اختتمت أمس برامج مهرجان الحصن بعد أن شهد الجمهور المتابع لهذه البرامج، مجموعة متنوعة من الفعاليات التراثية والثقافية والفنية، وكانت عروض السينما يومياً تقدم ولمدة خمس ساعات بين الفيلم القصير والروائي الطويل، ومن هذه العروض «صوت البحر» للشاعرة والمخرجة نجوم الغانم التي عملت فيه على تراث البحر من اللحظات الأولى والمشاهد يسمع أصوات تلاطم الموج، وهناك أيضاً أصوات كثيرة تعبر شعراً ونغماً عن الفرح في ألحان الموسيقى والأناشيد الآتية من البيئة وموقع التصوير من رجال البحر والغواصين أيضاً وهم يرددون مقاطع وفقرات غنائية مرافقة لمشاهد تحتفي بالبيئة الإماراتية، وما يدور من أقوال وحكم وأشعار بين كبار السن الذين أمضوا عمرهم في ترديد النهام، يظهر هذا المعنى الإنساني العميق بين البحارة من خلال التعامل مع بعضهم بكل مودة واحترام عبر اللقطات التي رافقت سيف الزبادي المطرب الإماراتي في رحلة هذا العمل الجميل، وهو يستعيد ذكريات الماضي الذي قضاه في سفر البحر مترنماً بأغنيات الصيادين، إضافة إلى أصوات الذين يعملون معه وهم يرددون الأغاني والأشعار بشكل جماعي. والمخرجة الشاعرة نجوم الغانم تتقن لغتها السينمائية وتقدمها بلمسات شعرية تتغنى بتراث وطنها وتجعل المشاهد مأخوذاً بثراء هذا الإرث الإماراتي الممتد في التاريخ مئات السنين. وتظل الذاكرة السينمائية بما فيها من صور إبداعية ماثلة في الفكر والوجدان، على المستوى الفردي والاجتماعي، وهذا ما يجعل أعمالها السينمائية ذات صبغة شاعرية متميزة تحمل بصمتها الإبداعية في كل عمل. وجاء الفيلم القصير «هدية عوشة» للمخرجة الإماراتية هند عبدالله، ليؤكد على قيمة الوفاء والعطاء، من خلال معالجة الفن لموضوع الحزن، إلى جانب أهمية الصداقة في الحياة دون التخلي عن العادات والتقاليد والقيم الإماراتية الجميلة التي يتوارثها الأبناء جيلاً بعد جيل. ويوضح الفيلم قيمة الإيثار وتفضيل الآخرين على الذات، عبر شخصية الفيلم المحورية التي تزور مركز راشد لأصحاب الهمم سعياً وراء الخروج من أحزانها بعد وفاة صديقتها. والفيلم، على قصره، يتضمن لقطات مؤثرة تعبر عن مشاعر إنسانية تجعل المشاهد مشاركاً في أحداثه. وننتقل في مهرجان الحصن إلى جمال الفنون التشكيلية، لنبدأ من عمل روضة الكتبي مع فكرة «الطربوش» وهو لباس إماراتي تقليدي يرتديه الرجال لحمل رائحة منزلهم معهم أثناء حلهم وترحالهم، كما جاء في الشرح المرافق للمجسم. ويأتي عملها الفني في تقديم هذه الأشكال المتموجة وإعادة تقديمها بشكل هياكل تشبه الأمواج، وتوضح الفنانة في الشرح أنه مستوحى من الحياة اليومية للرجال الذين يعيشون على الحدود بين الأرض والماء، وهو مشغول من خيوط الحرير مجدولة بشكل فني على قوائم من المعدن المثبتة في الأرض. أما الفنانة الإماراتية نورة السركال فقدمت مجسماً معلقاً ضمن ألواح بلورية تعكس الضوء من مصباح مسلط على المجسم، وجاء في شرح العمل أنه نوع جديد من الحداثة عبر تطريزات «الشيلة»، وهو غطاء تقليدي للرأس ترتديه المرأة الإماراتية في المناسبات الخاصة. وهذا العمل الفني يعبر عن التطور بين الثقافة والموضة، وهو قطعة قماش شفافة تجمع بين الخيوط الفضية النقية والخيوط البلاستيكية الفضية.
مشاركة :