نشرت هذه الصحيفة خبرا عن قضية يصعب تصور حدوثها في مكان آخر لأنه لا توجد أسباب معقولة تجعلها تكون كما قرأنا، وحتى لو كانت هناك بعض الأسباب فإنه كان ممكنا معرفتها وإيجاد حلول لها منذ وقت بعيد. مختصر القضية أن وزارة العدل أعادت النظر في قضية استخراج صكوك لمنح توطين البادية في منطقة «السر» جنوب محافظة الطائف يقدر عددها بـ6000 قطعة أرض بعد أن ظلت 40 عاما قيد الإجراء في المحكمة العامة بالطائف. ملف القضية تم عرضه مرتين على وزير العدل السابق، وهذه المرة تسلمه وزير العدل الجديد مرفقا بشكوى المواطنين المتضررين وقام بإحالته إلى إدارة البحوث للنظر فيه. الدولة أمرت بمنح أراض لهؤلاء المواطنين في عام 1396هـ لكنهم لم يحصلوا عليها إلى الآن، وبالتالي تكون قد مرت أربعون عاما بالتمام والكمال، ذهب خلالها إلى الدار الآخرة من ذهب، ومن بقي منهم أصبح ينتظر الرحيل، وبالتالي يكون الانتظار الآن من نصيب الأولاد والأحفاد الذين ربما يحصلون على تلك المنح أو يسلمون الدور للجيل الذي بعدهم، والله وحده أعلم إذا كانوا سيظفرون بها أو يستمر مسلسل الانتظار إلى ما لا نهاية. فهل هناك أي منطق يمكن إيجاده في قضية تستمر كل هذا الوقت؟ لو فرضنا أنه لم يكن موجودا العدد الكافي من الأراضي في الوقت الذي صدر فيه الأمر فإنه كان بالإمكان تدبيرها مرحليا على مر الوقت، ولو كانت هناك مشكلة في الموقع الذي تم اختياره لهم لأمكن حل المشكلة في سنة أو سنتين أو عشر أو حتى عشرين سنة، ولو استحال إيجاد الأراضي في منطقتهم لأي سبب فإنه بالإمكان تخييرهم في موقع آخر. أي مشكلة كان بالإمكان تجاوزها لو كان هناك تواصل بين المحكمة وبلدية الطائف أو وزارة الشؤون البلدية والجهة التي أصدرت قرار المنح، لكن يبدو أن جهات العلاقة لم يهمها أمر أولئك المواطنين البسطاء الذين لا يملكون حولا ولا قوة، فجعلتهم ينتظرون أربعين عاما. في مقابل ذلك أصبحنا نسمع عن صكوك على أراض يتم استخراجها في طرفة عين وصكوك تطير من منطقة لأخرى بالزور والبهتان. البسطاء هم الذين يتعرضون للمعاناة التي مهما كان تشاؤمنا فلن نتخيل أن بعضهم سينتظر 40 عاما ليحصل على بضعة أمتار رغم أنها بأمر الدولة.
مشاركة :