عندما تذبل الروح وتموت!!

  • 12/10/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يتكون‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬البدنية،‭ ‬والخصائص‭ ‬الحيوية،‭ ‬والتراكيب‭ ‬النفسية‭ ‬والروح‭ ‬الخفية‭.‬ الأجهزة‭ ‬البدنية‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬وأجزاء‭ ‬تتمتع‭ ‬بالحياة‭ ‬ومظاهرها‭ ‬الحيوية،‭ ‬ويقوم‭ ‬كل‭ ‬جهاز‭ ‬بوظيفة‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فالجهاز‭ ‬العظمي‭ ‬يكون‭ ‬الدعامة‭ ‬الصلبة‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الجسم‭ ‬شكله‭ ‬المعهود‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬تماسكه‭ ‬وحركته‭ ‬السوية‭ ‬ووظائفه‭ ‬العديدة‭.‬ والجهاز‭ ‬الهضمي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بهضم‭ ‬الطعام‭ ‬وتحليله‭ ‬وتحويله‭ ‬من‭ ‬جزيئات‭ ‬كبيرة‭ ‬يصعب‭ ‬دخولها‭ ‬إلى‭ ‬الخلايا‭ ‬الحية‭ ‬تحوله‭ ‬إلى‭ ‬جزيئات‭ ‬صغيرة‭ ‬عندها‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬النفاذ‭ ‬من‭ ‬أغشية‭ ‬الخلايا‭ ‬الاختيارية‭ ‬لتدخل‭ ‬إلى‭ ‬سيتوبلازم‭ ‬الخلية‭ ‬حيث‭ ‬الأكسدة‭ ‬اللاهوائية‭ ‬وإنتاج‭ ‬جزيئات‭ ‬وعملات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الخلية‭ (‬ATP‭) ‬بأعداد‭ ‬محدودة‭ ‬ثم‭ ‬تدخل‭ ‬نواتج‭ ‬الهدم‭ ‬الخلوي‭ ‬اللاهوائي‭ ‬إلى‭ ‬عضيات‭ ‬الخلية‭ ‬ليتم‭ ‬إكمال‭ ‬تمثيلها‭ ‬الغذائي‭ ‬بالأكسدة‭ ‬الهوائية‭ ‬وإنتاج‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬عملات‭ ‬الطاقة‭ (‬ATP‭)‬،‭ ‬ويتخلص‭ ‬الجسم‭ ‬من‭ ‬نفايات‭ ‬العمليات‭ ‬الخلوية‭ ‬بالإخراج‭ ‬بأجهزة‭ ‬الإخراج‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬كالكلى‭ ‬والتنفس‭ ‬الخارجي‭ (‬الزفير‭) ‬والجلد‭ ‬والإخراج‭ ‬المتبقي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الجهاز‭ ‬الهضمي‭.‬ ويحتاج‭ ‬الجسم‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭ ‬والغذاء‭ ‬والحركة‭ ‬والنشاط‭ ‬لتظل‭ ‬أجهزة‭ ‬الجسم‭ ‬صالحة‭ ‬للعمل‭ ‬والحياة‭.‬ ويقوم‭ ‬الجهاز‭ ‬المناعي‭ ‬بحماية‭ ‬الخلايا‭ ‬والأعضاء‭ ‬والأجهزة‭ ‬البدنية‭ ‬من‭ ‬مسببات‭ ‬الأمراض‭ ‬الميكروبية،‭ ‬والفسيولوجية،‭ ‬والتدهور‭ ‬الخلوي‭.‬ ويقوم‭ ‬الجهاز‭ ‬النفسي‭ ‬بحماية‭ ‬الجسم‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والعصبية‭.‬ والأجهزة‭ ‬السابقة‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬والقيام‭ ‬بوظائفها‭ ‬بما‭ ‬يوفره‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬ونواتج‭ ‬عمليات‭ ‬البناء‭ ‬والهدم‭ (‬الأيض‭) ‬في‭ ‬الجسم‭.‬ وتتمتع‭ ‬الأجهزة‭ ‬السابقة‭ ‬بالنشاط‭ ‬والحيوية‭ ‬طالما‭ ‬تحصلت‭ ‬على‭ ‬متطلباتها‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬والطاقة‭ ‬والحركة‭ ‬والحماية‭ ‬والرعاية‭ ‬وتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬البدن‭ ‬القوي‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬الفعل‭ ‬الميكانيكي‭ ‬المطلوب‭ ‬للجسم‭ ‬من‭ ‬النشاط‭ ‬والحركة‭ ‬والعمل‭ ‬البدني‭.‬ تتبقى‭ ‬الروح‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عناية‭ ‬خاصة‭ ‬غير‭ ‬مادية‭ ‬لتضفي‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأخرى‭ ‬حيويتها‭ ‬وحياتها‭ ‬وأداء‭ ‬وظائفها‭ ‬المختلفة‭.‬ هذه‭ ‬الروح‭ ‬لها‭ ‬غذاء‭ ‬مغاير‭ ‬عن‭ ‬غذاء‭ ‬الأعضاء‭ ‬والأجهزة‭ ‬السابقة‭.‬ هذه‭ ‬الروح‭ ‬تغذيها‭ ‬العقيدة‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬وتغذيها‭ ‬العبادات‭ ‬المحضة‭ ‬من‭ ‬صلاة،‭ ‬وصيام،‭ ‬وأدعية‭ ‬للتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬والارتباط‭ ‬بمنهاجه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬ إذا‭ ‬توفرت‭ ‬للروح‭ ‬غذاؤها‭ ‬الخاص‭ ‬ظلت‭ ‬قوية‭ ‬تساعد‭ ‬الأعضاء‭ ‬البدنية‭ ‬على‭ ‬الحيوية‭ ‬والحياة‭ ‬الروحية‭ ‬التي‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬البدن‭ ‬وتحميه‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬النفسي‭ ‬والعصبي‭.‬ عندما‭ ‬يؤمن‭ ‬الإنسان‭ ‬بوجود‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬واتباع‭ ‬منهاجه‭ ‬الذي‭ ‬أرسل‭ ‬الرسل،‭ ‬وأنزل‭ ‬الكتب‭ ‬لبيانه‭ ‬وكيفية‭ ‬تطبيقه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬ هذا‭ ‬المسلك‭ ‬يضفي‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬الهدوء‭ ‬والراحة‭ ‬والصحة‭ ‬والعافية‭ ‬والحصانة‭ ‬ضد‭ ‬الأمراض‭ ‬الخفية‭.‬ الإيمان‭ ‬يربط‭ ‬الإنسان‭ ‬بالخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وتنعكس‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬فتنضره،‭ ‬وعلى‭ ‬النفس‭ ‬فتفعلها،‭ ‬وعلى‭ ‬الأخلاق‭ ‬فتحسنها،‭ ‬وعلى‭ ‬السلوك‭ ‬فتقومه،‭ ‬ويطمئن‭ ‬القلب،‭ ‬وتهدأ‭ ‬النفس‭ ‬فيقابل‭ ‬الإنسان‭ ‬المصائب‭ ‬بنفس‭ ‬مطمئنة‭ ‬راضية‭ ‬مرضية‭.‬ وعندما‭ ‬يكفر‭ ‬الإنسان‭ ‬بالخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أو‭ ‬يستهين‭ ‬بشرعه‭ ‬ويطلق‭ ‬لنفسه‭ ‬العنان‭ ‬والهوى‭ ‬تمرض‭ ‬النفس،‭ ‬وتختل‭ ‬الروح‭ ‬ويدب‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬البدن،‭ ‬وتضيق‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬ويشعر‭ ‬بالضنك‭ ‬والقلق‭ ‬رغم‭ ‬توفر‭ ‬كل‭ ‬العوامل‭ ‬المادية‭ ‬من‭ ‬مأكل‭ ‬ومشرب‭ ‬وملبس‭ ‬وترفيه‭ ‬ومبان‭ ‬وأجهزة‭ ‬عصرية‭ ‬وأدوات‭ ‬إلكترونية،‭ ‬وتضيق‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬رغم‭ ‬رحابتها‭ ‬ويفقد‭ ‬الإنسان‭ ‬الطمأنينة،‭ ‬وتمرض‭ ‬النفوس‭ ‬والأرواح‭ ‬فتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬الانغماس‭ ‬في‭ ‬الشهوات‭ ‬والملذات‭ ‬التي‭ ‬تفقد‭ ‬دورها‭ ‬لكثرتها‭ ‬وألفتها‭ ‬وتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬الانتحار‭ ‬والهروب‭ ‬المرضي‭ (‬بفتح‭ ‬الميم‭ ‬والراء‭) ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬المادية‭ ‬الكئيبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تطيقها‭ ‬الروح‭.‬ الملحدون‭ ‬يتمتعون‭ ‬ويأكلون‭ ‬كما‭ ‬تأكل‭ ‬الأنعام،‭ ‬ويحيط‭ ‬بهم‭ ‬الماديات‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬والروح‭ ‬ويدب‭ ‬الوهن‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬والأبدان‭ ‬واليأس‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬والعياذ‭ ‬بالله‭.‬ الإيمان‭ ‬بالخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يرفع‭ ‬الهمة،‭ ‬ويقوي‭ ‬النفس،‭ ‬ويدعم‭ ‬الأخلاق‭ ‬الحميدة‭ ‬ويسير‭ ‬العبد‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الرحمن‭ ‬فيكون‭ ‬الصدق‭ ‬مذهبه،‭ ‬والعطف‭ ‬والحنان‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬مسلكه،‭ ‬ويحب‭ ‬الناس‭ ‬ويحبونه،‭ ‬ويشعر‭ ‬بالاطمئنان‭ ‬والهدود‭ ‬النفسي‭ ‬والرضى‭ ‬وراحة‭ ‬البال‭ ‬ويطمئن‭ ‬القلب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إيمانية‭ ‬ربانية‭ ‬عجيبة‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بطعمها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬ذاقها‭.‬ عندما‭ ‬ينتقل‭ ‬الشاب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الإيمانية‭ ‬إلى‭ ‬الحالة‭ ‬المادية‭ ‬فتسيطر‭ ‬الماديات‭ ‬على‭ ‬حياته،‭ ‬وتصبح‭ ‬العلاقات‭ ‬منافع‭ ‬مادية‭ ‬وصراعا‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬ولا‭ ‬يُشبع‭ ‬النفوس،‭ ‬ويدب‭ ‬الضنك‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ويكون‭ ‬الطريق‭ ‬الموازي‭ ‬لتسعير‭ ‬الشهوات‭ ‬هو‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬بالمهلكات‭ ‬والانتحار‭ ‬والعياذ‭ ‬بالله‭ ‬بعدما‭ ‬ذبلت‭ ‬الروح‭ ‬وضاق‭ ‬البدن‭ ‬عليها‭ ‬فيأتي‭ ‬الموت‭ ‬وتكون‭ ‬العاقبة‭ ‬وخيمة‭ ‬والعياذ‭ ‬بالله‭.‬ المؤمن‭ ‬الفقير‭ ‬تسعده‭ ‬أشياء‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬المأكل‭ ‬والملبس‭ ‬والمسكن‭ ‬والأحبة،‭ ‬والملحد‭ ‬الغني‭ ‬لا‭ ‬تسعده‭ ‬الأموال‭ ‬ولا‭ ‬المآكل‭ ‬والملابس‭ ‬والمساكن‭ ‬والسيارات‭ ‬ويفتقد‭ ‬إلى‭ ‬الصادقين‭ ‬المخلصين‭ ‬المحبين‭ ‬من‭ ‬حوله‭.‬ فالسعادة‭ ‬ليست‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تريد،‭ ‬ولكن‭ ‬السعادة‭ ‬أن‭ ‬تتمتع‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تمتلك‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬قليلا‭.‬ ربوا‭ ‬أبناءكم‭ ‬وطلابكم‭ ‬التربية‭ ‬الإيمانية‭ ‬التي‭ ‬تسعدهم‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة،‭ ‬وكونوا‭ ‬قدوة‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬شكر‭ ‬النعم‭ ‬والتمتع‭ ‬بها‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬قليلة،‭ ‬وابتعدوا‭ ‬عن‭ ‬كلمات‭ ‬الضجر،‭ ‬والحسد‭ ‬للناس‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أعطاهم‭ ‬الله‭ ‬فتسعد‭ ‬أرواحكم‭ ‬وتكونوا‭ ‬من‭ ‬الشاكرين‭ ‬الصادقين‭. ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭.‬

مشاركة :