المساءلة والمكاشفة في الرياضة أمر ضروري، لكي يدرك الجميع حجم المشكلة، وطبيعة الخيارات الواقعية والعقلانية لحلها، أو لتخفيف الأخطار التي قد تنجم عن تداعياتها، وأحسب أن واقع منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم بات أكثر حاجة لتلك المساءلة والمكاشفة، لوضع جميع التداعيات المترتبة على خروج منتخبنا المبكر من الدور الأول من بطولة كأس العرب على الطاولة، وباتجاه أن تكون رهاناتها قائمة على تجاوز هذا الإخفاق، لتكتب نهاية مشاركة متواضعة للأحمر مكتفيًا بنقطة وحيدة بتعادله السلبي مع العراق وخسارتين أمام قطر وعمان دون أن يسجل أي هدف في البطولة، ليخيب آمال جماهيره التي كانت تنتظر من المدرب البرتغالي أن يبحر بمنتخبنا الوطني إلى الدور الثاني من البطولة على أقل تقدير، وليكتمل مشهد الإخفاق مجددا بعد الإخفاق في التأهل للدور الحاسم من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2022، حيث أبى منتخبنا الوطني أن يودع العام 2021م إلا بخفي حنين في بطولة كأس العرب. قد يبدو مشهد الإخفاق ضبابيًا، والذهاب إلى خيارات الاستغناء أو التغيير للجهاز الفني صعبًا بعض الشيء وغير مجدٍ في المرحلة الراهنة، لكن ذلك لا يعني تعطيل المحاسبة، ووضع الجهاز الفني للمنتخب الفني أمام المساءلة والمكاشفة، والذي سيعني فتح الباب أمام أسباب هذا الإخفاق والأداء المخيب للآمال والمتواضع على جميع المستويات والذي ترك الكثير من علامات الاستفهام على أداء أبطال الخليج الـ24، وأبطال غرب أسيا، والتي تحتاج إلى إجابات وافية. وبقدر حجم الحاجة إلى المساءلة والمكاشفة، فإن الحاجة إلى استدعاء، فاعلية الواقعية الرياضية ضرورية بالقدر الذي يمكنها أن تكون رافعًا تؤدي إلى عملية تصحيح المسار في المرحلة القادمة، وفقًا لرؤية المستقبل، إذ يكون مطلب تصحيح المسار لمنتخبنا الوطني مسألة تتطلب المقاربة، والمواجهة والمكاشفة، فكرتنا ليست في كوكب آخر، ولا في أرض أخرى، فمن حولنا منتخبات تتطور وتتقدم، وتبحث عن البطولات والنتائج، وهو ما يفرض على القائمين على منتخبنا الوطني ومنظومة العمل الكروي أن يتعاطوا مع هذا التنافس الكروي المحموم بكل تفاصيله وشجونه، وأن نضع أخطاءنا وإخفاقاتنا المكشوفة والمخبأة في سياقها الصحيح، لكي نعرف قدراتنا، ولنرسم خطواتنا القادمة بواقعية، حتى إن كانت صعبة. خاتمة الرؤى، إن كرة القدم البحرينية بحاجة إلى وقفة متأنية لتصحيح الأوضاع وترتيب الأوراق، ووضع ملف إخفاق منتخبنا الوطني لكرة القدم في بطول كأس العرب في الصدارة حتى لا يقال إن واقعنا الكروي يعتمد على الطفرات فقط. إننا بحاجة إلى الانتقال من ثقافة «المجاملات وتبرير الإخفاقات» إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاسبة والمكاشفة. ولا يجدي اليوم الوقوف على الأطلال والبكاء على الماضي الكروي، والمفترض أن تتم معالجة ما حدث مع المنتخب بهدوء وروية ووضع النقاط على الحروف من خلال تحليل الأخطاء والعثرات التي تعرض لها المنتخب في الآونة الأخيرة. إنه من الصعب أن نحمل الجهاز الفني مسؤولية هذه الخسائر بالجملة، وتتحملها بلا شك منظومة العمل الرياضي في مجال اللعبة التي باتت بحاجة إلى تغيير في الكثير من المفاهيم والمعطيات وخصوصًا عندما تريد أن تطبق الاحتراف الكروي وتواجه منتخبات محترفة.
مشاركة :