"الهدية" معرض جماعي كبير يحتفي بالفن الفلسطيني

  • 9/6/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

للفن الفلسطيني هوية خاصة تكتسب مميزاتها من أحداث تاريخية وخصائص الواقع الفلسطيني المختلف عن أي واقع عربي آخر، واقع يقاوم أبناؤه للحفاظ على ملامح انتمائه إلى الوطن وثقافته وحضارته وبيئته. هذه الهوية حاضرة في أعمال أغلب الفنانين التشكيليين الرواد والمعاصرين وحتى الشباب الموهوبين الذين مازالوا يتلمسون خطواتهم الفنية الأولى، وهي حاضرة اليوم في معرض بعنوان “الهدية” يهدي فيه فنانون لوحاته ومواهبهم للوطن. تقدم مؤسسة “المعمل” الثقافية في مدينة القدس منذ شهر يونيو الفائت معرضا فنيا كبيرا تحت عنوان “الهدية”. يضم المعرض الذي تحتضنه هذه المؤسسة الناشطة جدا على المستوى الثقافي والاجتماعي مجموعة كبيرة من الفنانين الفلسطينيين، من الرواد والمخضرمين ومن النشء الجديد الذي هو حديث عهد بالممارسة الفنية. مؤسسة “المعمل” الفلسطينية اسم على مسمى. مؤسسة تحتضن طوال كل سنة منذ افتتاحها في عام 2016 شتى أنواع النشاطات الثقافية والاجتماعية ذات الطابع الفني والتراثي. وهي اليوم كما كل سنة تقدم معرضا غنيا بالأعمال التي تتمتع بتنوع كبير في الأساليب الفنية. أما بالنسبة إلى مضامين الأعمال فهي في معظمها تهجس بفلسطين الوطن بطريقة مباشرة وغير مباشرة. ويشار إلى أن الإعلان عن المعرض لافت وموفق جدا؛ إذ يجمع عنوان المعرض مع عمل للفنانة المصورة شدا صفدي ويمثل وجها لامرأة جميلة ذات تعابير غامضة تحضر على خلفية غرائبية تخترقها أغصان دقيقة ومتشعبة لشجرة مجهولة فيما تقف أمام المرأة على إحدى الأغصان أو ربما على ذراع المرأة يمامة بيضاء تشبه نظرتها الحاضرة الغائبة، نظرة المرأة التي في الصورة. r وتلفت المؤسسة في البيان الصحفي المرافق للمعرض إلى أن الهدف من هذه المنصة الفنية هو “إلقاء الضوء على الفن الفلسطيني من خلال فنانين فلسطينيين مختلفي التجارب الفنية دون إقصاء الفنانين الشباب الذين هم في أول سيرتهم الفنية، بل على العكس؛ فالمؤسسة تهدف إلى تعزيز الفن واستمراريته عبر إطلاق فنانين جدد يعرضون جنبا إلى جنب مع كبار الفنانين الفلسطينيين. وفي هذا المعرض تقدم مجموعة من الأعمال التي تتراوح بين لوحات وقطع من التصاميم الفنية والرسومات والأعمال النحتية والصور الفوتوغرافية”. زائر المعرض الضخم سيعثر على 110 أعمال فنية لمجموعة من الفنانين، هم معتز نعيم ونبيل عناني وعصام درويش ومنذر جوابرة ورائد عيسى وجواد المالحي وأياد عرفة وأحد إزهيمان وحمادة مداح وإحسان قواسمي وباسل المقسوي ويوسف أنستاس وفاطمة ازهرا حداد وبينجي بويادجيان وكارمل العبسي وهايا قباني وجفراء أبوالزلف ولينا باني عودة وجاك بيركيسيان ومهدي براغيتي وجهينة حبيب قندلفت ومحمد الحاج وعبدالرحمن أحمد نعيم ومحمد صالح خليل ومجد مصري ومحمد أبوصال ومعتز عبدالرحمن وأحمد نعيم ومصطفى شقلا ونبيل أبوغنيمة ونتالي نجار وربى سلامة وعلا زيتون وريم النتشة وسناء فرح بشارة وشدا الصفدي وشادي طوافريه وشريف سرحان ووديع خالد. ويصعب الإسهاب في هذا المقال والكتابة عن كل الفنانين المشاركين، لذلك ننتقي بضعة منهم دون قصد تثمين عمل أحد المشاركين على حساب عمل الآخر. تشبث بالوطن (لوحة: احسان قواسمة) تشبث بالوطن (لوحة: احسان قواسمة) نذكر الفنان معتز نعيم وهو فنان فلسطيني من مواليد دمشق عام 1973، يقيم في