ليبيا وحلم الانتخابات.. 10 سنوات على صفيح ساخن

  • 12/5/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لابد أن ليبيا تخوض اليوم واحدة من أصعب المعارك، في ظل تعسّر إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في الـ24 من ديسمبر /كانون الأول الجاري. ولعل هذه الأحداث المتسارعة تعود بالبلاد إلى المربع الأول، الذي بدأ بعدما انطلقت الاحتجاجات من مدينة بنغازي عام 2011، والتي كانت حجر الأساس في الثورة التي أطاحت بالزعيم معمّر القذافي . فالبداية كانت مع حملة القمع التي واجه بها الأخير الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة ضده في مواجهة لم تستمر طويلا، فبعد 3 أيام، أعلن المجلس الوطني الانتقالي برئاسة مصطفى عبد الجليل الخلاص من نظام القذافي. واصطفّ الليبيون حينها لأول مرة منذ عقود، في طوابير الاقتراع لانتخاب أعضاء المؤتمر الوطني العام الذي تسلم رئيسه نوري أبو سهمين السلطات من المجلس الوطني الانتقالي في آب/أغسطس 2012، لتعيش بعدها البلاد أشهراً غابت فيها السياسة عن المشهد حتى عام 2014. ففي ذاك التاريخ، أعلن اللواء خليفة حفتر حل مؤسسات الحكم، وسيطر بعدها ائتلاف "فجر ليبيا" على العاصمة طرابلس، معيداً إحياء "المؤتمر الوطني العام" المنتهية ولايته. كما انتخب برلمان جديد في البلاد في يونيو 2014، وجاءت أغلبيته معارضة لجماعة الإخوان والتيارات الدينية. اتفاقات لإنهاء الانقسامات ووسط الخلافات التي عمّت تلك الفترة واستغرقت سنوات، بدأت بتوقيع اتفاق الصخيرات بالمغرب برعاية أممية، وذلك في ديسمبر/كانون الأول من عام 2016، حيث تمّ إعلان حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج وبدء مرحلة انتقالية جديدة لـ18 شهراً. إلا أن الخلاف مازال قائماً، لتصل ليبيا لاتفاق آخر في اجتماع باريس عام 2018 بين حفتر والسراج، تعهدا فيه بالعمل سوياً لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في ديسمبر من العام ذاته. ولم يدم هذا الاتفاق طويلا وعادت الخلافات خلال مؤتمر باليرمو في إيطاليا. مزيد من المحادثات وبينما استمر التقدم العسكري للجيش الليبي الذي بدأ التوجّه إلى العاصمة طرابلس تسارعت وتيرة المحادثات من جديد في العام 2020 بعقد مؤتمر برلين الذي أفضى لاحقا إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بجنيف في 23 من أكتوبر/تشرين الأول عام 2020. إلى أن بدأت جلسات ملتقى الحوار الوطني مع بداية عام 2021 برعاية بعثة الأمم المتحدة والتي شهدت انتخاب الحكومة المؤقتة في عملية انتخابية مصغرة أملا في تمهيد الطريق إلى الانتخابات الكبرى. قرارات أممية لأكثر من 10 سنوات ولم تخلُ تلك السنوات من قرارات أممية كثيرة، ففي 26 فبراير/شباط من عام 2011، أعلن عن القرار 1970، القاضي بفرض عقوبات على نظام القذافي وحظر الأسلحة على ليبيا، وذلك رداً على حملة قمع المتظاهرين. ثم أعلن عن تفويض المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في انتهاكات ضد المدنيين يوم الـ17 من مارس/آذار 2011، ضمن القرار 1973. إلى أن جاء فرض حظر جوي فوق ليبيا واستهداف قوات القذافي الجوية ومنعها من التحليق يوم الـ16 من سبتمبر/أيلول من عام 2011 ضمن القرار 2009. بعدها قررت الأمم المتحدة في 18 مارس/آذار من عام 2014 بالقرار 2146، إنشاء بعثة لها للدعم في ليبيا، ورفع التجميد عن المؤسسة الوطنية للنفط، وكذلك البنك المركزي. كما أدانت محاولات تصدير النفط بطرق غير مشروعة والسماح بتفتيش السفن المشتبه بها، يوم 27 أغسطس/آب 2014، وكان القرار 2174. كذلك دعت للوقف الفوري لإطلاق النار والبدء بحوار سياسي شامل يوم 22 ديسمبر 2015، ضمن القرار 2259 ورحّبت يوم 26 أبريل/نيسان 2021 ضمن القرار 2570، بتوقيع اتفاق الصخيرات والدعوة لتشكيل حكومة الوفاق الوطني. إلى أن صادقت على آلية مراقبة وقف إطلاق النار الواردة في مؤتمر برلين 2 ، واقترحت "نشراً تدريجياً" لفريق أممي لمراقبة الهدنة يوم 26 أبريل/نيسان 2021، وذلك بالقرار 2571، معلنة تجديد الإجراءات المتعلقة بالتصدير غير المشروع للنفط وتجديد ولاية فريق الخبراء. الانتخابات والمرتزقة مربط الفرس في برلين 2 أما مؤتمر "برلين2" الذي عقد حول ليبيا، واختتم أعماله في العاصمة الألمانية يوم الـ23 يونيو/حزيران الماضي، فقد أكد على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري. والانسحاب الفوري للمرتزقة الأجانب من ليبيا، وكذلك السماح بانسحاب متبادل ومتناسق ومتوازن للقوات الأجنبية، مع الإسراع في حل الجماعات المسلحة والميليشيات ونزع سلاحها. كذلك فرض عقوبات أممية ضد من ينتهك حظر الأسلحة أو وقف إطلاق النار، وإنشاء قوات أمن ودفاع ليبية موحدة تحت سلطة مدنية موحدة. طريق وعر خطر الجدير ذكره أن الطريق إلى صناديق الاقتراع لا يزال محفوفاً بالمخاطر في ليبيا، وذلك قبل أقل من 3 أسابيع على موعد الانتخابات (المقررة في 24 ديسمبر). في حين يزداد التوتر السياسي والأمني وتتصاعد الخلافات القانونية بين المعسكرات المتنافسة حول أهلية المترشحين، ما جعل الكثير يشككون في احتمالية إجرائها في هذا الموعد. بينما تلقي المشاهد القادمة من جنوب البلاد، حيث هاجم مسلحون محكمة سبها ومنعوا القضاة من النظر في الطعن الذي تقدم به سيف الإسلام القذافي، وكذلك من غربها، حيث هاجمت ميليشيات مسلحة مراكز انتخابية، ومن الشرق حيث يعارض تكتل برلماني قبول ترشح شخصيات لا تتوافق مع شروط قانون الانتخابات، الضوء على "حقل الأشواك" الذي تسير فيه العملية الانتخابية بالبلاد والتي بات يصعب التنبؤ بمصيرها.

مشاركة :