الحرب في اليمن حسابات الخارج وتعقيدات الداخل

  • 12/11/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

منذ فترة ليست بالقصيرة، يتعايش اليمنيون وجملة من الصعوبات والهموم، أبرزها تأمين لقمة العيش. اندلعت منذ زهاء سبع سنوات حرب ضروس، تدور رحاها في كنف صراع إقليمي ودولي، بالغ التوتر والخطورة، بناء على حسابات وتضارب أجندة معقدة، تغذي استمرار الحرب لفترة طويلة، طالما استمرت الفجوة بين المتحاربين، وتوسعت بين أطراف الصراع، ومن يقف وراءها، بأبعادها الداخلية والإقليمية وبمستوياتها العسكرية والسياسية. يحتوي اليمن على شروط وعوامل نشوب الحرب والعنف، في مقدمتها التركيبة القبلية للمجتمع اليمني، وسهولة امتلاك أدوات الحرب من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بل والثقيلة، ناهيك عن غياب مؤسسات الدولة عن دورها المنوط بها في حفظ الأمن والسلم المجتمعي، ومن ثم فأي حديث عن إطالة أمد الحرب، لا يعد إفراطا في التشاؤم أو نسجا من الخيال، فالمشهد اليمني متخم بالصراعات السياسية والاجتماعية، زاد من تعقيدها التدخلات الخارجية، وقابلية واستجابة الأطراف اليمنية لها، وتوظيفها في صراعاتها البينية، كما أن أي تدخل خارجي من طرف ما، من شأنه أن يستدعي مثيله من طرف آخر؛ ما يجعل اليمن ساحة لتصفية حسابات بين أطراف خارجية، يدفعها صراعها مع الآخر لمراكمة أسباب استمراره وإنتاجه بشكل دوري. بقاء الحرب لفترة طويلة في بلد يموج بالأسلحة أكثر من ضعف سكانه، سيحولها لثقافة مقبولة لدى المجتمع اليمني، وسيمنح أدواتها وقيمها اللاوطنية تجذرا وحاضنة مجتمعية، وسينتج واقعا، يتقاطع ويختلف مع الخريطة الطبيعية والسياسية لليمن؛ مما قد يؤدي لظهور جماعات مسلحة، من الصعوبة بمكان التعاطي معها بعد انتهاء الحرب، والتي قد لا تعترف ولا تؤمن بقواعد اللعبة السياسية، ولن تفرط بمكاسبها التي حازتها بقوة السلاح.   تلتقي المصالح والأجندة الدولية والإقليمية، في عدم انهيار المليشيات الحوثية بهزيمة عسكرية ساحقة، وهذا تدركه المليشيات الحوثية جيدا، ويمنحها قدرا من المراوغة، على أمل إطالة الحرب؛ لإفراغها من مضمونها السياسي، وقطع الطريق أمام خصومها من جني أي استحقاقات أو مكاسب، فالنصر والهزيمة لديها، لا يتم قياسهما بمقدار الخسائر البشرية أو المادية، وإنما يقاس بالصمود وعدم الاستسلام، وكلما استمرت الحرب كلما كان ذلك في صالحها، وهذا يتطابق تمام التطابق مع وجهة نظر الدول الكبرى، التي تريد الحفاظ على التوازن العسكري بين الأطراف المتحاربة؛ كي يستمر القتال فترة أطول؛ بما يسمح ببيع المزيد من الأسلحة للأطراف المتحاربة وداعميها. تشير الوقائع على الأرض إلى أن اليمن صارت مسرحا لصراع الإرادات الإقليمية والدولية، التي متى ما وصلت لنقاط اتفاق؛ لتوزيع وتقاسم مصالحها في اليمن، فمن المرجح أن تضع الحرب أوزاها، بجرة قلم بقرار إقليمي ودولي؛ إذ أن الأطراف المتحاربة لم تعد تملك قرارها في الحرب أو السلم، وليس بمقدورها الحيلولة دون مزيد من التدهور والانقسام والعنف والاحتراب، الذي يقود اليمن، لما قبل الدولة والوطن والشعب، آن الأوان لليمنيين أن يكفوا عن تدمير بلدهم، وأن يصغوا لصوت العقل، ويتركوا أدوات الحرب، وبواعث الكراهية والانقسام وراء ظهورهم، ويعودوا لمرجعياتهم الوطنية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرارات الدولية ومخرجات الحوار الوطني، التي توافقوا عليها كخارطة طريق؛ لإحلال السلام، وكأساس يبنون عليه مشروعهم الوطني في بناء دولة اتحادية؛ تحقق لجميع أبناء اليمن بمختلف أطيافهم العدالة والحرية والعيش بكرامة في ظل دولة النظام والقانون.

مشاركة :