هل العقل العربي عاجز عن إنتاج المعرفة الفكر العربي يدور بين إعمال المعرفة الغربية في البيئة العربية، أو محاولة تأصيلها في التراث العربي القديم. لماذا لا ينتج العرب المعرفة؟ ولماذا تغدو المثاقفة عندنا مجرّد أخذ عن الفكر الغربي دون مساهمة في المعرفة الإنسانية إلا بالقدر الذي نستدعي فيه المعارف والمناهج الغربية لنطبّقها على مدوّناتنا وواقعنا مع ما في ذلك من مزالق منهجية ومفارقات تاريخية وثقافية؟ أو بالقدر الذي تحضر فيه الترجمة بوصفها فعلا تواصليا، وجسرا بين الثقافات والأفكار، وقناة للتعريف بالمفاهيم والمقولات الغربية ونقلها تباعا إلى الساحة العربية المستقبِلة؟ لماذا لا ننتج نظريّات خالصة في علم النفس، وعلم الاجتماع، والفلسفة، والنقد الأدبي، والفيزياء النظرية، وفلسفة الاقتصاد، والعلوم الطبيّة، والقانون الجنائي ..(…)؟ ولا نسمع بمنظّرين عرب “محدثين” في علم النفس مثل فرويد ويونغ، وفي علم الاجتماع مثل دوركايم وماركس، وفي الفلسفة مثل هيجل ونيتشه، وفي الفيزياء النظرية مثل نيوتن وآينشتاين، وهكذا في أغلب العلوم والمعارف والفنون؟ هل العقل العربي عاجز عن إنتاج المعرفة؟ وهل هناك عقل عربي وعقل غربي؟ لماذا لا ينتج العرب المعرفة؟ ولماذا تغدو المثاقفة عندنا مجرّد أخذ عن الفكر الغربي دون مساهمة في المعرفة الإنسانية إلا بالقدر الذي نستدعي فيه المعارف والمناهج الغربية لنطبّقها على مدوّناتنا وواقعنا مع ما في ذلك من مزالق منهجية ومفارقات تاريخية وثقافية؟ أو بالقدر الذي تحضر فيه الترجمة بوصفها فعلا تواصليا، وجسرا بين الثقافات والأفكار، وقناة للتعريف بالمفاهيم والمقولات الغربية ونقلها تباعا إلى الساحة العربية المستقبِلة؟ لماذا لا ننتج نظريّات خالصة في علم النفس، وعلم الاجتماع، والفلسفة، والنقد الأدبي، والفيزياء النظرية، وفلسفة الاقتصاد، والعلوم الطبيّة، والقانون الجنائي ..(…)؟ ولا نسمع بمنظّرين عرب “محدثين” في علم النفس مثل فرويد ويونغ، وفي علم الاجتماع مثل دوركايم وماركس، وفي الفلسفة مثل هيجل ونيتشه، وفي الفيزياء النظرية مثل نيوتن وآينشتاين، وهكذا في أغلب العلوم والمعارف والفنون؟ هل العقل العربي عاجز عن إنتاج المعرفة؟ وهل هناك عقل عربي وعقل غربي؟ يمكن أن يشتمل مصطلح “إنتاج المعرفة” على مطلق البحث والإنتاج العلمي، وهذا هو الاستعمال الأكثر شيوعا وتداولا في الأوساط الأكاديمية، لكنّ هذه القراءة تفترض أن هذا المصطلح ينبغي أن يتّجه إلى جزء محدّد من البحث العلمي، وهو الجزء القاعدي أو الأصولي؛ فالذي يطبّق مثلا التداوليات على اللغة العربية أو يحاول أن يجد لها أصولا في المعرفة اللسانية التراثية لا ينتج المعرفة بل يستوعبها ويفعّلها، والذي أنتج المعرفة التداولية – هنا- هو أوستين وبول جرايس. وإنتاج المعرفة تحديدا هو ابتكار النظريّات والمناهج العلمية، وتأسيس المدارس والاتجاهات الفلسفية والنظرية عموما التي تفهم الواقع والتاريخ والطبيعة والإنسان وتستخرج قوانين هذه الكليّات وتفسّرها، وتضع المعرفة شرطا وجوديا ومنهجيا للوعي بالخطابات والمنظومات الشاملة. وهذا كلّه أو جلّه ليس من خصائص الفكر العربي الحديث، فنحن لم ننتج الفلسفات التحليلية ولا التأويلية، ولم نبتكر السيميائيات والبنوية والنظرية النسبية وميكانيكا الكم، لكننا فهمناها فهما مداره التأويل ثم أعملناها في واقعنا بتواشيح مختلفة. ولا يمكن أن نمرّ بمصطلح “الفكر العربي” دون أن نشير إلى مسألتيْن تتعلّقان به: الأولى هي نسبة الفكر إلى الثقافة العربية، والثانية هي إشكالية المفارقة أو المطابقة بين العقل العربي والعقل العربي، ثم صلة هذا إجمالا بإنتاج المعرفة. فالذي يظهر لي أن نسبة الفكر إلى العرب لا يكون إلا مجازا، وفي حالة الحقيقة يكون بنسبته إلى أفراد الباحثين العرب لا إلى الثقافة العربية، لماذا؟ حينما كتب أركون عن الفكر الإسلامي كان أدق – من وجهة نظري – من الذين كتبوا عن الفكر العربي من أمثال محمد عابد الجابري؛ لأن الفكر الذي نشأ في العصر العباسي وما قبله بقليل ثم ما بعده بقليل، والفكر الذي نشأ في العصر الحديث هو فكر إسلامي وليس عربيا، فالباعث المنهجي على صدور هذا الفكر هو الدعوة الإسلامية وقيمها والقضايا المنهجية والإشكالية التي أنتجتها، والمدارس والاتجاهات القديمة والحديثة يدور أكثرها حول هذه الأصول، فالفرق الكلامية سمّيت كذلك؛ لأن كل واحدة منها تعصّبت (بتعبير العقائديين) لعقيدة إسلامية كتكفير مرتكب الكبيرة (الخوارج)، والمنزلة بين المنزلتيْن (المعتزلة)… وكذلك الأمر بالنسبة إلى قضايا مثل الموقف من اللغة والعلوم اللسانية القديمة وهكذا. عبدالجبار ربيعي كاتب جزائري
مشاركة :