منذ أن شاهدت الدماء تسيل من دماغ طفلة لم تتجاوز بعد السنوات الأربع، نتيجة تعرضها لحادث سير، وأنا أفكر بكيفية تجنيب مرتادي الطريق خطورة الوقوع فريسة الحوادث». يقول أمجد الحجايا. وكانت عائلة الطفلة تستقل سيارة على الطريق الدولي الذي يوصل بين عمان ومنطقة الدرة شمال المملكة العربية السعودية والمعروف بـ «الطريق الصحراوي» حين تعرضت لحادث سير. ويضيف الحجايا إن «الحل كان بالنسبة إلي بعد طول تفكير يكمن في البدء عملياً بإصلاح الطريق، وعدم انتظار وعود المسؤولين التي لم تنقطع منذ أكثر من 15 عاماً، باقتراب طرح عطاءات لإصلاحه». ويعاني الطريق الذي يمتد على أكثر من 300 كلم ويربط بين العاصمة عمان ومدينة العقبة السياحية المنفذ الوحيد للأردنيين على البحر الأحمر، والذي يشهد كثافة سير عالية على مدار الساعة من كثرة الحفر والمطبات الناجمة عن التشققات وقدم المادة المعبدة بها. بيد أن الحجايا يشير إلى أن معضلة كبيرة تبدت أمامه كالصخرة، عندما اكتشف كم أن ما يفكر به باهظ الكلفة، خصوصاً أن الطريق طويل جداً. ويشير إلى أن هذه المعضلة أخرت خطواته الحقيقية نحو إصلاح الطريق شهوراً عدة، ولكنها لم تفتر من حماسته في البحث عن وسائل لتحقيق حلمه. وأخيراً لم يجد الحجايا غير إطلاق مبادرة تحت اسم «شباب الحسين» نسبة إلى العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال، ليستثير الهمم ويجد الحماسة المطلوبة لمساعدته من قبل شباب بلدته «القطرانة». ويشير إلى أن المبادرة وجدت صدى ممتازاً لدى أهل البلدة، فأعلن العديد من الشبان انضمامهم إلى العمل التطوعي ضمن المبادرة فيما تبرع العديد من الميسورين في البلدة بمبالغ مالية. غير أن الأموال التي تمكنت المبادرة من جمعها تعتبر ضئيلة قياساً إلى ما يحتاجه طريق دولي مثل «الصحراوي» لإعادة تأهيله، فقرر الحجايا وعدد من الشبان الذين انضموا إليه ضمن المبادرة البدء بتأهيل الطريق من الجزء الذي يمر من البلدة فقط. ويشير الشاب إلى أن أحلامه بوقف مسلسل الحوادث على الطريق بدأت تحقق على أرض الواقع، عندما بدأ الشبان، ومعظمهم من طلبة الجامعات والمهندسين بالتعاقد على شراء مادة الزفت، ومحاولة إغلاق الحفر والتشققات التي يحاول السائقون الابتعاد عنها بطريقة مفاجئة ما يعرضهم لخطر الانقلاب وفقدان السيطرة على المركبة وارتكاب حوادث مميتة. وأشار إلى أن كلفة صيانة الطريق بلغت حتى الآن زهاء ألف وخمسمئة دولار، جمعت من الشبان المتطوعين ومن بعض المتبرعين الذين تهمهم المصلحة العامة، خصوصاً داخل بلدتهم, علماً أن وزارة الأشغال العامة لم تجر أية صيانة للطريق منذ سنوات، وهي بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة. وقال الشاب بكر الحجايا الذي شارك أيضاً في عملية إصلاح الطريق، إن الشبان من سكان البلدة الواقعة على الطريق الصحراوي كانوا يرقبون بحزن وفي شكل يومي حوادث سير قاتلة على الطريق، ولا يعرفون ما يصنعون من أجل تخليص الناس من هذه الكارثة، على رغم معرفتهم بسبب هذه الحوادث، وهي الحفر والمطبات. وأشار إلى أن الشبان تلقفوا المبادرة بكل شغف، لأنهم اعتبروا أنهم وجدوا ضالتهم أخيراً، موضحاً أن الكثير من شبان البلدة استخدموا الإنترنت للحصول على معلومات في كيفية إصلاح الشوارع المهترئة، وهي عملية إصلاح مستمرة لحين الانتهاء من المناطق القريبة من بلدتهم، مشدداً على ضرورة تكاتف الجميع للعمل على صيانة الطريق. وقال علاء المعايطه من سكان محافظة الكرك التي تتبع لها بلدة القطرانة إن حالة الطريق الصحراوي، خصــوصاً في بعض المناطق أصبحت لا تحتمل، لكثرة الحـــفر والمطـــبات الخطرة، لافتاً إلى أن الساــئقــين والركــاب الذين ينجون من الوقوع بالحوادث، يصيب مركباتهم التلف بسبب كثرة الحفر، وطالب الجهات المعنية بالعمل على وقف النزيف الذي يحدث للمواطنين من كثرة الحوادث. من جانبه يؤكد وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس سامي هلسه أن وزارة الأشغال العامة والإسكان ستقوم بإعادة تأهيل الطريق الصحراوي على مراحل، موضحاً أن المسافة التي سيتم إصلاحها وصيانتها تبلغ 200 كلم وتمتد من مطار الملكة علياء الدولي إلى منطقة النقب من خلال 5 عطاءات.
مشاركة :