تعتبر المضادات الحيوية من الأدوية الفعالة، في حال استخدامها في شكل صحيح، للقضاء على الجراثيم الممرضة التي تحاول إثارة الالتهابات في الجسم والنيل من دفاعاته. لكن هناك عادة منتشرة على نطاق واسع تقضي باستخدام المضادات الحيوية عند كل نوبة رشح، وهذا خطأ فادح لا يجوز السكوت عنه لأن سبب الرشح فيروسي، بالتالي لا أثر للمضادات الحيوية على الفيروسات، لا من قريب ولا من بعيد، من هنا حري بنا توفير استخدام هذه المضادات لوقت الحاجة إليها فعلاً. إن استعمال المضادات الحيوية في غير محلها يتمخض عنه ثلاثة مفاعيل أساسية: الأول حدوث خلل على صعيد التوازن الجرثومي في الجسم، فالمضادات الحيوية لا تضرب الميكروبات الضارة فحسب، بل تصيب أيضاً الجراثيم النافعة التي تقدم خدمات جليلة للجسم لا يمكنه الاستغناء عنها، كونها تساعده على قيامه بعمله على الوجه الأكمل. أما المفعول الثاني فهو إمكان الإصابة بردود فعل تحسسية مفرطة قد تكون عنيفة للغاية ومهددة للحياة، إذ تنتاب الشخص زوبعة من العوارض الشرسة قد تنتهي بالوفاة. يبقى المفعول الثالث المتمثل في بروز مشكلة المقاومة الجرثومية تجاه المضاد الحيوي المستعمل وهذه مشكلة عويصة، إذ يصبح المضاد قليل الفاعلية في القضاء على الجرثومة المسببة للمرض، ما يمكّنها من تحقيق مآربها في تثبيت جذور المرض من دون التمكن من السيطرة عليه أو الشفاء منه. إن الإسراف في استعمال المضادات الحيوية ساهم في جعل بعض الأمراض أكثر مقاومة للمضادات الحيوية في أنحاء كثيرة من العالم، وقد لعب انخفاض أسعار تلك المضادات دوراً في تشجيع المرضى على تكرار استخدامها، خصوصاً أنه يمكن الحصول عليها في الكثير من البلدان من دون وصفة طبية، وهذا في حد ذاته نوع من الإهمال وعدم المبالاة بالصحة.
مشاركة :