فرنسا بصدد رفع السرية عن أرشيف حرب الجزائر

  • 12/14/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

Iفي خطوة جديدة أرادت أن تقول من خلالها إنها تسعى إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر، أعلنت فرنسا أنها بصدد رفع السرية قريباً عن أرشيف التحقيقات القضائية لقوات الدرك والشرطة في فترة استعمارها للجزائر (1954-1962).  القرار جاء بناء على التوصيات الواردة في تقرير المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا حول مسألة الذاكرة بين الجزائر وفرنسا والذي دعا البلدين إلى فتح وتبادل الأرشيفات الحساسة حول فترة الاستعمار. كما جاءت استجابة لطلب أكاديميين يشكون من عقبات أمام حرية الاطلاع على وثائق تاريخية. الإعلان عن قرب رفع السرية عن الأرشيف، جاء على لسان وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، بعد يومين على زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للعاصمة الجزائرية، في محاولة لإخماد نار التوتّر الشديد الذي تسببت به تصريحات للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في أكتوبر، اعتبرتها الجزائر مسيئة لها ولتاريخها. جروح مفتوحة فبعد ستين عاماً على انتهاء حرب الجزائر، ما زالت الجروح مفتوحة رغم الإجراءات الرمزية المتفرقة من جانب فرنسا التي تستبعد إعلان «الندم» أو «الاعتذار». وقد أثار ماكرون غضب الجزائر باتهامه النظام «السياسي العسكري» الجزائري بإقامة «ريع للذاكرة» حول حرب الاستقلال وفرنسا، مشككاً بوجود «أمة جزائرية» قبل فترة الاستعمار، بحسب تصريحات له أوردتها صحيفة «لوموند» الفرنسية. واستدعت الجزائر إثر نشر التصريحات سفيرها في باريس وحظرت عبور الطائرات العسكرية الفرنسية فوق أراضيها للوصول إلى منطقة الساحل الأفريقي. وكان ماكرون اعترف عام 2018، في إطار سياسة ما أسماها مصالحة الذاكرة، بأن اختفاء عالم الرياضيات والناشط الشيوعي موريس أودان في 1957 في العاصمة الجزائرية كان من فعل الجيش الفرنسي، ووعد عائلته بإمكانية الوصول إلى الأرشيف. وفي 9 مارس 2021، ومع مواصلة سياسة «الخطوات الصغيرة»، أعلن ماكرون عن تسهيل الوصول إلى الأرشيفات السرية التي يزيد عمرها على 50 عاماً، ما أتاح تقصير فترات الانتظار. إشارة مهمة وفي تصريح لوكالة فرانس برس قبل بضعة أيام، قال المندوب الوزاري الفرنسي لمنطقة البحر المتوسط كريم أملال إنه «فيما يتعلق بالجزائر، هذه إشارة مهمة ترسلها فرنسا، رغم أن سياسة الذاكرة جزء من عملية فرنسية - فرنسية لإثبات الحقائق». وأضاف هذا العضو في لجنة «الذاكرة والحقيقة» التي يرأسها بنجامان ستورا «هناك طلب قوي للغاية من المؤرخين لرفع السرية عن الوثائق التي تغطيها سرية الدفاع. والفكرة الأساسية هي منحهم إمكانية القيام بعملهم». وإذ تقول باشلو إنه «لا يمكن بناء رواية تاريخية على كذب»، وإن «التزوير هو الذي يجلب كل الأخطاء والمشكلات وكل الكراهية»، لا يتوقع كثير من الجزائريين أن يكون رفع السرية كاملاً، وإن مجرد فتح الأرشيف جزئياً، لن يرقى إلى مستوى الاعتراف بما حل بالجزائر في عهد الاستعمار. في مثل هذا اليوم، 13 فيراير1960، أجرت فرنسا أول تجربة نووية لها في الصحراء الجزائرية. واليوم، وبعد ستة عقود، لا تزال المنطقة تعاني من آثار تلك التجربة التي لم تُوثق بشكل كافٍ، وتجعل الجرح مفتوحاً. وفي نفس السنة، قمعت الشرطة الفرنسية تظاهرة للجزائريين في باريس، ومازال عدد الضحايا غير معروف، في حين ما زال هناك شهود على القمع العنيف والدموي للمتظاهرين. وهنا يعتبر نشطاء جزائريون أن تحميل قائد شرطة باريس موريس بابون وحده المسؤولية عن ما حدث غير كافٍ. لكن باشلو، وردّاً على سؤال عن أعمال تعذيب ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر، قالت «من مصلحة البلاد الاعتراف بها». أرشيف جزائري مؤرخون جزائريون طالبوا في أبريل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بفتح الأرشيف الوطني لتلك الفترة، لكن طلبهم لا يزال معلقاً. وقال المؤرخ الجزائري عمار مهند عامر على قناة «تي في 5 موند» إن «المطالبة بفتح الأرشيف تعود إلى ما لا يقل عن عشر سنوات». بعض المحللين السياسيين في الجزائر، قللوا من أهمية خطوة باريس المرتقبة، ووضعوها في إطار الذكاء الفرنسي في التعاطي مع مسألة لها علاقة بالتاريخ والذاكرة والحقوق، وليست مجرد مسألة أرشيفية. سيكون ماكرون، الذي وعد بعدم الاستسلام لـ«الاعتذار» أو «التوبة» في مقاربته للحرب الجزائرية، بعد أن وصف الاستعمار بـ«جريمة ضد الإنسانية» في عام 2017، تحت المجهر، وبخاصة المعارضة من اليمين، ولكن أيضاً من جانب جزء من الناخبين. وإلى ذلك الحين سننتظر لنرى ماهية وكم نسبة ما يرفع عنه السرية بموجب القرار الجديد. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :