يقف اللبنانيون في رصيف انتظار انجلاء غبار معارك الساسة، فيما يسود التناحر بين أهل الأكثرية الحاكمة لاسيّما العهد وتيّاره من جهة، وحزب الله وحركة أمل من الجهة المقابلة، فرضاً لتوازن المصالح والمكاسب في ميزان الربح والخسارة حكومياً ونيابياً وقضائياً. ومن شأن هذا الواقع الذي يعيشه لبنان، التسبّب في مناوشات وتجاذبات وتصعيد في المواقف ورفع للسقوف، وصولاً في نهاية المطاف لصيغ تسوية تتبادل الأدوار والمغانم، ويخرج فيها الطرفان بأقصى ما يستطيعان من مكتسبات. وفيما لم تظهر دلائل كافية بعد من شأنها إثبات تسريبات ومعطيات سياسية تتحدث عن بدايات تحريك متجدد لمساعٍ تهدف لكسر الجمود المسيطر على الواقع الحكومي وشل جلسات مجلس الوزراء، يستمر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في صراعه المرير مع التعطيل الحكومي، ويبذل ما في وسعه لترقيع غياب مجلس الوزراء باجتماعات وزارية وتشاورية في السراي الكبير، على قاعدة «الحكومة ماشية ومجلس الوزراء واقف»، إذ كانت له مواقف واضحة في معرض تجديد امتناعه عن توجيه أي دعوة لانعقاد مجلس الوزراء من دون «ضوء أخضر» مسبق من حزب الله وحركة أمل، كوْن الدعوة في الظروف الحالية المتشنّجة بمثابة تأجيج للخلاف في ظل عدم تأمين الحد الأدنى من التفاهم، ما يؤدي لتفاقم الأوضاع وتعقيدها أكثر، وفق قوله، مع تشديده في الوقت ذاته، على أنّ الوقت لم يعد مناسباً للتعطيل أو المكابرة أو فرض الشروط، فيما مستويات الانهيار تتطلب تضافر كل الجهود. وارتفع منسوب الكلام عن معادلة قائمة، مفادها عدم تسليم ميقاتي بواقع التعطيل، وعدم استعداده للقفز في المجهول والمغامرة بالإقدام على أي خطوة قد ينتج عنها الإطاحة بحكومته. وما بين المشهديْن، ثمّة إجماعاً على أنّ البحث عن سبل لإعادة إطلاق عجلة الدولة صار بحثاً خارج السياقات، ذلك أنّ المنظومة السياسية تصنع التعطيل وتفتعل التخريب، بما يقوى حجتها للبقاء في السلطة، وسعيها الدؤوب لتعطيل الانتخابات النيابية المقبلة لاستمرار مجلس النواب بل والتمديد له، فيما يستمر رئيس الجمهورية، ميشال عون، ويمدّد لنفسه بعد انتهاء الولاية في 31 أكتوبر من العام المقبل، فيما تدخل الحكومة في مرحلة لا متناهية من تصريف الأعمال. سوء تفاهم وفي هذه الأجواء، تبدو العلاقات الرئاسية جمراً تحت الرماد وفوقه، وفق تأكيدات مصادر مطلعة لـ «البيان»، مشيرين إلى أنّ العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة باتت محكومة بما يمكن وصفه «سوء تفاهم» حول انعقاد مجلس الوزراء، بين موقف عون الذي يحض ميقاتي على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بمن حضر، وموقف ميقاتي الذي يشترط توافقاً سياسياً يسبق مبادرته لانعقاد مجلس الوزراء، ويتجنّب أي خطوة من شأنها أن تشكل استفزازاً لأي طرف. وشدّدت المصادر ذاتها، على أنّ العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية ترزح تحت وطأة توتّرات ومقاربات متناقضة، لاسيّما سبب الأزمة الراهنة الجوهري والمتمثّل في ملف التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :