النفوذ الروسي المتصاعد في الساحل الإفريقي يثير قلق الجزائر

  • 12/15/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - بدأت روسيا تحقق نفوذا متزايدا في منطقة الساحل والصحراء مستغلة التراجع الفرنسي وانهيار صورة عملية برخان التي أطلقتها باريس بالتعاون مع عدد من الدول في المنطقة لمواجهة نفوذ الجماعات الإسلامية. وشرعت موسكو في توسيع نطاق نفوذها عبر دولة إفريقيا الوسطى منذ 2016 بعد ان خيرت فرنسا إنهاء وجودها العسكري في هذه الدولة، ضمن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار "مينوسكا". وتعاني باريس من صعوبات على الساحة المالية بسبب الخلافات مع السلطات الانتقالية وهو ما دفع باماكو الى عقد اتفاقيات أمنية مع الجانب الروسي بما فيها جلب مرتزقة فاغنر. لكن التمدد الروسي في منطقة الساحل والصحراء لا يحاصر النفوذ الفرنسي فقط وانما يحاصر كذلك النفوذ الجزائري في منطقة يعتبرها شديدة الحساسية لأمنه القومي. وتعاني الجزائر من أزمات دبلوماسية عديدة سواء مع فرنسا التي تتهمها بالتدخل في شؤونها الداخلية لدعم بعض القوى السياسية او مع المغرب عقب قطع العلاقات بسبب الخلاف المتعلق بملف الصحراء. وبالتالي فان الجزائر عولت على تعزيز العلاقات خاصة الاقتصادية مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء بعد فترة من الفتور. وسعت الجزائر في البداية لربط علاقات اقتصادية مع دول الساحل تمهيدا لتعزيز العاقات مع كافة الدول الإفريقية التي يمكن ان تكون سوقا اقتصادية هامة للجزائر. ويرى مراقبون ان الجزائر في إطار مد نفوذها تسعى إلى انجاز عدد من المشاريع الكبرى ومنها خاصة الطريق العابر للصحراء، والذي سيستغل بشكل كامل، عقب بناء ميناء الحمدانية بمدينة شرشال، بمحافظة تيبازة، والذي يربط ست دول (الجزائر وتونس والنيجر ونيجيريا ومالي وتشاد). وسيكون المشروع الواعد مضاعفا بخط أنابيب لتصدير الغاز النيجيري، وبخط آخر للألياف البصرية يربط الجزائر بنيجيريا. لكن هذه المشاريع الاقتصادية الواعدة ستصطدم بالدب الروسي الذي يسعى الى تعزيز حضوره الدبلوماسي والعسكري وحتى الاقتصادي ما يزعج الجزائر التي تتدخل في الساحة الافريقية عبر سياسة ناعمة لكنها مؤثرة. وللجزائر نفوذ في شمال مالي وساندت بقوة السلطات والشعب المالي منذ الانقلاب الأول الذي قاده العقيد عاصمي غويتا في باماكو ودعت تقليص الفترة الانتقالية إلى أقصر مدة ممكنة.  وسعت الجزائر لاستغلال تراجع النفوذ الفرنسي في مالي وذلك عبر إدراج بند جديد في دستور الجزائر، نص على إمكانية إرسال وحدات قتالية إلى الخارج شريطة موافقة البرلمان، إلى إمكانية التدخل عسكريا في الساحل الأفريقي. ورغم أن الرئيس عبدالمجيد تبون أوضح أن الأمر غير مطروح بعدُ لكن التدخل في مالي غير مستبعد. واستغلت روسيا الخلافات بين فرنسا والجزائر وخاصة قرار السلطات الجزائرية عدم السماح للطائرات العسكرية الفرنسية عبر مجالها الجوي الى مالي وذلك لمد النفوذ وعقد اتفاقيات مع الجانب المالي. وتجاهلت السلطات المالية التحذيرات التي أطلقتها باريس بإمكانية فرض عقوبات على الحكومة الانتقالية في حال أبرمت اتفاقا مع مرتزقة فاغنر لكن وزير الخارجية عبدو لاي ديوب أدى زيارة لموسكو في نوفمبر الماضي، واستقبل السفير الروسي لدى بلاده في الثالث والعشرين من الشهر نفسه. ومطلع أكتوبر الماضي، فندت الخارجية الجزائرية ما ذكره موقع “موندافرايك” الإخباري الفرنسي عن أن الجزائر اتفقت مع السلطات المالية على تمويل عمليات جلب ميليشيات “فاغنر” الروسية لكن ذلك لا يعني عدم وجود تنسيق بين الجانبين. ورغم ان هنالك توافقات جزائرية روسية لضرورة الحد من النفوذ الفرنسي لكن هنالك تباينات ومصالح مختلفة بين الجزائر وموسكو.

مشاركة :