نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي استعداده لأي انسحاب من الضفة الغربية خلال العشرين عاما المقبلة، كما أكد أن السلام مع الفلسطينيين غير ممكن خلال العقدين المقبلين، محملا السلطة الفلسطينية المسؤولية. وقال نتنياهو في لقاء خاص مع عدد من الصحافيين والكتاب الأميركيين، حضرته «الشرق الأوسط»، إن بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية لا يشكل تهديدا لعملية السلام، وشدد على أن أي ترتيبات أو صفقة لتحقيق سلام يجب أن تضمن لإسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها بنفسها. وأشار إلى أن العقبات التي تحول دون تحقيق سلام هي عدم رغبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، والاستجابة لمطلب بقاء سلطات الأمن في الأراضي الفلسطينية في يد إسرائيل وبقاء القدس تحت السيطرة الإسرائيلية. وفي ختام زيارته لواشنطن، التقى نتنياهو مع عدد محدود من الصحافيين والكتاب والباحثين الأميركيين في جلسة نظمها مركز التقدم الأميركي مساء الثلاثاء، وشاركت فيها «الشرق الأوسط»، وحاول نتنياهو خلال الجلسة الترويج لقبول الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لأجل غير مسمى. وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي استعداده للدخول في محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتركزت الأسئلة حول العقبات التي تحول دون تحقيق سلام وإقامة الدولة الفلسطينية، وسياسات الاستيطان التي تعيق تحقيق السلام، وإمكانية التوصل إلى اتفاق وإقامة حل الدولتين خلال العشرين عاما القادمة. وفي محاولات متكررة للف والدوران على الأسئلة، استبعد نتنياهو حدوث سلام في الشرق الوسط خلال العقدين المقبلين، قائلا: «لا أستطيع أن أقول ما سيحدث خلال العشرين عاما المقبلة، هذا يعتمد على ما سيحدث في منطقة الشرق الأوسط حيث الصراع بين آيديولوجيات القرون الوسطى والحداثة، وأعتقد أنه في نهاية المطاف ستهزم هذه الآيديولوجيات وتفوز الحداثة». وشدد نتنياهو على أن التفاوض للتوصل إلى اتفاق أفضل من القيام بخطوات أحادية الجانب، مشيرا إلى أنه لا يستبعد انسحابا إسرائيليا أحادي الجانب من الضفة الغربية إذا كان ذلك في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي. ورغم ذلك أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه حتى لو انسحبت إسرائيل من الضفة الغربية - سواء نتيجة اتفاق أو خطوة أحادية الجانب – فإنها ستحتفظ بالوجود الأمني في الأراضي الفلسطينية. وقال نتنياهو: «لماذا ليس لدينا سلام؟ بعد الانسحاب من غزة تساءل الإسرائيليون ماذا سيحدث لو أقمنا دولة فلسطينية، هل ستكون دولة سلام أم ستطلق علينا الصواريخ؟ وما شهدناه أننا انسحبنا من غزة وسلمناها لأبو مازن والآن لدينا 30 ألفا من عناصر حماس في غزة أطلقت علينا 16 ألف صاروخ، وتركنا لبنان ولدينا الآن حزب الله الذي أطلق علينا 15 ألف صاروخ، فكيف نتأكد ألا تتحول الدولة الفلسطينية إلى غزة أخرى تريد تدميرنا؟». وألقى نتنياهو اللوم على فشل إجراء مفاوضات بين الجانبين إلى رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس اللقاء معه، وقال: «أنا مستعد للدخول في محادثات، لكن كيف نحرز تقدما إذا كان أبو مازن لا يريد اللقاء؟ هل يستطيع السيد عباس أن يتعهد أن الدولة الفلسطينية لن تقدم على تدمير إسرائيل، وأن يكون هناك اعتراف متبادل بالدولتين؟ لقد قلت لأبو مازن اعترف بالدولة اليهودية وأنا سأعترف بالدولة الفلسطينية لكنه رفض». وحول تفاصيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني رفض نتنياهو الاعتراف بأن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية يشكل تهديدا للسلام ويصعب من احتمالات إقامة دولة فلسطينية، واصفا المستوطنات التي بنيت في عهده بأنها مجرد «إضافات»، محاولا التلاعب بالألفاظ والتمييز بين المجتمعات الجديدة والوحدات الاستيطانية الجديدة، وقال: «لم يتم بناء أية مستوطنات جديدة خلال العشرين عاما الماضية، وقد قمت بتجميد الاستيطان، وهي خطوة لم يقدم عليها أي رئيس وزراء قبلي، ولم يساعد ذلك في جلب أحد إلى مائدة المحادثات». ثم حاول نتنياهو تبرير تلك المستوطنات بإطار الحاجة البشرية الملحة للمستوطنين الإسرائيليين قائلا بلهجة غاضبة: «حسنا، الناس يعيشون هناك، إنهم بشر، لا يمكن أن أرمي المواليد الجدد إلى الجانب الآخر». وأضاف: «الاستيطان موضوع يمكن حله في المستقبل، وهو لا يشكل مشكلة يصعب حلها، لأن المشكلة الحقيقية التي تحول دون تحقيق السلام هي الإصرار على رفض الاعتراف بالدولة اليهودية ورفض الاستجابة لمطلب بقاء السلطة الأمنية على الأراضي الفلسطينية في يد إسرائيل». وتتعارض تبريرات رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الوثائق التي تشير إلى بناء عدة مستوطنات في عهده. وحديثا وافقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 2200 وحدة استيطانية جديدة وفرضت الشرعية القانونية على اثنتين من أكبر البؤر الاستيطانية. وأشار نتنياهو إلى ضرورة بقاء القدس تحت السيطرة الإسرائيلية وبقاء السلطات الأمنية في الدولة الفلسطينية في يد إسرائيل، وقال: «الفلسطينيون يرفضون ذلك ويقولون كيف تكون لنا سيادة كاملة والأمن في يد إسرائيل، وأقول لهم انظروا إلى ألمانيا وكيناوا وكوريا الجنوبية». يذكر أن قضية الأمن في الضفة الغربية كانت من الموضوعات الرئيسية في نقاشات الجولة الأخيرة من محادثات السلام التي قادها وزير الخارجية الأميركي جون كيري ولم يتوصل فيها الأطراف إلى اتفاق، مما أدى إلى انهيار المحادثات. وفي ما يتعلق بمسألة عنف المستوطنين وارتكابهم لكثير من الجرائم ضد الفلسطينيين، أصر نتنياهو على القول: «نحن دولة قانون، وما هو غير شرعي يعد غير قانوني»، وتهرب من الإجابة عن فشل الحكومة الإسرائيلية في القبض على المستوطنين الذين أشعلوا النيران في منزل الطفل علي سعد دوابشة في بلدة الدوما جنوب نابلس في يوليو (تموز) الماضي، الذي أدى إلى مقتل الطفل ووالديه.
مشاركة :