لستُ أدري كيف أبدأ، ولستُ أدري بأيِّ كلمة يمكن لمثلي أن يعبّرَ عن مشاعره لتوديع صديق غاب عنّا، كان صديقًا نادرًا، أو كما كان زميلاً نادرًا، أو كما أصبح سفيرًا نادرًا، أو ناجحًا، كان رفيقًا لا تملك أمام لطفه، ورقته، وحنانه إلاَّ أن تقفَ مصدومًا.. كيف غاب عنّا بهذه السرعة؟ كيف لإنسان بهذه الصفات النادرة، في هذا العصر أن نفقده؟ كيف لنا أن نملأ مساحة هذا الفراغ الهائل من نفوسنا بعد فقده؟! إنّها أسئلة كثيرة يصعب الإجابة عنها. لقد وقفتُ أمام جثمانه غيرَ مصدّق أنّه غاب إلى الأبد.. وتوالت صور حياة طويلة قضيتُها بصحبته، أراقب كل تلك الأيام والأزمات الغابرة، التي مرّت علينا بوزارة الخارجية وخارجها، وهي كثيرة، وفي دقائق لا أدري كيف لفكر الإنسان ووجدانه أن يختزنَ كلَّ الصور، ثم تقف أمامه في لحظات قصيرة بكل ما فيها من صور عديدة. عجيب هو الإنسان، وعجيب أن نتحمّلَ نحن الأحياء فَقْدَ حبيبٍ، وزميلٍ، وأخٍ، ولقد مضى قبله، وسيمضي بعده آخرون، كانوا يمثّلون لنا، وفي قلوبنا كلّ معاني الحياة، والأخوّة، والقيم الرائعة، والذكريات الحلوة والجميلة، التي تشدّنا للاستمرار في الحياة، ونحمل صدماتها. وداعًا أيُّها الصديقُ الغالي، وداعًا لمَن سبقوك، وسنلحق بكم، وتلك حقيقة الحياة، ذلك هو (اليقين). فاللهم ارحمهم، وعوّضنا بفقدهم جميل الصبر، واجمعنا بهم في رحاب رحمتك وجناتك، (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). فيا أيُّها الغالي عبدالله صالح حبابي.. وداعًا، ولقد ودّعك إخوانك جميعًا مع أهلك بما تليق بك، وبما يكنّونه لك من حب وتقدير وإخلاص، والله المستعان على كل شدّة.
مشاركة :