الفتى مفتاح كما يحلو له أن يُنادى.. كان أحد رواد العمل الثقافي المنظم تحت مؤسسات مدنية، كتب وشارك وأثرى المجالس واللقاءات إلى أن ترأس النادي الأدبي الثقافي بجدة.. فأشرع الأبواب وفتح آفاق المشاركة والحضور المجتمعي في الندوات والأمسيات والملتقيات وأعطى المجال لحضور فاعل للمرأة رغم شدة التخاصم بين التيارات. ***** أسس عددًا غير قليل من المجلات ذات الطابع الثقافي الشامل ضمن البعد العربي الحديث تناولت مختلف جوانب الإبداع لدى المثقفين والكتاب، كما أسهم بشكل فاعل في تطوير الصحافة السعودية وبالأخص عندما أدار صوت الحجاز «البلاد» ليخرجها من عزلتها إلى مساحات الانتشار الجيد. ***** ولا غرابة أن تحققت له تلك النجاحات فهو الكاتب والأديب والناقد الحصيف للتراث العربي وله الفضل في إتاحة المساحة للأديبات أيضًا كونهن شريكًا أساسيًا في نهضة الآداب على وجه العموم، فاعترف بفضله النقاد والمثقفون والشعراء واعتبروه حبلَ الوصلِ بين النص والمسافة. ****** أسس ملتقى النص كأحد المبادرات الثقافية التي حركت الراكد في مياه الفكر والأدب والعلوم الإنسانية، وأثرى مساحات الوطن بمؤلفات قيمة تلبست عادة الدنيا «وتلك الأيام» التي دارت بهم «في معترك الحياة» لتحكي قصص «الصخر والأظافر» وتروي حكاية مؤلفها في سيرة ذاتية شهد عليها عدد من المثقفين والأدباء وتناولت «حكاية الفتى مفتاح» وكذا «الذين ضل سعيهم» وغيرها من الكتب القديرة. ****** رحل عبدالفتاح أبو مدين -رحمه الله- بعد أن وضع بصمته الرائدة في مسيرة الأدب السعودي عملاً وإنتاجاً ورؤى تطوير مثّلت تجربة شاهدة في عصره وحققت نقلة في ساحة الآداب وفنون الثقافة لكنه أجاد القبض بيدٍ من حرير على تلابيب المسافة بين خصوم التيارات في زمنه الصعب!.
مشاركة :