أبّن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ومعهد الشارقة للتراث، الكاتب والشاعر والباحث التراثي الراحل عمّار السنجري، في أمسية بعنوان: السنجري في الذاكرة احتضنها مقر الاتحاد في المسرح الوطني، مساء أمس الأول، بحضور الشاعر سالم أبوجمهور رئيس الهيئة الإدارية في اتحاد الكتّاب في أبوظبي، والباحث عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، وأم عبدالرحمن أرملة الراحل، والكاتب المسرحي صالح كرامة العامري، والشاعر والناقد محمد نورالدين، والعديد من أصدقاء الراحل ومحبيه. رحّب سالم أبوجمهور في مستهل كلمته بالحضور، وقال: نلتقي اليوم في هذه الأمسية ونجتمع على الذاكرة لوداع الباحث والكاتب عمار السنجري، وهو قلم من أقلام الثقافة الإماراتية، كان له حضور وتفاعل وتأثير في المشهد الثقافي المحلي، وفي جمع التراث الإماراتي والاهتمام به. آملاً أن يستمر التعاون والتواصل بين مختلف المؤسسات الثقافية والتراثية في الدولة، خصوصاً أن التراث بدأ يأخذ طابعاً علمياً مع تأسيس معهد الشارقة للتراث. وقال صالح كرامة: بإمكان الموقف أن يتحول إلى طريقة أكثر مما هي عليه، عندما يسير سهيل نحو الأحسن ويغادر مكانه وكأنه أصبح لا مجال لرؤيته بالعين، ماذا عندما يغادرك بأكمله وكأنه يودّع نفسه أولاً، ويعدّ العدة لكي يرحب بنسيانه، هذا ما كان عليه صديقي قبل أن يعد بأن يأتي يوماً ليزور المكان، وعندما غادره أفل المكان بفقده للأبد، هكذا علينا أن نتجرع مرارة رحيل الباحث التراثي عمار السنجري الذي جمعتني به أيام شغف بحب التراث والصحراء والشعراء المنسيين الذي نخرتهم الصحراء بعنفوانها. وقال عبدالعزيز المسلم: تعرّفت إلى عمار، رحمه الله، منذ سنوات طويلة من خلال كتاباته، في الثمانينات، وقد توطدت علاقتي به في ال15 سنة الأخيرة، وكنّا نجلس لنخطط لرحلة، أو لزيارة بلد، وكان مهتماً بموضوع العرب ما وراء الحدود، والرحالة والمستكشفين الغربيين، وقمنا بتنفيذ ندوة كبيرة عن هذا الموضوع. وأشار المسلم إلى أن السنجري كان إنساناً لا يهدأ، رحالة يجوب مدن العالم، باحثاً شغوفاً بحب المعرفة والاطلاع على تواريخ الأمكنة وثقافات الشعوب مصطحباً معه القلم والورقة والكتاب و2000 كتاب على جهاز الآيباد بصيغة بي دي، كما كان شغوفاً بالتقصي عن تاريخ المكان المزور وثقافته. ولفت المسلم إلى أن السنجري كان شخصاً يتسم بالعديد من الخصال الحميدة والصفات النبيلة من كرم وصدق ووفاء وأمانة، كما كان إنساناً جاداً وهزلياً في بعض الأوقات يحمل روح النكتة، مؤكداً أن علاقته به كانت علاقة أخوة كبيرة، لذلك كان وقع الفقد عليه شديداً. وأوضح أنه سافر مع الراحل إلى العديد من البلدان من بينها تركيا وأذربيجان، وأرمينيا، وأوزبكستان، وغيرها. لافتاً إلى أن آخر رحلة كانا يخططان لها إلى مقدونيا، لكن القدر لم يمهله. وتحدث المسلم عن كتب الراحل التي أصدرها، والتي من بينها (التاريخ الشفاهي في دولة الإمارات العربية المتحدة، زبدة النسب، البدو بعيون غربية، الأسير، كن شيئاً أيها الألم، شعراء ورواة من الإمارات، ثقافات القبائل.. وغيرها)، مشيراً إلى أن السنجري كان يستعد لإطلاق كتابه ثقافة الصحراء في الدورة الحالية من معرض الشارقة الدولي للكتاب. وأكد المسلم أن معهد الشارقة للتراث سيقوم بإصدار كتابين للسنجري قريباً، وهما: رحلة إلى أرمينيا، وثقافات القبائل، مؤكداً أن وفاة السنجري خسارة كبيرة للتراث الإماراتي ولصحراء العرب بالذات. واستعرض الدكتور عادل الكسادي مجموعة من الخواطر المستلهمة من كتابات الراحل وأعماله التي خلفها، والتي تحدث فيها عن طفولته، ومحطات من حياته، وانحيازه للتراث، والبحث الميداني، ثم علاقته بالمكان، وبالذات مدينة العين، التي كان متعلقاً بها إلى أبعد الحدود وفيها ووريّ جثمانه. وتحدثت أم عبدالرحمن أرملة الراحل، عن حجم الألم الذي يعتصر قلبها لفقده، ولم تستطع تمالك نفسها وهي تنثر عبارات الفقد ومشاعر الألم التي امتزجت فيها النبرة والعبارة، حيث كان أباً مثالياً، وزوجاً رائعاً. واستحضر الشاعر والباحث عتيق القبيسي بعض الذكريات التي جمعته مع الراحل وشغفه بثقافات الشعوب، لافتاً إلى بعض صفات الراحل وخصاله، والتي من بينها الطيبة، الكرم، المرح، حب الاطلاع على الجديد، الجدية في العمل، مؤكداً أن وفاته كانت صدمة كبيرة، وكان وقعها أشد على عبدالعزيز المسلم الذي كان قريباً منه في حلّه وترحاله. وتخلل الأمسية عرض فيلم قصير عن حياة الراحل من إعداد معهد الشارقة للتراث تضمن شهادات وذكريات لزملائه في العمل.
مشاركة :