من غشنا فليس منا

  • 11/12/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يدخل أحد المستهلكين لسوق السمك لشراء كمية من الأسماك قليلة أو كثيرة، ولا يشترط في كل المستهلكين خبرتهم الطويلة أو القصيرة في معرفة الأسماك الجيدة من الرديئة، وعند تقليب أكثر من سمكة يؤكد له البائع بأغلظ الايمان أن هذا النوع من الأسماك جديد وأنه من صيد اليوم، فيطلب المستهلك أن يزن له كمية منه، وعند عودته الى منزله تؤكد له - أم العيال - أن هذا السمك قديم، ولا يصلح للاستخدام الآدمي. ويدخل آخر سوق الخضار والفواكه يريد أن يشتري نوعا معينا من الفاكهة، فيختار - صندوقا - من الرمان على سبيل المثال لا الحصر ، لأن منظر الصندوق يغري بالشراء، فالرمان الكبير ناضج وكبير في الصف الأعلى من الصندوق، يشتريه، فاذا ما عاد الى المنزل اكتشف أن المثل الشهير : ( من فوق الله الله ومن تحت يعلم الله ) ينطبق على صندوق الرمان الذي اشتراه. ويذهب آخر الى إحدى البقالات الكبرى ليشتري أنواعا من المعلبات الغذائية، فيملأ - العربة - بكميات من تلك المعلبات ، واذا ما رجع الى منزله الذي قد يكون بعيدا عن هذه البقالة أو تلك يكتشف أن أكثر من نصف ما اشتراه من تلك المعلبات قديم وغير صالح للاستهلاك لأن مدته انتهت منذ زمن، وقد لا يكون لديه متسع من الوقت لمراجعة حماية المستهلك بوزارة التجارة فيعمد الى التخلص من تلك الكمية بالقائها في أقرب صندوق للنفايات. وقد يشتهي أحد المستهلكين - لحما بلديا - فيختار أحد الجزارين ليزن له كيلو أو أكثر ، على أن يكون هذا اللحم طازجا مائة بالمائة، فيحلف له الجزار بأغلظ الأيمان أن ما سوف يختاره له هو لحم بلدي وطازج، وعند عودة المستهلك الى منزله يكتشف أن الكمية قديمة وليست طازجة، وأن الجزار - غشه - حينما اختار له لحما لا علاقة له بالأغنام المحلية، وإنما اختار له لحما مستوردا عفى عليه الزمن. وربما يدخل أحد المستهلكين متجرا ليشتري ساعة جديدة، فيؤكد له صاحب المتجر أن الساعة التي اختارها له من أغلى - الماركات - وأفضلها، وأنه قد منحه خصما خاصا، فاذا ما اشتراها المستهلك اكتشف بعد - أن وقع الفأس في الرأس - أن الساعة التي اشتراها ليست أصلية وأن ثمنها زهيد للغاية، وهي ساعة - مقلدة – لإحدى الماركات الشهيرة، وأن البائع غشه وخدعه وضحك على ذقنه. أكتفي بهذه الأمثلة التي يمكن أن نقيس عليها عشرات الأمثلة من هذا النوع، غش تجاري يمارسه الباعة في كل مكان ولسان حالهم يقول: «على عينك ياتاجر» رغم أنهم يعلمون يقينا بأن - من غشنا فليس منا - كما جاء في الحديث الشريف الصحيح عن خاتم الأنبياء والرسل عليه أفضل الصلوات والتسليمات، غير أنهم يمارسون الغش عن سابق إصرار وترصد. وحقيقة الأمر أن المسألة بحاجة ماسة لمراقبة أولئك الباعة من الجهات المسؤولة عن بيع الأغذية الاستهلاكية والمواد الغذائية ونحوها، فثمة باعة يفتقرون الى ضمائر حية، ويفتقرون الى الوازع الديني الذي يجب أن يردعهم عن ارتكاب - الغش - مع المستهلكين الذين قد تقودهم حظوظهم العاثرة الى متاجرهم ومحلاتهم، ومعظم المستهلكين لا يملكون الخبرة المطلوبة لمعرفة المغشوش من السلع وغير المغشوش. فهل يتحرك المسؤولون لأداء دورهم في هذا الجانب؟ وقبل ذلك هل تتحرك ضمائر التجار فيدفعهم ذلك الى التوقف عن ممارسة الغش والتلاعب بالأسعار ونحوها من المخالفات ؟ أنا أملك طرح السؤال ولا أملك الاجابة الشافية عنه.

مشاركة :