جليل العطية يستذكر 28 مبدعاً في 'قمم عراقية'

  • 12/14/2021
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يواصل الكاتب والباحث والمحقق والإعلامي وشيخ التراثيين العراقيين الدكتور جليل العطية تقديم المزيد من الانتاجات الإبداعية المتنوعة، لاسيما على صعيد تأليف الكتب التي تبحث وتوثق ترجمات وسير نخب من المبدعين العراقيين الراحلين بمختلف تمظهراتهم الثقافية المتنوعة.  والذين كان لكل واحد منهم بصمته الواضحة في المشهد الثقافي العراقي والعربي دون منازع. وبما يعزز الحراك الثقافي ودور المبدعين في استدامة الينابيع الثقافية من خلال التعريف بمنجزهم الرصين باعتبارهم يمثلون رموزاً وأيقونات تدلل على تأريخ أصيل وعريق، في عالم يشتد فيه الصراع على إثبات الوجود الثقافي لجميع الأمم. في هذا السياق صدر، عن دار المدى في بغداد، كتاب جديد للدكتور جليل العطية بعنوان "قمم عراقية"، وجاء في (208) صفحات من القطع الكبير، وضم ترجمات وسير لـ(28) من المبدعين الراحلين من أعلام العراق الذين عرفهم المؤلف، وعايشهم عن قرب وله معهم ذكريات وحكايات سجل شطراً منها في الكتاب، منهم : علي الشرقي، محمد رضا الشبيبي، توفيق الفكيكي، مصطفى جواد، أحمد الصافي النجفي، أحمد سوسة، طه باقر، جعفر الخليلي، مهدي المخزومي، محمد مهدي الجواهري، زينب، نازك الملائكة،عزيز علي، وغيرهم. يعد كتاب "قمم عراقية" إمتداداً لكتاب الدكتور جليل العطية "عراقيون في القلب" الصادر في العام الماضي 2020 عن دار المدى أيضاً، وقد حمل الرقم (32) من سلسلة إصداراته على مدى السنوات الماضية والتي بدأت بواكيرها منذ العام  1969بـ(حكايات جهين).  حيث يمثل العطية أحد أضلاع المربع الذهبي مع أشقائه الدكتور خليل العطية ونبيل العطية وعقيل العطية الذين قدموا الكثير في إطار الثقافة العراقية الباذخة والثرة.  في مقدمة (قمم عراقية) يوضح العطية أسباب إصداره : "نشرت في العقود الثلاثة المنصرمة عشرات السير وذلك في الصحف العربية المختلفة واخترت (هؤلاء أحببتهم) عنواناً لكتاب العمر، ثم فكرت أن أستل منه فصولاً في كتاب "عراقيون في القلب"، ضم تراجم من أحببت من أبناء وطني، صدر عن دار المدى، وكتاب "قمم عراقية" هو جزء آخر مستقل يضم (28) ترجمة لمن عرفتهم ولي ذكريات معهم سجلت شطراً منها في هذا الكتاب". ولأن الدكتور جليل العطية أديب وشاعر وباحث موسوعي كبير ومحقق من العيار الثقيل، أخرج هذا الفن من إطاره التقليدي بحكم النفائس التي أخرجها الى الوجود في نصف قرن من الزمن، فقد انغمس في عرض سير وتراجم هذه الكوكبة من أعلام العراق الكبار الراحلين، بأسلوب "السهل الممتنع".  ملاحظاً - كما يؤكد - في المقدمة: "انصراف الدارسين عن دراسة معظم الأعلام المعاصرين وهذا اجحاف بحقهم ونقص في الدراسات الحديثة، فعقدت العزم على تلافي هذا النقص، وأخذت النفس باستقصاء آثارهم ونتاجاتهم، فاستوت عندي مادة علمية حسنة". العطية في "قمم عراقية" اعتمد في اضاءة كل شخصية أسلوب التحقيق الذي يعتمل في وعيه من خلال التنقيب والغوص، عبر قسمين: أولهما التعريف بالشخصية ونتاجاتها، وثانيهما ذكرياته عنها، حيث يقول عن القسم الثاني "ولقد عنيت بالقسم الثاني وحرصت على أن يتضمن أشياء جديدة مفيدة أو طريفة للباحث والقارئ معاً".   العطية أكد أن كتابه شمل تقريظ (مدح) المترجم لهم  أي أنه "يعكس الوجه الإيجابي الناصع لهذه الكوكبة المنتقاة من المبدعين العراقيين الأفذاذ، ولعل لبعضهم جوانب سلبية، لكنهم في جميع الأحوال بشر ليسوا معصومين من الأخطاء والسلبيات، لكنني أؤمن أنهم قدموا معظم حياتهم لخدمة المجتمع والناس".  ولهذا يرى أن هذه " الكوكبة من رموز العراق وأعلامه تستحق منا التثمين والإقرار بما قدموا من خدمات جليلة للوطن والمواطن". نقرأ في سيرته الذاتية، أن الدكتور جليل إبراهيم العطية ولد في الكويت في13 /11/1940، خريج قسم الإعلام في جامعة بغداد1972 ، استقر في باريس منذ عام1978، حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون 1987 باطروحته الموسومة (تطور المجتمع العراقي بين الحربين العالميتين 1918 ـــ 1939).  ونبوغه بالكتابة جاء مبكراً، ففي الخامسة عشر من عمره أصدر جريدة كتبها باليد، وبعد العدد الرابع استدعته سلطات العهد الملكي بدعوى اصدار جريدة دون إذن رسمي، بدأ بنشر 13 قصة قصيرة في سن السادسة عشر وحتى الثالثة والعشرين، ثم توقف بسبب اعتذار مجلة الآداب البيروتية عن النشر. وحسب المتتبعين والعارفين، فالعطية صحفي متمرس ومفكر قدير قلما يجود الزمن بمثله، أديب وشاعر وباحث موسوعي كبير، محقق من العيار الثقيل، أخرج هذا الفن من إطاره التقليدي وجعله همزة الوصل الفاعلة بين التراثين العربي والغربي. وصفه البعض بـ"المُنقب"، وآخرون  بـ"الغوّاص" بحكم كم النفائس من المخطوطات التي أخرجها الى الوجود في نصف قرن من الزمن. نجد آثار هذا الخزين المعرفي يزخر به كتابه "قمم عراقية" الذي انتهج فيه الأسلوب القصصي في سرد ذكرياته مع هذه الرموز الكبيرة، فنراه مثلاً يسبغ على سيرة وترجمة كل من الشخصيات الثماني والعشرين التي تناولها صفة ولقباً أو عنواناً، كأنه عنوان لقصة أو قصيدة شعرية أو كتاباً، مستلهماً ذلك من طبيعة ونوعية ابداعات كل واحد منهم.  فإذا كان بديهياً أن يعنون سيرة الشاعر العربي الكبير محمد مهدي الجواهري بـ(شاعر العرب الأكبر) بإعتباره لقباً شاع وعرف به متنبي العصر الحديث الجواهري فإنه يعنون سيرة أول شخصية تناولها الشاعر علي الشرقي  بـ(شاعر الأحلام)، وآخر شخصية يوسف عزالدين بـ(شاعر العلماء) وهكذا نترى السير والتراجم لبعض من أغصان شجرة الإبداع العراقي الوارفة بظلالها الى اليوم.  

مشاركة :