لم يعد ملف الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، إلى جدول الأعمال الدولي فحسب، بل أصبح الموضوع الأول في التجاذب السياسي، والتصريحات والتصريحات المضادة بين المسؤولين في موسكو وواشنطن، وبينهما كييف. ومقابل التهديدات الغربية لروسيا بعقوبات غير مسبوقة، إذا «قررت زعزعة استقرار الجارة الأوكرانية»، بعد انتشار غير معتاد للقوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا، تواصل موسكو التأكيد على أن نشر أسلحة أجنبية في أوكرانيا، يعتبر تجاوزاً لـ «الخطوط الحمراء» بالنسبة لها، باعتباره واحداً من أكبر التهديدات الممكنة على الأمن القومي الروسي. ويرى عضو المجلس الروسي للعلاقات الدولية، روسلان بوخوف، أن سبب تعزيز روسيا لوجودها العسكري على الحدود مع أوكرانيا، جاء رداً على ما وصفها بـ «العدوانية» المتزايدة بشكل حاد لأوكرانيا، تجاه جمهوريتي دونتسك ولوغانسك، لا سيما بعد انسحاب كييف الأحادي الجانب، من اتفاقية وقف إطلاق النار، التي تم تبنيها العام الماضي، وتركيز قواتها العسكرية على خطوط التماس مع الجمهوريتين. عمل موضعي ويقلل بوخوف من احتمالية شن هجوم أوكراني على جمهوريتي لوغانسك ودونتسك، بهدف «إنهاء المشكلة»، لأنه من المرجح أن يتبع ذلك رد عسكري واسع النطاق، من الجانب الروسي. لكنه يبقي على احتمال شن القوات الأوكرانية هجمات «موضعية»، من أجل الاستيلاء على مواقع أو مناطق سكانية، بحيث يمكن تقديم مثل هذه الهجمات للمجتمع الأوكراني، على أنها «انتصارات»، وفي نفس الوقت، تقلل من احتمالية التدخل الروسي. علاوة على ذلك، لا يخفي عدد من المراقبين الروس، أن كييف تنتظر «فرصة» لتنفيذ السيناريو المنشود، بإعادة السيطرة على دونتسك ولوغانسك، والذي يرتبط أولاً، وقبل كل شيء، بوصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة، والذي كان عمل في السابق، ولفترة طويلة، على ملف «الشؤون الأوكرانية» في واشنطن. زيادة الضغوط ويرى هؤلاء أن الجانب الأوكراني، يعتقد أن زيادة التدخل الأمريكي، سيزيد الضغوط على موسكو، ويضمن عدم التدخل العسكري الروسي، في حالة الهجوم الأوكراني على دونباس. بل إن هناك من يعتبر أن التهديدات الغربية بفرض عقوبات على موسكو، في حالة «غزو أوكرانيا»، ليست سوى تأكيد لكلام الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي أعلن في عام 2014، أن الولايات المتحدة لن تقاتل روسيا بسبب أوكرانيا. ومع ذلك، يؤكد المحلل السياسي، غيفورك ميرازيان، أن موسكو لن تنجر لعمل غير مدروس. فمن وجهة نظر الغرب، هي التي ستكون مذنبة بالصراع الذي قد يتسبب بأزمة لاجئين، فضلاً عن الأسلحة التي ستبدأ بالتسرب عبر الحدود، وتفعيل المجرمين والهجمات الإرهابية، فضلاً عن تعرضها لضغوط الحظر والعقوبات السياسية والاقتصادية. كما يلفت إلى أن روسيا تورد الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، على الأقل حتى نهاية عام 2024. وفي حال تضررت خطوط الأنابيب، بفعل الاشتباكات بين القوات الأوكرانية – من جهة، والقوات التابعة لجهوريتي لوغانسك ودونتسك – من جهة أخرى، فستكون عقود الغاز في خطر. ويختم بأنه على الرغم من حقيقة أن الكثيرين سيتفهّمون أن تدخل القوات الروسية في هذه الحالة سيكون ضرورياً، إلا أن موسكو ستواجه بعقوبات جديدة، واتهامات بالعدوانية، وزيادة في قوات حلف الناتو على حدودها، ونشر أسلحة نووية في بولندا. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :