هل يصل التوتر بين «حلف الأطلسي» وروسيا إلى الصدام العسكري؟

  • 12/11/2021
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وسط‭ ‬تحذيرات‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬والمعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬تواصل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬يوم‭ ‬7‭/‬12‭. ‬مباشرة‭ ‬عبر‭ ‬مكالمة‭ ‬فيديو‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الروسي،‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬بدا‭ ‬أنه‭ ‬محاولة‭ ‬أخيرة‭ ‬لتجنب‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭.‬ وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬حشدت‭ ‬موسكو‭ ‬بالفعل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬الشاسعة‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭. ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬هددت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬بفرض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخانقة‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬إذا‭ ‬اختارت‭ ‬الهجوم،‭ ‬فيما‭ ‬لم‭ ‬يستبعدوا‭ ‬تمامًا‭ ‬الخيارات‭ ‬العسكرية،‭ ‬كما‭ ‬أعلنوا‭ ‬التزامهم‭ ‬المشترك‭ ‬بحماية‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬المخاطر‭ ‬والعواقب‭ ‬المحتملة‭ ‬للحسابات‭ ‬الخاطئة‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭ ‬ستكون‭ ‬هائلة‭. ‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬يقتصر‭ ‬هذا‭ ‬الخلاف‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬أوروبا،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬صراع‭ ‬يشمل‭ ‬روسيا‭ ‬والغرب‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬دولية‭ ‬بلا‭ ‬شك،‭ ‬وعلى‭ ‬الأرجح‭ ‬سينتقل‭ ‬إلى‭ ‬المسارح‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬الجانبان،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬ وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬وصلت‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وروسيا‭ ‬بشأن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياتها،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬ضمت‭ ‬الأخيرة‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬عام‭ ‬2014‭. ‬وانفصلت‭ ‬الجماعات‭ ‬الموالية‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المقاطعات‭ ‬الشرقية‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬كييف‭. ‬وفي‭ ‬فصل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬النزاعات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا،‭ ‬اتهمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬موسكو‭ ‬بحشد‭ ‬175‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬استعدادًا‭ ‬لغزوها‭. ‬وفي‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التهديد،‭ ‬قدمت‭ ‬واشنطن‭ ‬دعمًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬وأكد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬‭ ‬مجددًا‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬بلاده‭ ‬الثابت‭ ‬لسيادة‭ ‬أوكرانيا‮»‬‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬‮«‬العدوان‭ ‬الروسي‮»‬‭. ‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وبحسب‭ ‬‮«‬هولي‭ ‬إليات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬كييف‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬الناتو،‭ ‬والتحالف‭ ‬العسكري‭ ‬غير‭ ‬ملزم‭ ‬بالدفاع‭ ‬عنها»؛‭ ‬لذلك،‭ ‬‮«‬فإنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المؤكد‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬قد‭ ‬تذهب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لحمايتها‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬السيناريوهات،‭ ‬جرت‭ ‬المكالمة‭ ‬السابق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها،‭ ‬عبر‭ ‬خط‭ ‬مؤمن‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬العامة،‭ ‬ووصفها‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬سانجر‮»‬،‭ ‬و«ميخائيل‭ ‬كرولي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬متوترة،‭ ‬لكن‭ ‬تخللها‭ ‬بعض‭ ‬الفكاهة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬إصدار‭ ‬بايدن‭ ‬تحذيرات‭ ‬قوية‭ ‬لبوتين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬سيقابله‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬حازمة‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭. ‬رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬وبحسب‭ ‬‮«‬بيتر‭ ‬ديكنسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الجميع‭ ‬لن‭ ‬يكونوا‭ ‬راضين‭ ‬عن‭ ‬اللهجة‭ ‬الغالبة‭ ‬على‭ ‬المكالمة‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‮»‬،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬القلق‭ ‬الكبير‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحذيرات‭ ‬بايدن‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬خطورة‭ ‬الموقف،‭ ‬ويمكن‭ ‬تفسيرها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬ضوء‭ ‬أخضر‭ ‬لتصعيد‭ ‬عسكري‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكرملين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬إظهار‭ ‬أن‭ ‬المكالمة‭ ‬قللت‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نشر‭ ‬مقتطفات‭ ‬مرحة‭ ‬منها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬تراجع‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬عن‭ ‬مواقفهما؛‭ ‬وعليه،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬ماركوس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والأمن‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الكرملين‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يستعد‭ ‬لحل‭ ‬عسكري‭ ‬سواء‭ ‬حدث‭ ‬أم‭ ‬لا‮»‬‭.‬ من‭ ‬جانبهم،‭ ‬يسعى‭ ‬الروس‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ضمانات‭ ‬ثابتة‭ ‬وملزمة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الغرب‭ ‬بعدم‭ ‬توسيع‭ ‬الناتو‭ ‬ليشمل‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يُعتبر‭ ‬‮«‬خطًا‭ ‬أحمر‮»‬‭ ‬بالنسبة‭ ‬لموسكو‭. ‬ووصفت‭ ‬‮«‬أندريا‭ ‬تيلور‮»‬،‭ ‬المسؤولة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‮»‬‭ ‬الأمريكي؛‭ ‬تصرفات‭ ‬بوتين‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تنبع‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬السيطرة‭ ‬والاحتواء،‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬ثني‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬عن‭ ‬تضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الانفصاليين‭ ‬الموالين‭ ‬لروسيا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬مكسيم‭ ‬ساموروكوف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬كارنيجي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬صراحة‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬والمدى‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للذهاب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفه‮»‬‭. ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬بعد‭ ‬الاجتماع‭ ‬الافتراضي،‭ ‬أصدر‭ ‬الكرملين‭ ‬بيانًا‭ ‬يوجه‭ ‬اللوم‭ ‬إلى‭ ‬الناتو‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬المحاولات‭ ‬الخطيرة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وزيادة‭ ‬قدراته‭ ‬العسكرية‮»‬‭.‬ ومع‭ ‬تعرض‭ ‬المكانة‭ ‬العالمية‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬لانتكاسة؛‭ ‬جراء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وكارثة‭ ‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬‮«‬أوكوس‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأستراليا‭ ‬وبريطانيا؛‭ ‬فإن‭ ‬رد‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬الإجراءات‭ ‬الروسية‭ ‬يتم‭ ‬مراقبته‭ ‬من‭ ‬كثب‭ ‬وتحليله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخبراء‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬قاله‭ ‬‮«‬ماكس‭ ‬سيدون‮»‬،‭ ‬و«كاترينا‭ ‬مانسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬فريق‭ ‬بايدن‭ ‬يأمل‭ ‬في‭ ‬‮«‬ثني‭ ‬بوتين‭ ‬عن‭ ‬الغزو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحذيرات‭ ‬اللاحقة‭ ‬بالعقوبات‭ ‬الشديدة‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬العمل‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬على‭ ‬حزمة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬المالية‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬تطوير‭ ‬خيارات‭ ‬عسكرية‭ ‬لمساعدة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬بأسلحة‭ ‬إضافية‮»‬‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تخضع‭ ‬بالفعل‭ ‬لعقوبات‭ ‬غربية‭ ‬صارمة،‭ ‬فإن‭ ‬تصعيد‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬‭ ‬بـ«لجوء‭ ‬واشنطن‭ ‬لخطط‭ ‬محتملة،‭ ‬تشمل‭ ‬الخيار‭ ‬النووي‮»‬؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عزل‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬منظومة‭ ‬المراسلة‭ ‬المصرفية‭ ‬‮«‬سويفت‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليه‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الرائدة‭.‬ غير‭ ‬أن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬المؤثرة‭ ‬قد‭ ‬دعمت‭ ‬المحاولات‭ ‬التي‭ ‬قادتها‭ ‬واشنطن‭ ‬لثني‭ ‬بوتين‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬سيدون‮»‬،‭ ‬و«مانسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى،‭ ‬‮«‬قدمت‭ ‬جبهة‭ ‬موحدة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أجرى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬مشاورات‭ ‬مع‭ ‬نظرائه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وإيطاليا،‭ ‬قبل‭ ‬الاجتماع،‭ ‬وقدم‭ ‬تفاصيل‭ ‬الردود‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬ووفقًا‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬الغرب‭ ‬استراتيجية‭ ‬مشتركة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬إلحاق‭ ‬ضرر‭ ‬كبير‭ ‬وشديد‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الروسي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬أقدمت‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا‭. ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬فرنسا‭ ‬كذلك‭ ‬‮«‬تصميمها‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬والتزامها‭ ‬بالعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬أوروبا‮»‬،‭ ‬وتأكيد‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬بوريس‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬‮«‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬الأخذ‭ ‬بجميع‭ ‬الأدوات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬الموجودة‭ ‬تحت‭ ‬تصرفها‭ ‬لمنع‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬روسي‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا‮»‬‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬أو‭ ‬متغيرات‭ ‬أخرى‭ ‬أيضًا‭ ‬قد‭ ‬تعرقل‭ ‬المساعي‭ ‬الروسية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وصرح‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬‮«‬جيك‭ ‬سوليفان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬‮«‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬يمثل‭ ‬نقطة‭ ‬‮«‬نفوذ‮»‬‭ ‬لواشنطن‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬حلفائها؛‭ ‬لأنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بوتين‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬تدفق‭ ‬الغاز‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬الخط‭ ‬حقًا،‭ ‬فقد‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬المخاطرة‭ ‬بغزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬حذر،‭ ‬موسكو‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأشياء‭ ‬والتدابير‭ ‬الضرورية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تفعلها‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬2014‭. ‬نحن‭ ‬مستعدون‭ ‬للقيام‭ ‬بها‭ ‬الآن‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬أوروبية‮»‬‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول؛‭ ‬فإن‭ ‬تصعيد‭ ‬التوترات‭ ‬أو‭ ‬احتدام‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والقوى‭ ‬الأوروبية،‭ ‬سيثير‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬آثار‭ ‬أي‭ ‬مواجهة‭ ‬محتملة‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ففي‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬حيث‭ ‬تتمتع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬موسكو‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وواشنطن‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬بوجود‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به،‭ ‬سيكون‭ ‬خطر‭ ‬انتشار‭ ‬تداعيات‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬أو‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مرتفعًا،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخصمين‭ ‬قد‭ ‬انحازا‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬طرفين‭ ‬متعارضين‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬السورية‭.‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬آنا‭ ‬بورشيفسكايا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مشاركة‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬جاءت‭ ‬كـ«نتيجة‭ ‬منطقية‮»‬‭ ‬لـ«أهداف‭ ‬أوسع‭ ‬لردع‭ ‬وإضعاف‭ ‬القوى‭ ‬الغربية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬سياساتها‭ ‬الخارجية‭ ‬المتخبطة‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬كوك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الروس‭ ‬لديهم‭ ‬استراتيجية‭ ‬محددة‭ ‬لإضعاف‭ ‬الغرب‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬‮«‬يبدأ‭ ‬تنفيذها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يوضح‭ ‬مدى‭ ‬القدرة‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬تصعيد‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬ليكون‭ ‬بمثابة‭ ‬صراع‭ ‬عالمي‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬الجزم‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إحياؤها‭ ‬في‭ ‬فيينا،‭ ‬والتي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إقناع‭ ‬طهران‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬شروط‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬لعام‭ ‬2015‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬لم‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬تقدميًا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحادثات،‭ ‬بصفتها‭ ‬الداعم‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الرئيسي‭ ‬لإيران‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الوفود‭ ‬الحاضرة؛‭ ‬فإن‭ ‬احتمالية‭ ‬رفض‭ ‬الروس‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬نظرائهم‭ ‬الغربيين‭ ‬قد‭ ‬تنبئ‭ ‬بانهيار‭ ‬مشروع‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬بأكمله‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬حدوث‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬بورشيفسكايا‮»‬،‭ ‬بـ«العلاقة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬والأسد‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬ وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وخلافه،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬أقامت‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬وموسكو،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬محفوف‭ ‬بالمخاطر‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬حلفاء‭ ‬كلتا‭ ‬الدولتين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والقارة‭ ‬الآسيوية‭ ‬يعتمدون‭ ‬عليهما‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭  ‬والدفاعي،‭ ‬فقد‭ ‬أقاموا‭ ‬أيضًا‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتكنولوجية‭ ‬معهما‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬واصلت‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬محاولة‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬ودية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاتفاقات‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المكالمة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬و«بايدن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مؤثرة‭ ‬بشكل‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تجنب‭ ‬وقوع‭ ‬صراع‭ ‬مسلح‭ ‬أو‭ ‬تصعيد‭ ‬للتوترات،‭ ‬فإن‭ ‬اللهجة‭ ‬الحادة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬الأخير‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬تنبئ‭ ‬بوقوع‭ ‬تداعيات‭ ‬لا‭ ‬يحمد‭ ‬عقباها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفائها‭ ‬الأوروبيين‭ ‬حال‭ ‬أقدمت‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا‭.‬ وعليه،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬الدولية‭ ‬لهذه‭ ‬القضية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بمنطقة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬استراتيجية،‭ ‬مثل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬بوجود‭ ‬عسكري‭ ‬وسياسي‭ ‬واقتصادي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الآفاق‭ ‬تبدو‭ ‬قاتمة‭.‬

مشاركة :