يتكون الإنسان من الأجهزة البدنية، والخصائص الحيوية، والتراكيب النفسية والروح الخفية. الأجهزة البدنية تتكون من أعضاء وأجزاء تتمتع بالحياة ومظاهرها الحيوية، ويقوم كل جهاز بوظيفة محددة في الحياة، فالجهاز العظمي يكون الدعامة الصلبة التي تعطي الجسم شكله المعهود وتحافظ على تماسكه وحركته السوية ووظائفه العديدة. والجهاز الهضمي يتكون من العديد من الأعضاء التي تقوم بهضم الطعام وتحليله وتحويله من جزيئات كبيرة يصعب دخولها إلى الخلايا الحية تحوله إلى جزيئات صغيرة عندها المقدرة على النفاذ من أغشية الخلايا الاختيارية لتدخل إلى سيتوبلازم الخلية حيث الأكسدة اللاهوائية وإنتاج جزيئات وعملات الطاقة في الخلية (ATP) بأعداد محدودة ثم تدخل نواتج الهدم الخلوي اللاهوائي إلى عضيات الخلية ليتم إكمال تمثيلها الغذائي بالأكسدة الهوائية وإنتاج كميات كبيرة من عملات الطاقة (ATP)، ويتخلص الجسم من نفايات العمليات الخلوية بالإخراج بأجهزة الإخراج في الجسم كالكلى والتنفس الخارجي (الزفير) والجلد والإخراج المتبقي عن طريق الخروج من الجهاز الهضمي. ويحتاج الجسم إلى الماء والغذاء والحركة والنشاط لتظل أجهزة الجسم صالحة للعمل والحياة. ويقوم الجهاز المناعي بحماية الخلايا والأعضاء والأجهزة البدنية من مسببات الأمراض الميكروبية، والفسيولوجية، والتدهور الخلوي. ويقوم الجهاز النفسي بحماية الجسم البشري من الأمراض النفسية والعصبية. والأجهزة السابقة تعتمد في حياتها والقيام بوظائفها بما يوفره الغذاء والماء ونواتج عمليات البناء والهدم (الأيض) في الجسم. وتتمتع الأجهزة السابقة بالنشاط والحيوية طالما تحصلت على متطلباتها من الغذاء والماء والطاقة والحركة والحماية والرعاية وتكون النتيجة البدن القوي القادر على أداء الفعل الميكانيكي المطلوب للجسم من النشاط والحركة والعمل البدني. تتبقى الروح التي تحتاج إلى عناية خاصة غير مادية لتضفي على الأجهزة الأخرى حيويتها وحياتها وأداء وظائفها المختلفة. هذه الروح لها غذاء مغاير عن غذاء الأعضاء والأجهزة السابقة. هذه الروح تغذيها العقيدة الصحيحة في الله سبحانه وتعالى، وتغذيها العبادات المحضة من صلاة، وصيام، وأدعية للتقرب إلى الله تعالى والارتباط بمنهاجه في الحياة. إذا توفرت للروح غذاؤها الخاص ظلت قوية تساعد الأعضاء البدنية على الحيوية والحياة الروحية التي تنعكس على البدن وتحميه من الانهيار النفسي والعصبي. عندما يؤمن الإنسان بوجود الخالق سبحانه وتعالى واتباع منهاجه الذي أرسل الرسل، وأنزل الكتب لبيانه وكيفية تطبيقه في الحياة. هذا المسلك يضفي على النفس الهدوء والراحة والصحة والعافية والحصانة ضد الأمراض الخفية. الإيمان يربط الإنسان بالخالق سبحانه وتعالى وتنعكس تلك العلاقة على الوجه فتنضره، وعلى النفس فتفعلها، وعلى الأخلاق فتحسنها، وعلى السلوك فتقومه، ويطمئن القلب، وتهدأ النفس فيقابل الإنسان المصائب بنفس مطمئنة راضية مرضية. وعندما يكفر الإنسان بالخالق سبحانه وتعالى أو يستهين بشرعه ويطلق لنفسه العنان والهوى تمرض النفس، وتختل الروح ويدب المرض في البدن، وتضيق الحياة على الإنسان ويشعر بالضنك والقلق رغم توفر كل العوامل المادية من مأكل ومشرب وملبس وترفيه ومبان وأجهزة عصرية وأدوات إلكترونية، وتضيق الحياة على النفس رغم رحابتها ويفقد الإنسان الطمأنينة، وتمرض النفوس والأرواح فتكون النتيجة الانغماس في الشهوات والملذات التي تفقد دورها لكثرتها وألفتها وتكون النتيجة الانتحار والهروب المرضي (بفتح الميم والراء) من الحياة المادية الكئيبة التي لا تطيقها الروح. الملحدون يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام، ويحيط بهم الماديات التي فقدت تأثيرها على النفس والروح ويدب الوهن في النفوس والأبدان واليأس من الحياة والعياذ بالله. الإيمان بالخالق سبحانه وتعالى يرفع الهمة، ويقوي النفس، ويدعم الأخلاق الحميدة ويسير العبد في طريق الرحمن فيكون الصدق مذهبه، والعطف والحنان على خلق الله مسلكه، ويحب الناس ويحبونه، ويشعر بالاطمئنان والهدود النفسي والرضى وراحة البال ويطمئن القلب في حالة إيمانية ربانية عجيبة لا يشعر بطعمها إلا من ذاقها. عندما ينتقل الشاب من هذه الحالة الإيمانية إلى الحالة المادية فتسيطر الماديات على حياته، وتصبح العلاقات منافع مادية وصراعا لا ينتهي ولا يُشبع النفوس، ويدب الضنك في الحياة، ويكون الطريق الموازي لتسعير الشهوات هو الخلاص من الحياة بالمهلكات والانتحار والعياذ بالله بعدما ذبلت الروح وضاق البدن عليها فيأتي الموت وتكون العاقبة وخيمة والعياذ بالله. المؤمن الفقير تسعده أشياء قليلة من المأكل والملبس والمسكن والأحبة، والملحد الغني لا تسعده الأموال ولا المآكل والملابس والمساكن والسيارات ويفتقد إلى الصادقين المخلصين المحبين من حوله. فالسعادة ليست أن تحصل على كل ما تريد، ولكن السعادة أن تتمتع بكل ما تمتلك ولو كان قليلا. ربوا أبناءكم وطلابكم التربية الإيمانية التي تسعدهم في الدنيا والآخرة، وكونوا قدوة لهم في شكر النعم والتمتع بها ولو كانت قليلة، وابتعدوا عن كلمات الضجر، والحسد للناس على ما أعطاهم الله فتسعد أرواحكم وتكونوا من الشاكرين الصادقين. والحمد لله رب العالمين.
مشاركة :