تابعوا المزيد: موضة خريف وشتاء 2021-2022 المنزلية: العودة إلى الأرض.. مع رشّة من المعاصرة لا يناسب أسلوب العودة إلى الريف الشخصيّة النيّقة كثيرة التدقيق، بل هو يتطلّب الانفتاح على القصّة الكامنة خلف المادة، والبعد عن التماثل في ترتيب المفروشات، والتخلّي عن الأسطح اللمّاعة والأثاث المبالغ في تزويقه. هو أسلوب لا يخلو من حنين، ألوانه هي ألوان الطبيعة الباهتة (البنّي والأخضر والأحمر والأصفر والبرتقالي والرمادي والأبيض وظلال الأسود)، ونقوشه تحاكي الورود والنباتات. يتكشّف الأسلوب الريفي عن مفروشات مريحة غير متطابقة شكلاً وحجماً، مع إدارة الظهر لكل مظهر "تامّ". ___ الصور من "بقجة" Bokja في بيروت
مشاركة :