مدينة بيت حانون، شمال قطاع غزّة. حاصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة دمشق – سوريا عام 1997، وهو عضو الاتّحاد العامّ للفنّانين التشكيليّين الفلسطينيّين، ومحاضر جامعيّ في قسم الفنون في كلّيّة العلوم والتكنولوجيا – خان يونس، ومتفرّغ للعمل التشكيليّ. من أعماله اللوحات التي تحمل هذه العناوين: “القدس” و”بيارات البرتقال” و”المخيم” و”ملامح إنسانية” و”الهدهد”. ومن الفنانين المشاركين نبيل عناني صاحب النص الفني المتجدد دوما والفنان السوري عصام درويش المولود في دمشق سنة 1952 المعروف بلوحاته التي يحلو لنا أن نسميها “رذاذية” إذ غلبا ما تغلفها رطوبة مُحملة بنثار من الغبار المُعلّق في الجوّ حين تكشف وجوده أشعة الشمس. نذكر أيضا الفنانة الفلسطينية ربى سلامة التي تقدم نصوصا فنية معاصرة اعتمدت فيها على الفن الرقمي والتجهيز الفني. وقد قالت بمناسبة أحد معارضها عن علاقة نصها الفني، المُشبّع بتأثره بالفن الغربي المعاصر، بهويتها الفلسطينية “إنّني أربط بين تعليمي الغربيّ وبين واقعي. أبني وأعيد بناء تصوّري عمّا يعنيه أن تكون فلسطينيًّا، مركِّزةً على هذه الرابطة الوجوديّة ما بين الأرض وناسها، وهنا يمكن التفكير في النمل بوصفه يرمز إلى الروابط والمسارات المتوازية الّتي أراها ما بين الأرض وناسها؛ النمل بوصفه قوّة عاملة (عمّال)، والنمل بوصفه قوّة عاملة في التربة الّتي تمثّل المكوّن الأساسيّ الّذي يشكّل المجتمع والهويّة الفلسطينيّتين”. المعرض يسلط الضوء على الفن الفلسطيني من خلال فنانين مختلفي التجارب دون إقصاء الفنانين الشباب ٍالمعرض يسلط الضوء على الفن الفلسطيني من خلال فنانين مختلفي التجارب دون إقصاء الفنانين الشباب ويحضر في معرض “الهدية” الفنان الفلسطيني جواد المالحي الذي ولد سنة 1969 في مخيم شعفات للاجئين في القدس. بدأ مسيرته الفنية من خلال مجموعة لوحات تصور المخيم وحياة المخيم الذي ولد فيه. أما القماش الأول الذي رسم عليه فكان أكياس المساعدات التي كانت تقدم للاجئين. ومن الفنانين المشاركين في المعرض الفنان منذر جوابرة صاحب اللوحة التي حملت عنوان “زمن مكسور”. لوحة معبرة جدا موضوعها هشاشة السجن لأنه ظالم وعن حرية هي محتومة. وقد أنجز الفنان اللوحة بمواد مختلفة على قماش، وقد سبق أن عرضها ضمن معرض فردي له في رام الله. أما أهميتها فلم تكمن فقط في أنها تجسد الأسير بالمعنى المطلق للكلمة، بل أيضا في أنها تبرزه خارج ما رسمه له السجّان؛ أي أنه حاضر في عدة أمكنة: في السجن وخارجه، وفي فضاء افتراضي ما، وما بين الاثنين. ويحضر كذلك الفنان الفلسطيني رائد عيسى الذي تخطى هول دمار منزله ومرسمه في غزة واستمر في عمله الفني. والجدير بالذكر أن الفنان حصل على إقامة فنية في جنيف سنة 2007 وأنشأ معرضا هناك بدعوة من بلدية جنيف. كما شارك سنة 2009 في “آرت دبي”، وحصل سنة 2011 على منحة لإقامة فنية في باريس. إضافة إلى كل ذلك شارك رائد عيسى في بينالي باريس الثالث عشر للفنانين الشباب من أوروبا وحوض البحر المتوسط في إيطاليا، ووجهت إليه دعوات للمشاركة في ورشات عمل وإقامات فنية في بريطانيا وفرنسا وسويسرا والأردن. ومن أجمل أعمال عيسى ثلاث لوحات حملت هذه العناوين: “حرية مُطلقة في سماء غزة” و”غزة من منظور علوي” و”غزة من منظور أفقي”. ويبرز من خلال هذه الأعمال تطور سريع لفنان بدأ حياته الفنية منذ أكثر من 15 سنة.

مشاركة :