فن الإصغاء يجيده الأذكياء

  • 12/13/2021
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

التحلي بالصبر يفيض من خلال نهر الأدب العذب كغذاء للروح المتصالحة مع النفس والتواقة إلى قطف ثمار ربيع تقوى القلب حينما يتسق السلوك مع المفهوم وينسجم التصرف مع المضمون، فن الإصغاء من أرقى الفنون بل إنه العامل المستقر في وجدان المرء، وهذا بدوره يقودنا إلى أهمية التركيز على الأساس الذي يتكئ عليه إنه الفهم والاستيعاب والتدبر، إذ يجب عدم إغفال التهيئة المعنوية لهذا الأمر والتي يعول عليها وتعد فرس الرهان بهذا الصدد فإذا كانت الرغبة محفزة للاستماع فمن باب أولي تأثير الرغبة إيجابا في شحذ التركيز للإصغاء والتحرر من بعض القيود كالرهبة والخجل والخوف سواء من المعلم أو المدرب أو المدير، والذين بدورهم يقع على عاتقهم تمرير المعرفة والدراية في أريحية وسعة صدر وتأطير مبدأ إتاحة الفرصة، وذروة هذا الأمر وسنامه من دون شك وريب الحلم، هذه الصفة المشعة في سماء العلم والأدب والمعرفة والأخلاق، الحلم سيد الأخلاق وهو كذلك إذ إن استيعاب المعلومة يعد منطلقا مهما للمعلم البارع والمدرب اللامع بهذا الخصوص، فالاستيعاب يؤدي إلى الفهم، والفهم يقود إلى التطلع للمرحلة التي تليها وهكذا في سلسلة مترابطة وتراكم معرفي يتكئ على قدرة الاستيعاب وبلوغ المراحل بانسيابية تعزز من تمرير المعلومات وغرسها في الأذهان بصيغة تؤدي بالتالي إلى اكتمال العناصر المراد تحقيقها وصولا إلى الهدف، وهو نقل المعرفة سواء كان ذلك عبر التعليم أو التدريب، بأساليب سلسة تحاكي الإحساس من خلال الترغيب بالشيء وابتكار حوافز إيجابية مشجعة للفت الانتباه وإبراز العائد من هذا الأمر، استشعار الرسالة النبيلة تجاه تعليم الآخرين وتطوير مهاراتهم وتدريبهم من مآثر الشهامة والمروءة والإخلاص الذي يسري في الشرايين ليضخ القلب المتدفق ينابيع العلم والمعرفة فتنساب رقراقة رخيمة في عقول الشباب وتثمر عن أجيال تسبر أغوار العلم وتطرق سبل المعرفة باحترام المعلم وتوقيره، وأريحية المعلم ورحابة صدره التي اتسعت لفعل الخير ونيل الأجر، الصبر هو العامل المشترك بين الطالب والمعلم وهو الطرف المؤثر في هذه المعادلة فإذا كان صبر الطالب مضاعفا لحاجته للعلم والمعرفة فإن صبر المعلم جسر العبور لتطور الأمة وتقدمها والارتقاء بأفكار أجيالها، والذين يدركون كذلك بأنهم لم يصلوا إلى هذه المراحل المتقدمة إلا عبر صبر وحلم معلميهم من قبل، إن عدم احترام فن الإصغاء واتقانه من قبل البعض يسهم في تفويت الكثير من الفرص ويخسرون كثيراً على هذا الصعيد ، ناهيك عن ربط هذه القيمة القيمة في مجال العمل فإذا استوعب الطالب الدرس جيدا فإنه سيتقن عمله لأن أساليب الحياة مبنية على التكامل في حين تجد البعض وحينما  يطرق أذنيه لسماع حديث معين درسا او ندوة كانت أم محاضرة وغير ذلك وكلها مفيدة بطبيعة الحال تكون حواسهم بعيدة كل البعد عن الحدث، وخياله يسرح ويمرح بعيداً ولا يتسلط “ الهوجاس « الا في هذا الوقت الثمين، وإذ ذاك فإن الاستيعاب غير موجود في الخدمة وآمل أن يكون مؤقتاً. وقد تصدر إحدى نغمات الجوال وهو في الوضع الصامت والهزار في ذات الوقت والجوال يتراقص طربا داخل الجيب الفضفاض على نغمة  (يا ناسينا يا ناسينا) لتنساه الفائدة المرجوة ويقبع في مؤخرة الركب، واللافت أنه يصغي جيداً حينما يكون له مصلحة في ذلك وقد يستقرئ أفكار من سيمنحه المصلحة قبل أن ينطق بها بيد أنه في المحاضرات العلمية المفيدة والندوات يكون ذهنه كذهن أم العروسة في ليلة عرس ابنتها فاضية ومشغولة (مخروشة وراسها مهوب معها) خلاصة القول إن معايير التقدم الى الأمام تتكئ على هذا العنصر الهام الإصغاء ومنحه مساحة مقدرة في الأذهان ليتبوأ موقعا يليق بقيمته ومقداره وابتكار آليات لجذب الانتباه، ففن الإصغاء وإتقانه سيضيف لك الكثير والكثير، وبمثل ما بدأت أختم بالقول إن فن الإصغاء يجيده الأذكياء وهو كذلك.

مشاركة :