انتخبوا تجارة الوهم

  • 11/12/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كيف لمنبر من ١٤٠ حرفًا أن يقوم بزعزعة عروش سكنت عقول البشر، واستحوذت على أجسادهم، وأفرغت جيوبهم، وعطلت حياتهم، وأفسدت علاقاتهم الأسرية، وقلبت بيوتهم إلى أوكار موحشة للعفاريت. كيف لهذا المنبر العصفوري أن يزلزل القناعات -الواهمة- الراسخة رسوخ الجبال تتوارثها الأجيال كابرًا عن كابر منذ عقود من الزمن. ‬ ‬قد يقول قائل: إن هذا المنبر الأزرق قد فعل الأفاعيل وألّب شعوبًا لإسقاط دولها في الربيع العربي مثلاً. والحقيقة أن إسقاط القناعات أقوى من إسقاط الدول على الرغم من الصعوبة في الثانية، وما فيها من مخاطر ودماء وأشلاء وعبث بأمن الناس وسلامتهم. ليس بالأمر الهين إسقاط القناعات أو ضعضعتها وخاصة حين تكون تلك القناعات متجذرة في العقول ومهيمنة على السلوك، يرسخها المعتقد الديني الخاطئ. ‬ ‬في هاشتاق #تجارة_الوهم والذي أنشأه المغرد نايفكو، رأينا كيف تعرّت تلك التجارة الرائدة في عالم النصب والاحتيال. لم يقتصر نايفكو على تغريداته الخاصة به بل أحضر واستحضر الأدلة الراسخة على عدم صحة هذا الأمر من أصحاب الشأن من أهل العلم وأصحاب التجارب السابقة. لقد وظّف المغرد هذا الوسم لتوعية الناس وتصحيح مفاهيمها ما يجعله بحق أن يستحق وسم الموسم لعام 2015.‬ ‬تفاعُل الناس في هذا الوسم محل إعجاب وتقدير، وهم مشاركون حقيقيون لصاحبه والذي لا أعرفه ولا تربطني به علاقة، غير أنني أَعجب من الجهد الكبير الذي يبذله نايفكو، ومُعجب من أسلوبه في الطرح، حيث فنّد هذا الوهم أيما تفنيد. لم يقتصر في تسليط الضوء على مجتمعنا الواقع في هذه الخرافة، بل تجاوزه لمجتمعات عربية وإسلامية بل وأكبر من ذلك، حين كشف لنا وجود هذه الخرافات عند أتباع الأديان الأخرى، وفي المجتمعات المتحضرة في العالم الغربي باسم الدين أيضًا.‬ ‬تابعنا كيف وصل الحال بتجار الدجل أن يمارسوا دجلهم عن طريق الشاشات ويدعون إخراج الجني من أجساد البشر من خلال الاتصال المدفوع بالقناة. ورأينا كيف وصل الزيت المقري عليه لتحاميل عبر حساب قارئ شهير في البلد. ‬ رأينا خطورة اقتناء علب المياه والزيوت المقري عليها، وأنها قد تحمل فيروسات وبائية عن طريق القارئ نفسه. ‬ رأينا كيف أن العقول المبرمجة على مرض الأوهام، حيث إنه لا يستطيع الخروج واللبس والحياة خوفاً من العين والحسد، حتى أنك تخاف من المدح والثناء على بعضهم -ولو مجاملة- بسبب فوبيا العين والحسد. ‬ إن الإيمان بالجن والعين والحسد هي من أصول المعتقد عند المسلم، والقراءة والتداوي بالثابت عن الشارع هو المشروع، غير أن الأمر تجاوز المشروع إلى الخرافة والوهم. ‬ يقول د. صلاح الراشد في مقطع على نفس الوسم: في مكتباتنا يوجد أكثر من 300 كتاب عن الحسد والتلبس والعين بينما 3 كتب فقط عن الملائكة! هل هذه أمة تؤمن بالملائكة أو تؤمن بالشياطين؟ هل هذه أمة ملائكة أو أمة شياطين؟. ‬ ويقول الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله: الأشياء التي يرويها الناس عن الجن مجرد أوهام، فالجن لا يصنع للبشر أي شيء إلا بالوسوسة. ‬ ‬وفي لقاء مصور مع القارئ الشهير الشيخ علي العمري المعتزل بعد 20 عامًا من العمل في القراءة: أقسم بالله ما جاءني غير طبقة واحدة، طبقة السذج والمغفلين. ما جاءني عالم قال فيه جني، ولا طبيب قال فيه جني، ولا علماني -لا يذكر الله- وقال فيه جني ولا حتي كافر.‬ ويقول الشيخ المطلق: القراءة على الماء ورشه في البيت ليس له أصل وهي من انتشار الخرافات ‬وفي مقطع صوتي للشيخ بن عثيمين رحمه الله: لم يرد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقرأ في الماء أو الزيت ليدهن به المريض أو يشربه .‬ أما انتفاع بعض المرضى بذلك فيجيب عنه بن عثيمين: انتفاع الناس بذلك لأن نفوسهم تنفعل ويعتقدون أن ذلك ينفعهم، والاعتقاد له تأثير جدًا على البدن.‬كل هذا وأكثر تجده في #تجارة_الوهم على صفحات تويتر.‬ إن ما يقوم به هذا الوسم وصاحبه هو من الجهاد في العلم‬ والمعرفة، ‫لقد قام ‬بما لم تستطع أن تقوم به بحوث وخطب وبرامج متنوعة للحد من انتشار خرافة الوهم. لذا فإن انتخابه كأفضل وسم في الموسم هو حق مستحق بكل جدارة من وجهة نظري. رابط الخبر بصحيفة الوئام: انتخبوا تجارة الوهم

مشاركة :