خالد البسام الكاتب والمؤرخ النزيه

  • 11/12/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لقد رحل عنا الكاتب والمؤرخ خالد البسام بشكل مفاجئ الأمر الذي ضاعف من حزننا على فراقه. فقد كان ابناً باراً بوطنه، وكانت علاقاته وطيدة مع الجميع خاصة وانه من الأشخاص الذين عرفوا بدماثة خلقهم، وطيب معشرهم، وصفاء معدنهم. وكان محل تقدير واحترام الأدباء والكتاب والمفكرين والمثقفين نظراً لمواقفه الوطنية المتمثلة في نبذ الطائفية بكل أشكالها، وكذلك نظراً لنزاهة قلمه في كتابة التاريخ المتعلق بالبحرين وبالشخصيات المحلية والخليجية، كما قام بتوثيق العديد من سير الصحافيين البحرينيين وبعض رجالات الخليج، مع تركيزه على تاريخ البحرين الذي تناوله من جوانب مختلفة. لقد كنت على صلة به منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي عندما كان يتردد بصورة منتظمة على مكتبة المنامة العامة التي كنت مسؤولاً عنها آنذاك، وكان يقضي وقتاً طويلاً بالمكتبة في قراءة المراجع والكتب التي لا تعار بحثاً عن معلومات كان يجمعها عن تاريخ البحرين ومنطقة الخليج العربي. كان يتحلى بالصدق والأمانة، وكان الهدوء سمته الخاصة، ولم أجده يوماً عابساً أو غاضباً.. بل كان مرحاً ومتفائلاً. ومن بين صفاته التي عرف بها مساعدته للغير وبدون تردد فقد كان ملماً بتاريخ البحرين الثقافي والحضاري، وكان بعض الكتاب والمؤرخين يلوذون به عندما يحتاجون إلى توثيق معلومة تاريخية ليرشدهم على مصدرها. وقد كنت شخصياً من الذين ساعدني في ذلك الشأن. ففي عام 2003 حصلت من الأستاذ علي سيار نسخة مصورة من مجلة صوت البحرين وهي من بين أهم المجلات التي صدرت في عقد الخمسينيات من القرن الماضي، وقمت على الفور بمباشرة طباعتها مصورة وفق التقنية الحديثة وذلك من خلال المؤسسة العربية للدراسات والنشر ومقرها في بيروت. وحدث أن تم إبلاغي بأن النسخة المصورة يصعب إصدارها بشكلها الأصلي، وطلب مني أن أحصل على نسخة أصلية، فما كان مني إلا أن لجأت إلى الأستاذ خالد البسام وسألته ان كان يملك نسخة أصلية. وعلى الفور كانت إجابته سريعة حيث أبلغني بأنه يقتني نسخة وهي نسخة نادرة ولا يعيرها لأي أحد خوفاً عليها من الضياع. وقال لي لن أردك لأنك تعمل على توثيق وحفظ صحافتنا المحلية. وبعد أن استلمت منه نسخة من مجلة صوت البحرين أرسلتها إلى المؤسسة العربية للدراسات والنشر وتمت طباعتها مصورة وكأنها طبق الأصل، وقد ذكرت في تصديري للمجلة جهود وفضل الأستاذ خالد البسام في إعادة إصدار هذه المجلة المهمة. لقد أغنى المكتبة المحلية بكتب هي في أمس الحاجة إليها، فقد تمكن من تأليف وإصدار ما لا يقل عن 25 مؤلفاً تركز معظمها على تاريخ البحرين الثقافي. وقام بانجاز مشروع تاريخ رواد الصحافة البحرينية فأصدر خمسة عناوين، كما أصدر كتباً عن بعض رجال الأعمال المعروفين. هكذا كرس حياته في خدمة الثقافة من خلال تأليفه الكتب الجادة والمفيدة، ومن خلال كتاباته الصحفية التي كان لها نكهتها الخاصة، وأصبح بذلك أحد أعلام الثقافة والكتابة في البحرين. لقد آن لنا أن نرد له جزءاً من جميله علينا نحن أبناء البحرين، وبهذا فإنني أقترح أن تتبنى إحدى المؤسسات الثقافية في البلاد الرسمية أو الأهلية كأن تكون هيئة الإذاعة والتلفزيون أو هيئة البحرين للثقافة والآثار أو أسرة الأدباء والكتاب في إعداد كتاب يوثق سيرة حياته العطرة، وأن يدشن الكتاب في حفل يليق برجل أفنى حياته في الكتابة والتوثيق. رحل عنا خالد وارتاح من هم هذه الدنيا وغمها، إلا أنه ترك في النفس غصة وفي القلب لوعة.. وعزاؤنا أنك اسم على مسمى.. نعم أنك خالد.

مشاركة :