بعد نجاح النسخة الأولى العام الماضي، أطلق غاليري زاوية في رام الله النسخة الثانية من معرض “رام الله آرت فير” التي أتت هذا العام بمشاركة أوسع من الفنانين الفلسطينيين المخضرمين والشباب، مقدّمين أكثر من مئة وخمسين عملا فنّيا في احتفاء جمالي بالأرض والإنسان. رام الله (الضفة الغربية) – تلاقت إبداعات ثلاثين فنانا وفنانة في معرض “رام الله آرت فير” الذي جمع أعمالا فنية تراوحت بين الرسم والنحت، لتقدّم بانوراما عابرة لأجيال من التشكيليين الفلسطينيين تستهدف الترويج لفنون هذه البقعة الساحرة من الأرض. والمعرض الذي تحتضنه حاليا قاعة غاليري زاوية في رام الله يضمّ أكثر من مئة وخمسين عملا فنيا بعضها أُنجز في الفترة الأخيرة وأخرى أنجزت خصيصا للمعرض. وقال يوسف حسين مدير غاليري زاوية إن “فكرة المعرض كانت جمع أكبر عدد ممكن من الفنانين الفلسطينيين ليقدّموا أعمالهم في معرض واحد بدل إقامة معرض لفنان واحد”. نبيل عناني: فكرة مبدعة أن تجمع فنانين من أجيال مختلفة في معرض واحد ويضيف “مع العلم أن لوحات المعرض معروضة أيضا أونلاين، وهي فرصة تُتيح للراغبين في مشاهدة أو اقتناء اللوحات لاقتنائها بغض النظر عن مكان تواجدهم”. ويُشير حسين إلى أنه تمّت دعوة الفنانين لإنتاج أعمال صغيرة الحجم لتشجيع المقتنيين الجدد من خلال أسعار تكون في متناول اليد قدر الإمكان. ويؤكّد “تركيزنا على الفن الفلسطيني وترويجه محليا وعالميا هو غايتنا، ما يعني الترويج للقضية الفلسطينية وللفنانين الفلسطينيين وخاصة الشباب منهم”. ويُضيف أن “الهدف الرئيسي من الحدث هو تقديم الأعمال الفنية الأصلية بأسعار معقولة لهواة الجمع الجدد للاستمتاع بالفن الفلسطيني. ويعدّ المعرض الفني فرصة نادرة تعطي لمحات عن الإنتاج الفني الجديد بشكل رئيسي في فلسطين وتسمح للجمهور بقراءة المسارات والتوجهات الفنية الجديدة التي يقّمها الفنانون الجدد والبارزين هذه الأيام”. وتُعالج الأعمال الفنية المشاركة في النسخة الثانية من معرض “رام الله آرت فير” لهذا العام مواضيع مختلفة من الواقع الفلسطيني والعربي والإنساني باستخدام مواد مختلفة، بمشاركة مجموعة من الفنانين الفلسطينيين الذين يعيشون في فلسطين والشتات بالإضافة إلى فنانين من الجولان السوري المحتل وفنان من لبنان وآخر تركي. والفنانون المشاركون هم سليمان منصور، ونبيل عناني، وعابد عبدي، وخالد حوراني، وشذى الصفدي، وتيسير بركات، وفؤاد أغبارية، وبشار الحروب، ويزن أبوسلامة، وإبراهيم مزين، وشفيق رضوان، ومهدي براغيثي، وفيرا تماري، وعهد إزيمان، وأحمد كنعان، وأكرم الحلبي، وعلاء عتون، وأسد عزي، وأيمن عيسى، وبنجي بويادجيان، وديما حوراني، وعصام دروشي، وعلاء البابا، ومحمد أبوعل، ونضال مرة، وريم المصري، وربى سلامة، وساهر نصار، وتقي سباتين، وإكرام عويدات ورأفت أسد، بالإضافة إلى ستيفاني أبوشديد من لبنان وسيم بولات من تركيا. ويقول الفنان نبيل عناني وهو أحد أعلام الفن الفلسطيني المعاصر “فكرة مبدعة أن تُجمع فنانين من أجيال مختلفة”. ويضيف “هذه الفكرة تجعل الفنان الشاب طموحا ومعتزا بأنه شارك مع فنانين من الجيل القديم وتشجعه على الانطلاقة الصحيحة في عالم التشكيل، وبالتالي يمثل المعرض فرصة لتبادل الخبرات بين رواد الفن الفلسطيني والجيل الشاب، فكلنا انطلقنا صغارا، ثم كبر الحلم داخلنا”. وأبدى عناني إعجابه بأعمال الجيل الجديد، قائلا “توجد أعمال رائعة وهناك تطور للفنانين الفلسطينيين الشباب الذين سيكون لهم مستقبل فني رائع”. ودعا الفنانين الشبان إلى أن يكون فنهم من أجل الفن وأن تكون أعمالهم نابعة من قناعاتهم. Thumbnail وقال “في أعمالي الجديدة بدأت أهرب من الوضع السياسي والاجتماعي، لأغازل الطبيعة التي فيها جمال لا يوصف، البيئة الفلسطينية أكثر من رائعة”. ويبرز ذلك من خلال أربع لوحات فنية لعناني في المعرض بألوان زاهية تعكس جمال الطبيعة الفلسطينية. وضمن مسار روحي تحضر في المعرض لوحات للفنان الفلسطيني المخضرم تيسير بركات متجاوزا فيها العالم المادي، حيث يقوم برحلة لاستكشاف الناس والمناظر الطبيعية من خلال عدسة غامضة، ممّا يضفي بُعدا غير عادي على فنه، وهو الذي يذكّر أسلوبه بفن الكهوف في عصور ما قبل التاريخ، مستخدما الأكريليك على القماش لخلق أعمال فنية مشبعة بجوهر الحياة. وتتطرّق أعمال بركات إلى الطقوس المجازية واللحظات الحميمة والذكريات والمناظر الطبيعية السحرية، مُبرزة منظوره الخاص للعالم كمكان روحي، يتشكّل من خلال مشاعر صوفية عميقة تنبع من رؤية المكان المثالي الذي يتخيّله، بدلا من العالم الفعلي القاسي للسياسة والصدمات والظلم الموجود بالفعل. ويقول الفنان الشاب علاء البابا إن مشاركته مع فنانين كبار مثل نبيل عناني وسليمان منصور وغيرهما في معرض فني مشترك “أمر مهم ويطوّر من تجربتي، هؤلاء أساتذة بالنسبة إلي”. ويُضيف “هذا المعرض يجمع عددا كبيرا من الفنانين من مختلف الأجيال وفي تجارب تشكيلية متنوّعة، ما يُتيح للجمهور مُشاهدة العشرات من الرؤى الجمالية”. وحول عمله الفني الذي يشارك به ويظهر فيه رسم معماري للمخيم، قال “هذا جزء من مشروعي الذي أحاول أن أبرز فيه قيمة المخيّم، فهو جزء من بيئتي، فأنا من مخيم الأمعري والمرسم موجود في المخيم”. ويُضيف “في الأعمال القادمة سأنتقل من الحالة المعمارية إلى الحالة الاجتماعية في المخيم”. ويمكن لزائر المعرض الذي يستمر حتى الرابع من مارس 2022 التعرّف على أعمال فنية يظهر فيها الاحتلال وقيوده على الفلسطينيين سواء في المعتقل أو بناء الجدار. كذلك تحضر الطبيعة في المعرض بلوحات منها رسم على القماش وأخرى على الورق إضافة إلى شجرة الزيتون بلوحات متعدّدة وأعمال من الخيال الفني حول الأرض والإنسان. ويعدّ غاليري زاوية من المعارض المستقلة في مدينة رام الله، والذي تأسّس في العام 2013، ويهدف إلى الترويج لفنانين فلسطينيين ناشئين ومؤسّسين من فلسطين والشتات، من خلال معارض موضوعية مختلفة في الداخل والخارج. وتعرض زاوية الفن الفلسطيني المعاصر والحديث على المستوى الدولي من خلال المشاركة في المعارض الفنية والمعارض والمشاريع الفنية المخصّصة الداعمة لنشاط الفنانين الشباب خاصة في تطوير أعمالهم الفنية والإبداعية. ومنذ تأسيس الغاليري تمّ عرض مجموعة كبيرة من المعارض المتنوعّة التي تتراوح ما بين الرسومات والمنحوتات والتماثيل والفيديوهات والتصوير الفوتوغرافي.
مشاركة :